.
.
السلام عليكم
جميلٌ أن تهتم أمةٌ أو دولةٌ بثقافتها وتحاول إبرازها معتمدةً في ذلك على شيءٍ مما وصلت إليه ثورة الإتصالات والفضاء واستغلال الإعلام المرئي تحديداً لهذه الغاية
لكن ما ليس بجميل ولا مقبول أن تختار لهذه الغاية السامية من ليسوا على قدر من الأهلية للإضطلاع بها كمسؤولية ، فالنتيجة حينها ستكون عكسية وستظهر هذه الأمة أو تلك الدولة بمظهر مخزٍ لا يليق وتجعلها محط سخرية الآخرين وتندرهم
استبشرنا ( بل استبشرت أنا ) خيراً بظهور قنوات سعودية متخصصة ، للقرآن والسنة والإقتصاد والثقافة , ولئن رضينا وقبلنا بهيئة ومظهر ومضمون الأوليين منها رغم بساطتهما واعتمادهما على نقل حي مباشر على مدار الساعات مصحوب بتلاوات قرآنية لقناة القرآن وأحاديث لقناة السنة المطهرة مع نقل دائم للشعائر والفرائض من الحرمين الشريفين فذاك لأن الغاية الدنيا منهما قد تحققت والأخطاء فيهما ستكون قليلة إن لم تكن معدومة فلا اجتهاد في عملهما وإظهارهما على ذلك النحو .. مجرد بث صورٍ حية يرافقها بث صوتي إذاعي يسُهل التحكم به .. بل وتدارك أخطائه ..
لكن ماذا عن الأخريين ؟؟!!
الإقتصادية هامشية يتداخل دورها مع برامج الإقتصاد بالقناة الأولى والإخبارية وذات صبغات مكرورة مستكلهة .. ولا ضوابط ولا أدوات مفترضة لما يجب أن تكون عليه فالمهم إيصال أخبار عن الحركة والنشاط الإقتصادي والتجاري حتى وإن جاء بلغة الصم .. !!
نأتي للأخرى ( الثقافية ) وهي الأهم بينها ليس كمضمون قد نقدم معه وعليها قناتي القرآن والسنة لاعتبار أننا شعب مسلم متدين وإلى الروحانية أقرب ونعيش في بلدٍ هي مهبط الوحي ومركز الإسلام ، ولكن كأدوات تشرف على عمل هذه القناة لتظهرها بمظهر ملائم ( مفترض ) يعكس مدى ما وصلت إليه ثقافة المواطن السعودي وتمكنه كمُخْرَجٍ ونتاجٍ متوقعٍ لعقود من التعليم الحديث والمتطور خرّج أجيالاً وأجيال ..
كلمة "ثقافة" عامة في معناها ولكنها حين التخصيص تأخذنا وترسوا بنا على شواطيء بحور الأدب واللغة المختلفة وترتبط ( بدهياً ) بصفوة المجتمعات " ثقافياً " ممن وصلوا درجةً عالية متقدمة في مجالي اللغة والأدب ..
أنا مشاهد عربي من السودان ، من مصر ، من المغرب أو من العراق ، مهتمٌ جداً بالنواحي والتظاهرات والأنشطة الثقافية في الوطن العربي بأكمله ، قد أكون معجباً بالتجربة السعودية والحراك الأدبي والثقافي بها .. سُررت بظهور هذه القناة ، في إحدى الليالي .. وفي وقت فراغي شاهدت برنامجاً عبارةٌ عن حوار ثقافي حي ومباشر لأشخاص يُفترض بهم أن يكونوا من النخبة الثقافية السعودية ليظهروا على هذه القناة ( المشاهدة من كل الدنيا ) لمناقشة موضوع اختاروه : ( تقافةُ المرأةِ بين التقليدِ والتغريب ) ..
في ثورة اندماجي مع هذا البرنامج صُدمت لوهلة ومع أول دورة للنقاش بأحد الضيوف ( يحمل شهادة دكتوراااااة في الأدب وذو منصب في أعرق جامعات المملكة بكلية الآداب ) يعجز ـ ويا للهول ـ عن نطقِ جملة واحدة فصيـــــــــــــــحة فأخال نفسي أشاهد برنامجاً عن ( مضارب البادية ) أو لقاءاً مع أحد بائعي التمور في مدينة بيشة جنوب السعودية ..
أتمالك نفسي متفائلاً خيراً في بقية الضيوف ، ومقدراً جهود القناة والقائمين على البرنامج ..
فجأة :
يظهر على شاشة القناة ( الثقاااااااااااافية السعوودية ) عنوان الحلقة والندوة والمقامة برعاية ( النادي الأدبي) بالرياض فيغمى علي وأنا أحاول الإمساك بطيف صورةٍ جميلة كانت في مخيلتي عن آصل بلاد العرب وموطن لغة الضاد مولداً وثورةً وهي تتفلت مني وتتلاشى ..

سويعات وأستفيق ، أُجري اتصالاً سريعاً بأحد أصدقائي السعوديين وهو عضو بمنتديات زهران لأحكي له القصة بل الفاجعة والفضيحة ، يأخذ مني طرف الحديث على استحياء ، يحاول التعليق ، يتلعثم ، يصمت ، ثم يعتذر ، وفي مشهد تخيلي ، كأني به من وراء سماعة الهاتف يطأطيء رأسه وحمرةُ ( خجلٍ ) على وجنتيه .. وبصوتٍ هامسٍ رخيمٍ غير مسموع ..
يقول لي : أي صديقي العربي ، هل لي من رجاءٍ عندك ؟؟
أجيبه : نعم .. بل ويسرني ذلك ..
صديقي السعودي : ( أُستر ما واجهت )
تحياتي
==
أعتذر إن لم يكن العنوانُ ملائماً