عرض مشاركة واحدة
قديم 25-11-2010, 10:08 AM   #9
براااق الحـــازم
 
الصورة الرمزية براااق الحـــازم
 







 
براااق الحـــازم is on a distinguished road
افتراضي رد: لانقـتـلني أيه البـــــوي ............ ( قصه )

.


.

[mtohg=undefined]http://www13.0zz0.com/2010/11/25/06/246873110.jpg[/mtohg]





تحرك المكان واضطرب داخل نفوسنا, لم يعد كل منا قادر على تحمل الاخر, استأذنتها في بعض شأني. قمتُ وانا الوم نفسي, هل كنت نرجسيا حد الانتصار لنفسي؟... هل جرحت شيء من نصوصها الغائبة؟
...قد يكون!

سرت بتثاقل نحو كونتر الصندوق ودفعت حساب الطعام وتبادلت بعض اللكمات الفارغة مع موظف الصندوق وعدة الى الطاولة بابتسامة صفراء وقطرات من العرق التي تفور من منابت شعر راسي.

كانت توشك السيدة "صفية" على المغادرة, وحملت بيمينها بعضً من المناديل التي كانت على الطاولة ..ثم وقفت في مكانها, وتشاغلت ببعض شؤن النساء؟

ـ شكرا سيد " مغير " على كرمك.. سوف ارك لاحقا.

لحضه غياب افتقدت فيها القدرة على التفكير, جلست في مكاني دون ان ابدي اهتمام لما قالت ..كنت ضعيفا في مقاومة الوسواس الذي رّكب مشاهد هذا الدقائق القصيرة.

ـ سيدة "صفية" ايهما اجمل تونس ام السويد؟

ـ اعتقد ان صحرائـُكم اجمل يا سيد " مغير "!

ـ ارجوكِ أن تجلسي ..

..فسوف اخبرك عن بلدي...علـّي اقتنع ان تلك الصحاري اجمل من السويد او تونس.

ـ اذا توافقـُـني الراي أن بلدك اجمل..؟

نعم اوفقك الراي سيدة " صفية " .

ـ ولما ياسيد "مغير"...!

ـ لأنك قلتي ذلك... ولأني متأكدٌ أن هناك حبيبا ً اقنعك بأن بلدي اجمل بلاد الدنيا...ترى هل كان ذلك العاشق "بدويا" مثلي يا سيدة صفية؟

مرت اخرى.. وكأنها لم تستفق من صدمتي سؤالي عن هوية " بطرس سعيد "!

يتهاوى كل كيانها الممتلئ وتحولت بكل ما تبقي من قدرتها نحوى, وكان الزمان رمى بثقله على صفحة صدرها الاهث.. حتي اني خشيت عليها سـّر تلك النظرة وذلك السكون المهيب.

جلست السيدة صفية في مقعدها, وخيالها في اقصى الظلمات يخفي حكايا الجمال المترف الذي يحلم به كل من عرف النساء.

سيد "مغير" هل تعرفني؟

ـ ابدا يا سيدتي الكريمة.. ليس لي شرف اللقاء بك او معرفتك قبل الان.

ـ ما الذي يغريك ان تقول هذه التفاصيل لشاني.

ـ انت ..التي بحتي بها.

ـ لمن.. بحت بها سيد "مغير"؟

ـ عزيزتي ...في غمرت حديثك كنت التقط كل تلك الاشارات من كلامك بعناية شديدة, وكنت ارهق نفسي في تفتيت وصياغة ما تقولينه من عربية مكسرة وما تضمنه صيغ الانفعال العنيفة التي تبدينها عند سماعك لسيرة اهل الخليج والبادية... استنتجت انك قد مررتِ بقصة ساخنة مع احد أبنا جلدتي السمراء.. هذا كل ما في الامر!


ـ لست ذكيا بما فيه الكفاية يا سيد "مغير"...لم يحدث شيء مما قلت, ولم امرُ بقصة حب ولم اعشق احد من ابناء جلدتك.

ـ اذا لماذا جلستي يا ســـيدتي؟؟

لا اعرف كثيرا عن مسار الشعيرات الدموية التي تحكم عقل المرأة ومشاعرها, لم اسأل نفسي من قبل عن حكم ماء العين هل هو طاهر ام طهور. ولم اكن اتوقع اننا يمكن ان نحمل في صدورنا بمئات المرات اضعاف ما تحمله النملة مقارنة بجسدها واجسادنا الهزيل, ولم يدر بخلدي ان الشلل الذي في القلوب يمكن ان يتفجر على اصداء الصور الباهتة...هذه الكيمياء الانسانية جديرة ان تترك دون بحث لأنها تفوق النيترونات في حركتها الضوئية فيستحيل حبسها في معامل التجريب والتنظير النفسي.

انفجرت السيدة " صفية " باكية بدموع حارة, وقد دست انفها في حفت المناديل الورقية التي كانت قد سحبتها حين همت بالرحيل. وكأني بها تنتظر ان يعتق الدمع شيء من روحها الاسيرة.

مرت اخرى تـُثـقل الدماء راسي, وتلجمني حيرة العاجز, فلم يكن لي طاقة بتحمل ما قبل هذه الدموع حتى اتحمل ما سيكون ما بعدها.

اعتذرت لها بوجل وعطف كبيرين. فلحظات العزاء في عرف المشاعر حدود فارقة بين موت وحياة وغياب وحضور, وقيد وحرية.

كم كان سطح تلك المائدة رحبا, وكريما حين ارتمى راس السيدة " صفية " على احد اطرافه.. وكأن موعد المرافعة وجمع الوثائق والعثرات قد ازف أوانها لحضه القصاص من عنف الصورة التي تكوي خيال المهاجرون من ريح الغربة والحرمان.

تغيرت ملامح البياض في وجهها ومال الى خليط من الوان الرمان والبنفسج, واشتدت حمرت البياض في عينيها منذرة بأخطار العدسات اللاصقة.

مددت يدي لأشد على يدها وكأني اواسي فيها منكسر من الكبرياء. ولم اكد المس يدها حتى انعطفت يدها على حقيبتها الصغيرة واخرجت علبة دواء زرقاء وتناولت حبه دواء من تلك العلبة, دون ان تكلف نفسها حتى طلب كوبا من الماء.

ـ اسفة يا سيد "مغير"...لكني قلت لك قبل ذلك اجد لي رغبة كبيرة للبكاء, لا تكترث ارجوك..

.. اسمح لي بالمغادرة ـ فهذه الادوية قد تضر بعيني ويجب ان اخلع هذه العدسات.

ـ هل ستحضرين توزيع الجوائز هذه الليلة.

ـ لا لن احضر.. ابدا...

..فهناك حفلة لفرقة سويدية في " مجمع ساقية عبدالمنعم الصاوي ".. وسوف التزم بالحضور معهم.

سيد "مغير" هل ترافقني الى هناك؟

ـ احتفال توزيع الجوائز الفاسدة لا يستوجب عناء الحضورـ ولا استطيع ان ارفض هذا العرض ويسعدني ذلك يا "صفية".

ـ حسنا سيد "مغير" سوف نلتقي في لوبي الفندق عن الثامنة مساء.

ـ ان شاء الله.

غادرت السيدة "صفية " ـ بينما جلست مكاني اجمع ما تناثر من بقايا هذا اللقاء الجميل رغم ماحدث ـ لا اعرف كيف تم هذا اللقاء بهذا الصفة لكن كيف ماكان لقد كانت تلك السيدة قوية بما فيه الكفاية لتقنعني انها انسانة عصامية كافحت في بلاد الغرب بمفردها حتي اصبحت ذات شأن ـ فنانة تشكيلية وناقدة فنية حاذقة ـ حصلت على درجة الدكتوراه من احد الجامعات الفرنسية ـ تفرغت للفن والكتابة النقدية بشكل رفضت معه الانتساب الى أي عمل اكاديمي.

عـُدت الى الفندق وأنا استعيد لحظات هذا الصدفة التي جمعتنا منذ خروجها من القصر حتي وافقت على ركوب التاكسي. ثم ما حدث بعد ذلك على طاولة البيتزا. وتتزاحم التساؤلات في حقيقة ما يحدث. لم تنفك تلك الرغبة الجامحة تعاودني لمعرفة سر هذه المرأة الرائعة.

***
كنت حريصا على هندامي في هذه المرة..وقد حملت معي بعض المطبوعا ت الاعلامية التي تخصني ـ قد تعمق معرفت هذه السيدة بهذا " البدوي " البسيط.

تماما هذه المرة في موعدها ـ الثامنة مساء حضرت السيدة " صفية " وهي اكثر اشراقا وحسنا من ذي قبل, لم تـُظهر تلك الابتسامة المعتادة ولكنها كانت انيقة الى الحد الذي يقنع الاخرين انها تراهن على حضورها بين اجمل النساء...

" ساقية عبدالمنعم الصاوي " هي مركز ثقافي يقع في وسط القاهرة ويضم الكثير من الانشطة الفنية من مسرح وموسيقى وفن تشكيلي والعديد الفعاليات الثقافية.

حين وصلنا الى المركز كان الحفل الموسيقي قد بدأ وقد قدر لنا الجلوس متجاورين على كراسي خشبية عتيقة ـ وفي مكان متقدم رغم ازدحام المكان بالحضور. كانت العروض تتفاوت بين موسيقى ايقاعية من الفلكلور السويدي الذي اُستلهم من صوت ابواق الفاينج ـ والعروض الادائية الراقصة وبعض مقاطع من موسيقى الهيب هوب الشبابية ذات نوته سويدية طبعا.

كانت السيدة " صفية " ثرية جدا في معلوماتها الغزيرة التي حرصت على ان تخبرني بها, فما يكاد انتنتهي أو يبدأ مقطع حتي تسترسل في الحديث عن الفرقة واعضائها ودلالات كل قطعة موسيقية ـ وتتوسع كذلك في الحديث عن الهرمني الموسيقي لفن الجاز السويدي والابواق القديمة المصاحبة لبعض المقطوعات وترجمة بعض مقاطع الكورال ـ وتحدثت عن اثر بعض الملحنين السويديين في موسيقي الدول الاسكندنافية.

استرسلت السيدة " صفية " بحب وشغف لمهمة تثـقيفي كل هذه المعلومات بالكثير من الاسماء والشواهد التي يصعب تذكرها ـ بل اني تمنيت سكوتها في كثير من الاحيان. تعجبت من معلومتي القديمة والمغلوطة انهم في الغرب يستمعون للموسيقى حد انفصال الروح عن الجسد!

... لكن هذا لم يحدث مع هذه السيدة السويدية؟

اثناء حديثها معي كانت السيدة " صفية " تلتصق بجنبي الايسر حين تود الحديث والشرح عما نشاهده.. وكانت احاول تحاشي هذا الوضع بحسن الاستماع وملاحظتي الشديدة لما اراه.

رغم ان هذا الوضع يربكني بالكثير من الوخز الذي يسري في انحاء جسدي, لكن جدية تلك السيدة وحسن اختيارها للمعلومة وازدحام المكان يجلعني اقتنع انني اسيرُ ظرفٍ طاري يجب ان اتكيف معه كيف ما شئت.. وتذكرت بعض المواقف لي في ميترو لندن ـ وباريس كيف يكون حال الناس في ذروة الازدحام.

لكن الحقيقة اني بين الحين والاخر اصاب بعطش لإحساسي بذلك الملمس حتي بدأت في محاربة تلك الرغبة و تحاشي هذا الوضع قدر المستطاع.

انتهت الحفلة الموسيقية في العاشرة والنصف... وفضلنا الانتظار حتي بدأ الناس في الانصراف, ثم ما لبتت السيدة " صفية " ان امسكت بيدي, وصعدنا الى فضاء المسرح لبيداء فصل اخر من التعارف على بعض أعضاء لفرق السودية المشاركة.

كانت المفاجئة ان هناك فتيات وشباب من العراق والمغرب العربي, لكن المؤسف ان بعضهم لا يحسن التحدث بالعربية, وكعادة حفلات التعارف التي تكون على هامش العروض غالبا ما يكون هدفها تسويق معرفي وثقافي في الدرجة الاولي ثم يكون هناك نوع من التواصل الشخصي بين المعنيين بالمجالات المختلفة.

ـ سيد " مغير" هل اعجبت بالعروض؟

قلت لها ببتسامة خفيفة : لم استمتع بها يا سيدة صفية.

ـ لماذا.......؟

ـ لأني كنت استمع لك اكثر من استماعي لما يعرض ويعزف.

تبسمت السيدة صفية واطلقت ضحكة لم اسمعها منذ عرفتها حتى لفتت انتباه من حولنا.

وقالت:..
..عادت النساء" يا بدوي " .....هذه النوع من العروض لا يلزمه الاستماع الشديد فلست امام أوركسترا كلاسيكية. انت امام تجارب شبابية ويجب ان تفهم ان هذه التجارب لا علاقة لها بحسن الاستماع والسكينة.

تقدمت سيدة في العقد الرابع من العمر تجاه السيدة صفية وقد بدت عليها معالم الفرح والسعادة, واحتضنا بعضهما البعض وتحدثت معها كثيرا.. بينما كنت اتواصل معهن بشكل بصري ولا افقه ما اسمع سوي ببعض حركات الجسد المعتادة في مثل هذه المواقف.

ـ " مغير " هذه السيدة " آليس" صديقتي منذ الصغر.. يسرها التعرف عليك ودعوتك لحضور حفل اخر في قصر الفنون صباحا بعد يوم غدا.

ـ يسرني ذلك ان بقيت يا سيدة "آليس" لكن اعتقد ان رحلتي سوف تكن مساء يوم غدا, وقد لا استطيع الحضور. .. كم كنت اتمنا ذلك.

لم تترجم السيدة " صفية " ما قلته لصديقتها "آليس" بل بادرتني بنظرة ملئها الدهشة والتعجب.

ـ "مغير"هل حقا سوف تعود لوطنك غدا.

ـ نعم سيدة " صفية "... فرحلتي سوف تكون في السادسة مساء فأنا متواجد هنا منذ اربعة ايام.

تغيرت معالم البهجة في المكان وبدأت السيدة " صفية " تنظر لي وكأنها بانتظار كلمات محبوسة في حنجرتي.

ـ عزيزتي " صفية " انت سوف تغادرين يوم غدا وانا كذلك.....سوف ينتهي يوم عملي غدا بلقاء السيدة " سامية حسين" في قصر الفنون وسأحضر بعض الندوات و اغادر.

بلهجة حادة وسريعة كنت قد سمعتها مرارا حين كنا في مطعم البيتزا, قالت:..
ـ من قال لك اني سوف اسافر يوم غدا.

ـ انت اخبرتني من قبل.. لقد قلتي انك تودين العودة في اقرب فرصة.

ـ لا ياعزيزي "مغير" هذا لن يحدث.. لقد طراء امر هام حين عدت الى الفندق لم اخبرك به...ويجب ان تعرفه..

.... ارجوك ـ يجب ان تبقى.





.... يتبع



[mtohg=undefined]http://www8.0zz0.com/2010/11/25/07/909831345.jpg[/mtohg]

.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة براااق الحـــازم ; 25-11-2010 الساعة 10:22 AM.
براااق الحـــازم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس