الكي الحراري ينهي آلام العصب الخامس الحادة

[عذبة الاوصاف]

تعاني الألمانية أورسولا تزفيركشيه (83 عاماً) ما يعرف بآلام العصب الخامس، منذ 24 عاماً، وتصف ما كانت تشعر به جراء هذه الحالة قبل أن تعالج منها بقولها: “أشعر بألم شديد يشبه آلام الصدمة الكهربائية في وجهي عندما ألمسه ثم ينتقل الألم إلى مناطق مختلفة في وجهي ما يتسبب بتشنج في مناطق الألم” .

وتقول: “كانت تنتابني نوبة الألم بشكل مفاجئ ومن دون إنذار وتستمر للحظات أو أكثر، ومن الممكن أن تتكرر مرات عدة يومياً، ما يعيقني عن مزاولة نشاطاتي اليومية، وفي تلك اللحظة أشعر بالعجز كأنني مقيدة بسلاسل، وعلي أن أنتظر طويلاً حتى يخف الألم من تلقاء نفسه، وقد يستغرق ذلك ساعات أو أياماً ولا أستطيع حينها فعل أي شيء” .

يعزو الدكتور تورستن نوبات اختصاصي الأعصاب في المستشفى الجامعي في كولونيا الألم الذي تعانيه أورسولا إلى إصابتها بما يعرف “التهاب العصب التوأمي الثلاثي” أو ما يسمى بالعصب الخامس (Trigeminal nerve)، وهو عصب مختلط من الأعصاب القحفية يحمل أليافاً حسية وحركية، وهو المسؤول أساساً عن التغذية الحسية للوجه والتغذية الحركية لبعض عضلات المضغ والكلام .

وتعد آلام العصب الخامس الأسوأ في شدتها على الإطلاق، وهي تحدث للنساء أكثر من الرجال، وعادة ما تكون بين العقدين الرابع والخامس من العمر ولا يستطيع المريض معها ممارسة أبسط أموره الطبيعية .

وتظهر إحصاءات غربية أن آلام العصب الخامس قد تؤدي في بعض الحالات إلى إيذاء النفس من شدة وقوة الألم في الوجه . فأثناء النوبة، التي تأتي في أي وقت ومن دون إنذار، ينتفض المريض برأسه كأنه تعرض لصاعقة شديدة، ويكون الألم شبيهاً بالصدمة الكهربائية على جانب واحد من الوجه (غالباً الأيمن) أو في حالات نادرة على الجانبين . وقد تستمر النوبة لحظات أو أكثر، وقد تتكرر مرات عدة في اليوم الواحد مما يعيقه عن مزاولة نشاطاته اليومية، وقد لا يستطيع الكلام أو المضغ .

وعن أسباب هذا الألم، ترى بعض الدراسات أنه قد يكون ناجماً عن ضغط على الجذع الرئيسي للعصب الخامس أو أحد فروعه، إما بورم (حميد أو خبيث) أو شريان دموي أو زائدة عظمية، أو نتيجة لتغيرات في تكوين العصب الخامس بسبب عدوى مثل إصابة الحلائي Post herpetic neuralgia أو من دون سبب معروف Idiopathic . وكل هذه المسببات تحدث بؤراً مرضية نشطة في العصب وتعطي إشارات مستمرة أو متقطعة إلى المخ، ويستقبلها المريض كآلام تشبه الصدمات الكهربائية في الوجه . وتكون هذه الآلام عادة على هيئة صدمات كهربائية متقطعة ولمدة قصيرة، ونادراً ما تكون مستمرة لمدة طويلة . ويتم تحفيزها أو اثارتها بمؤثرات خارجية مثل: حلاقة الذقن، وضع أدوات تجميل على الوجه، وضع غطاء على الوجه، المضغ، الكلام، تنظيف الأسنان، ضغط أو لمس مناطق معينة بالوجه، التعرض لتيار هوائي أو الدخول إلى غرفة مكيفة لكن الدكتور تورستن نوبات اختصاصي الأعصاب الألماني في المستشفى الجامعي في كولونيا يؤكد من جانبه أن أسباب التهاب هذا العصب الثلاثي مازالت غير معروفة تماماً .

ويعتمد علاج هذه الحالة في الأغلب على العلاج الدوائي لمنع بؤر الألم من إرسال إشارات إلى المخ، وذلك بأدوية تعمل على تهدئة بؤر الألم، وبالتالي تقلل من عدد النوبات، علماً بأن هذه الادوية تستخدم أيضاً في علاج الصرع، وأخرى تستخدم لعلاج الاكتئاب، وثالثة لتنظيم ضربات القلب .

كما يمكن استخدام المسكنات المورفونية أو غير المورفونية وإن كانت غير مفيدة في أغلب الأحيان . ولذلك يجب توعية المريض بهذه الأدوية وطريقة عملها حتى لا يقلق عند قراءة وصفة الدواء .

وفي حالات أخرى يتم اللجوء إلى العلاج الجراحي بواسطة جراحي المخ والأعصاب، وذلك بعملية جراحية عن طريق الجمجمة لإزالة الضغط أو الاحتكاك عن جذور العصب الناتج عن ورم . وفي حالة تعذر إزالة الورم وخاصة الخبيث، إما للصعوبة أو الخطورة أو لكليهما، يقوم طبيب علاج الآلآم بالتدخل بحقن مواد كيميائية كالفينول لتذويب جذر العصب لإزالة الآلام فقط وليس لعلاج الورم . أما في حالة الضغط أو الاحتكاك بوعاء شرياني أو بروز عظمي، فتتم إزالة الضغط جراحياً، ولكن هذه العمليات تحتاج إلى مراكز طبية متخصصة وخبرة ومهارة فائقة لجراحي المخ .

وهناك علاج آخر بالتدخل اللاجراحي يجرى بواسطة طبيب متخصص في علاج الآلام . ويتم بإدخال إبرة خاصة عن طريق جلد الوجه بواسطة تخدير موضعي من دون شق جراحي، وعندما تصل الإبرة إلى جذر العصب تستخدم طرق كثيرة لعلاج العصب كحقن مادة كيميائية أو عن طريق إدخال بالون، أو بالتبريد أو بالحث الكهربائي أو بالتردد الحراري أو الكهرومغناطيسي .

وفي ألمانيا تستخدم هذه عملية الإبرة حالياً للعلاج بالكي الحراري .

ويوضح الدكتور تورستن أن الكي الحراري يعد من أحدث الطرق المتبعة في علاج التهاب “العصب التوأمي الثلاثي” . وتعتمد هذه الطريقة على استخدام تقنية أشعة إكس لإدخال الإبر في الجلد والوصول إلى مصدر الألم في العصب . وبذلك يتم تدمير الخلايا العصبية التي تسبب الألم بالحرارة . وقد اتبع الدكتور تورستن هذه الطريقة في علاج أورسولا بعد أن فشلت الأدوية في علاج حالتها .

ويضيف موضحاً: “أساس هذه الطريقة يعتمد على كي نواة العصب . نحن نتلف ونكوي الهياكل التي توصل الآلام وتنتجها” .

وقال: “هذه العملية تستغرق 20 دقيقة يستطيع المريض بعدها استعادة حياته الطبيعية من دون خوف أو قلق من نوبات الألم”، مشيراً إلى أن أورسولا تمكنت بعدها من ممارسة حياتها بشكل طبيعي كالتنزه والذهاب إلى الأوبرا بعيداً عن الآلام الشديدة التي كانت تنتابها .

[الدوسـي]

[محمد الساهر]

مع تمنياتنا للجميع بالصحة والعافيه
وجزاك الله كل خير والف شكر الله يعطيك الف عافيه كما اتمنى لك الفائدة