الكل خارج المملكة يتابع وبشغف التنافس الداخلي بين التيارَيْن الليبرالي والإسلامي، وباعتراف يصاحبه كامل قواي العقلية والجسدية فإني سعيد بوجود تنافس بين أقطاب عدة واضحة المعالم؛ وذلك استنادا إلى تجارب خارجية أثبتت في كثير منها أنها تصب داخل نطاق المصلحة العامة؛ لأن التنافس على خدمة التوجهات وكسب الرهان مقترن بنجاح تلك التوجهات في خدمة الوطن والمواطن.
ومن خلال التوسع الإعلامي في نقاش معالم الحركة الليبرالية وتضادها مع "الحركات" الإسلامية، التي تمثل توسعاً حركياً داخل أحزاب، وإن كانت غير واضحة في تخصصها بسبب فطرة المجتمع الإسلامية، أو مجاميع تختلف في توجهاتها وإن كان الرابط العام لها هو مرجعية واحدة هي القرآن والسنة النبوية، أجد أنه ليس هناك بصيص أمل أو حتى حلم، وإن كان يصنف من أحلام اليقظة في استكشاف ما يخدم المواطن.
في البدايات كانت الحركة الليبرالية أكثر تنظيماً وإن كانت أقلية بالنسبة إلى مجاميع المجتمع الأخرى، وهذا كان بمثابة الوقود الذي تستمد منه قوتها؛ حيث الأحداث التاريخية دائماً ما كانت تثبت أن الأقليات هم في الغالب يصنعون ما يريدون؛ لذلك كانت لهم الغلبة في كثير من الأحيان، خاصة في التحكُّم الإعلامي وتوجيهه حسب ما يخدم ما يرونه مناسباً لتوجهات الليبرالية، ولكن يبدو أن انتساب الصالح والطالح لهذه الحركة قد أثر فيها كثيراً، خاصة بعد التوسع الفكري لشرائح المجتمع الأكثر تمسكاً بتعاليم الإسلام ومنهجه الأكثر حماية للفرد، الذي أصبح أكثر وعياً وبإمكانه أن يربط ما يسمعه بما يراه على الواقع، وهذا النوع من التوجه الفكري أستطيع أن أقول إنه أصبح سمة سائدة بسبب التشعب الإعلامي الذي يجعل الفرد منا أكثر شمولية في طرح ونقاش واتخاذ القرار بما يناسب الواقع الذي نعيشه، وهو ما لم يكن موجوداً قبل سنين عديدة.
أهم الإشكاليات الآن هي عدم قدرة البعض على فَهْم وإدراك توجهات أي حركة فكرية في المجتمع السعودي، خاصة لدى عدد قليل من الطلبة المبتعثين الذين منهم من تغير سواء سلوكياً أو ذهنياً، مستنداً بذلك إلى أفكار دخيلة على قيم ومبادئ المجتمع بحجة عصر الانفتاح والعولمة، وكأن إدراكه لأفكار بعض الحركات الفكرية ما هو إلا فقط ما يناسب الأهواء والغريزة الجنسية فقط، وذلك نتيجة لتشتت ذهني يدفع صاحبه إلى إشباع رغباته دون التركيز على الهدف الأسمى وهو التحصيل العلمي والتميز البحثي؛ لذا تأجُّج الصراع ما بين التيارات المختلفة على مشاكل هامشية في تقدم المجتمع ورقي أفراده قد لا يخدم شرائح كثيرة وكبيرة يعوّل عليها مستقبلاً في إتمام مسيرة التقدم للمجتمع؛ فتوجيه التنافس لخدمة ما يرقى بالمواطن مادياً وصحياً وعلمياً هو ما نتطلع إليه ونحلم به
منقول من الكاتبه غدير الشمري