رد: احذري السيئات الجارية الباقية لبعد الممات
علامات التوبة النصوح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن حاجة المسلم اليوم تكمن في حاجته إلى أن يعود إلى ربه عودة صادقة وأن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحة فإن الله تبارك وتعالى قد فتح باب التوبة على مصراعيه وجعله باباً واسعاً ولا يغلق هذا الباب إلا في موضعين :
1. الموضع الأول عند القيامة الصغرى للإنسان.
2. والموضع الثاني عند القيامة الكبرى للإنسان.
أما القيامة الصغرى فإذا بلغت الروح الحلقوم عند الغرغرة وإما القيامة الكبرى فإذا طلعت الشمس من مغربها ولعلي أن أبين لكم وأسأل الله تعالى التسديد والتوفيق أبين لكم كيف تكون التوبة نصوحاً تكون التوبة نصوحاً بأمور كثيرة أذكر منها ثلاثة عشر أمراً :
الأمر الأول الإنابة إلى الله تبارك وتعالى أي العودة إليه عز وجل والإقبال عليه فإن كل من تخافه من الناس تهرب منه أما الله تعالى فإنك إذا خفته هربت إليه والله تبارك وتعالى قد وعد التائبين بالتوبة وعدهم بمغفرة الذنب ووعدهم بتبديل سيئاتهم حسنات وأحبهم وفرح بتوبتهم ووعدهم بالجنة ولذلك يقول الله تبارك وتعالى وأنيبوا إلى ربكم وقد وسع الله تعالى باب التوبة إذ أن سعته مسيرة سبعين سنة كما يقول صلى الله عليه وسلم للتوبة باب في المغرب مسيرة سبعين سنة ولا يزال كذلك حتى تطلع الشمس من مغربها.
الأمر الثاني الاستسلام لله تبارك وتعالى وذلك بالانقياد له سماع أمره فيأتمر العبد وسماع نهيه فينتهي العبد وسماع خبره فيصدق العبد وسماع حكمه فيطبق العبد وإذا أراد العبد أن يعرف صدق توبته فلا بد أن ينقاد لما أراد الله تبارك وتعالى أين ما يقوله الكثير ممن يدعي التوبة ولم نجده منه استسلاماً ولا انقياداً وإنما لا تزال الجوارح عنده تواقع الذنوب والمعاصي لا بد أن يدلل على صدق توبته وعلى نصح توبته أن يدلل باستسلامه وانقياده لأمر ربه تبارك وتعالى فإن هذا أمر مطلوب ها هي المرأة الغامدية رضي الله عنها عندما واقعت الزنا جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسلمت نفسها من اجل أن يطهرها وأن يرجمها وقالت يا رسول الله طهرني لقد زنيت فأعرض عنها قالت أتريد أن تردني كما رددت ماعز ابن مالك فقال عودي حتى تضعي حملك فبقيت مدة الحمل وهي تعاني من ألم هذه المعصية ولربما كان اليوم عندها كشهر ولربما كان أكثر أو في تصورها أكثر من ذلك فلما وضعت جاءت بابنها وهو ملفوف في خرقة وقالت طهرني يا رسول الله قال عودي فأرضعيه فوجدت بعودتها وإرضاعه ألماً شديداً في طول المدة لأنها تريد التطهر وبعد سنتين جاءت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده كسرة خبز وكأنما تقول أما الآن فقد قام الدليل وطهرني يا رسول الله فرجمها قال عمر رضي الله عنه يا رسول الله كيف ترجمها وتصلي عليها قال لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم فهاهو استسلام من هذه المرأة سلمت نفسها من أجل أن تتطهر من الذنب تائبة إلى الله عز وجل.
الأمر الثالث اتباع الكتاب والسنة فإن الخير كل الخير في الأخذ منهما وما إن تمسك العبد بهما إلا وسعد في الدنيا وسعد في الآخرة ولن يضل مادام تمسكه بهما يقول الله عز وجل عن هذه الثلاثة الأمور قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون .
الأمر الرابع الإيمان والإيمان يقتضي منا أموراً نبينها في أنه يقتضي صلاح الظاهر وصلاح الباطن وفتح أبواب الطاعة وغلق أبواب المعصية والصدق مع الله تبارك وتعالى
الأمر الخامس العمل الصالح إذا أراد العبد أن يكون تائباً فلا بد أن يقدم عملاً صالحاً يرضي به الله تبارك وتعالى ويهزم به النفس الأمارة بالسوء ويخالف به الشيطان ويسيطر به على الهوى ويخالف به الشهوة ليكون بذلك صادقاً فإن العبد لا بد أن يعمل ولكن يجب أن يكون العبد يعمل عملاً صالحاً ينجو به بين يدي الله تبارك وتعالى والله تعالى وظفنا في هذه الحياة الدنيا بوظيفة وهي العمل الصالح والعمل الصالح هو خير زاد وهو خير لباس وهو الميزان للعبد وهو الحياة الطيبة وهو الرفيق عند الضيق وهو السعادة في الدنيا والآخرة.
الأمر السادس طلب الهداية بأسبابها فإننا نسأل الله تعالى في كل ركعة من ركعات الصلاة ونحن نقرأ سورة الفاتحة نقول اهدنا الصراط المستقيم فإذا سألنا الله عز وجل الهداية إلى الصراط المستقيم فلا بد أن تبذل الأسباب في طلب هذه الهداية يقول الله تبارك وتعالى وإني لغفار لمن تاب وأمن وعمل صالحاً ثم اهتدى .
الأمر السابع دوام التوبة لماذا نقول بدوام التوبة نقول بدوام التوبة لأن الذنوب كثيرة ولأننا نواقعها في الليل والنهار ولأن الغفلة قد سيطرت على الناس ولأن الإنسان محفوف بالمخاطر إذ يأتيه الشيطان من كل جانب ولكثرة قرناء السوء فلذلك لا بد من دوام التوبة لأن دوامها أمر مطلوب .
الأمر الثامن استعجال التوبة لا يؤخر الإنسان التوبة بل يجب عليه أن يستعجلها لماذا لأن الأجل مجهول فلا ندري متى يكون الأجل لربما كان قريباً ولربما كان بعيدا وما دام الأمر مجهول فينبغي أن نستعجل التوبة ولأم الأعمال بالخواتيم فلا يدري العبد ما الذي يختم له هل يختم له بخير أم يختم له بشر وإن العبد يبعث من قبره على ما قبضه الله تبارك وتعالى عليه ونستعجل التوبة كذلك لأن المرض إذا ترك حتى يستفحل أصبح علاجه صعباً وأما إذا عولج من أول الأمر كان علاجه سهلاً فينبغي أن يستعجل الإنسان التوبة .
الأمر التاسع إصلاح الماضي وذلك بالندم على فعل الذنب لأن الإنسان أذنب فيندم على فعله لذلك الذنب ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم الندم توبة وكان عتبة الغلام رحمه الله إذا مر بمكان من الأمكنة في اليوم الشاتي شديد البرودة الذي يتجمد فيه كل شيء حتى العرق فإنه كان إذا مر بهذا المكان الذي عصى الله فيه كان يتصبب العرق منه فيقول له الناس يا عتبة لماذا إذا مررت بهذا المكان في اليوم الشاتي يتصبب منك العرق قال لأنني عصيت الله في هذا المكان فإذا مررت به استحييت من نظر الله عز وجل إليّ ولذلك يندم الإنسان على فعله الذنب لأن هذا الندم مانع وحاجز له من الوقوع في الذنب مرة أخرى .
الأمر العاشر إصلاح الحاضر وذلك بالإقلاع عن الذنب ونجد أن الذي قتل مئة نفس لما ذهب إلى الراهب قال له لا أجد لك توبة فاستمر في عمله مع ذلك قال إذاً أكمل بك المئة فكمل به مئة نفس ثم سأل عالماً من العلماء فلم يقنطه من رحمة الله تبارك وتعالى وهو لم يقنط ولو قنط ما ذهب إلى العالم وما استشاره أو ما سأله فلما سأل العالم قال ومن يرد أو من يقفل باب التوبة دونك فما كان منه إلا أن أرشده إلى أن يذهب إلى بلد قد كثر فيه الصالحون قال ينبغي أن تسافر من أرض وقعت فيها في المعصية وتذهب إلى أناس يعينونك على طاعة الله تبارك وتعالى فذهب إلى تلك القرية فقبضت روحه قبل أن يصل إلى أهلها واختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب وكان أخر المطاف أن ملائكة الرحمة قبضت روحه فهذا يدل على وجوب الإقلاع عن الذنب في الحال والتعبير بالإقلاع بمعنى اقتلع الذنب ولا تبقي له أثرا.
الأمر الحادي عشر إصلاح المستقبل وذلك بالعزم ألا يعود إلى الذنب مرة أخرى وهذا يستدعي منه أن يكون صادقاً في توبته .
الأمر الثاني عشر الإخلاص لله رب العالمين فلا يريد بتوبته منصباً ولا جاهاً ولا مالاً ولا إرضاء أحد من الناس كائناً من كان وإنما يريد وجه الله تبارك وتعالى فإن العمل لا يقبل إلا إذا أريد به وجه الله .
الأمر الثالث عشر رد المظالم إلى أهلها قبل أن لا يكون درهم ولا دينار وإنما يكون التعامل بالحسنات والسيئات أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم للعمل الصالح وان يتوب علينا وعليكم توبة صادقة نصوحاً وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
منقول
فتاة الإسلام بارك الله فيك وجزاك الله كل خير
نتمنى الفائدة لجميع الأعضاء مما كتبت وأسمحي لي بهذه الإضافة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعديل الأخير تم بواسطة محمد الساهر ; 30-10-2010 الساعة 02:44 PM.
|