عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-11-2010, 02:21 PM
افتخر بزهران افتخر بزهران غير متواجد حالياً
 






افتخر بزهران is on a distinguished road
افتراضي التعليم .. غياب فكر وجهل (سبب لمشكلات عديدة)‎

كثيراً ما نرى التحدث عن مشاكل البطالة وتبعاتها .. وفي المقابل نرى التضييق من الجامعات والمعاهد والكليات على القبول0
بحجج واهية و تبريرات عقيمة ، والكثير من الخطابات والمقالات والدراسات رأيتها تقارن الأوضاع في دولتنا بدول مثل أوروبا وأمريكا

أقول .. أولا يجب أن نستحضر الفوارق بيننا وبين تلك الدول فما هم عليه الآن هو نتيجة لعمل سنين طويلة ونتيجة مهمة لوعي اجتماعي ثقافي من الداخل

ولذلك استطاعت هذه الدول أن تصنع نظاماً اقتصادياً وتعليمياً مندمجين في بعضهما .. إذن من هذا المنطلق وبعد هذه المقدمة نرى أن الحل يكمن في تعميم التعليم داخل المجتمع لتحريك كيانه

كيف ؟؟

هناك الكثير من العاطلين والعاطلات عن العمل في السعودية .. وفي حقيقة الأمر أن هؤلاء لا ينقصهم التعليم فكلنا نعلم أنهم بمستويات تعليمية لا تقل عن الجامعية وفي بعض الحالات دراسات عليا وأطباء ومهندسين

المشكلة في الحقيقة ليست عدم توفر الوظائف بالحد الذي يستوعب مثل هؤلاء الخريجين .. ولكن سيطرة القطاع الخاص وانغلاقه على نفسه وعدم استشعاره بعظم المسؤولية هو أحد هذه الأسباب ومن جهة أخرى أن المتحكمون في بعض المناصب التنفيذية والإدارية أيضاً لم يستعشروا تلك المشاكل
أو أنهم عاجزون عن إيجاد الحل .. ومن جهة ثالثة فهناك نقص عام في توفير الضروريات الأساسية من المعايير الدولية للصحة والتعليم

وأيضاً هناك سبب كبير وهو غياب مؤسسات البحث العلمي خصوصاً لمن تخصصاتهم علمية بحتة .. ومن المضحك أنني أعرف أحد أصدقائي خريج هندسة فيزياء نووية وهو يعمل الآن مديراً لقسم الأشعة في أحد المستشفيات

نظرة تحليلية لوضع التعليم الراهن/

التعليم العام في الحقيقة لا ينمو بالوتيرة التي تتناسب مع نمو عدد السكان ولا يعير اهتماماً لاختلاف العصر والمفاهيم والتربية والعقول

ولو نفترض أن وزارة التربية والتعليم قررت أن ترتقي بهذا المستوى من التعليم .. أيضا ستحتاج مئات السنين لدراسته ولإيجاد الكوارد التي تغطي هذا المشروع

ومن هنا نستنتج أن البطالة ليست نتيجة لأعداد الطلاب بل هو نتيجة لعدم الوفاء بمتطلبات التنمية وهي جزء من حقوق الإنسان
وحقوق الإنسان التي أعنيها ليست فقط حرية التعبير والاختيار بل من أهمها هو توفير الصحة والتعليم والعمل فالإنسان أذا حرم من العناية الصحية والمعرفة فكيف يكسب قوت يومه ؟

المشكلة الكبرى :

هنا وفي تعليمنا العالي نجد أن أساليب التعليم قد قسمت الخريجين إلى أصناف مختلفة أولهم نخبة عصرية أمريكية أو أوروبية التفكير والأخرى نمطية غريبة عن العصر الذي تعيش فيه ومقطوعة الصلة عن الفكر العالمي المعاصر ومكتسباته الإنسانية

هذا الانشطار يتوضح جلياً من النخب الموجوده وهو ما بنيت عليه استنتاجي .. فالتعليم هو إما تعليم تقني (علمي) ويصنع عقولاً علمية دوغمائية
أو تعليم ميثولوجي تلقيني ويصنع عقولاً راكدة خرافية أسطورية ..
وهناك في الحقيقة قاسم مشترك بينهما وهو غياب المنطق والعقل وغياب السؤال النقدي .. لماذا ؟؟ وكيف؟؟
فالعقل العلمي فارغ من الثقافة النظرية التي تحوي الأسئلة المتعددة فنجده جاهزاً لتلقي المسائل العقدية وغيرها كما هي وليس غريب في الحقيقة أن نرى أن هذه الكليات والمعاهد هي تكون في الغالب مصانع للانحراف العقدي والتطرف ويكونوا أنصاراً للتحزبات.
أما العقل الخرافي أو الأسطوري التي تصنعه الكليات النظرية وأيضا التعليم العام فهو عقل يتلقى العلم والمعرفة على صورة أساطير وقصص وحكايا
فالتاريخ أسطورة والأدب قصص وحكايات والجغرافيا فقط ورق والتربية الوطنية فقط مراسم بروتوكولية وتعليمات إدارية ولم يعلموا أن حب الوطن لا يدرس ولا يتم تلقينه وتعليمه ..
واللغة العربية يتم تعليمها لكي تنسى لأن التعليم في الكليات العلمية باللغة الإنجليزية واللغة الإنجليزية يتم محوها من الكليات النظرية لأن التعليم فيها فقط بالعربية

النتيجة :

لا طالب العلوم العقلية منفتح على التراث والثقافة واللغة .. ولا طالب الكليات النظرية منفتح على ثقافات العصر .. فيبقى كلاهما مسجون في بوتقة صغيرة تحوي فقط تعلم متخلف

وفي غياب العقل النقدي لكلاهما تتكون بيئة مناسبة جداً والأفكار المنحرفة فهي تستهوي الأول كونها أشبه بالقوانين في وثوقيتها وتستهوي الثاني كونها أشبه بالخرفات والقصص الأسطورية
ومع العوامل المؤثرة الأخرى من البطالة والفراغ و ... الخ يتحول الاستهواء إلى إعجاب ثم إلى انتماء

أخيراً :

إن البعد الاجتماعي والثقافي في العملية التعليمية يحكمه نوعان من الاختراقات أولهما هي الأيدلوجيات الدينية المتعصبة التي تحيي كل ميت كالتطرف والطائفية والتمذهب والقبائلية ومن جهة أخرى الأختراق العولمي الإعلامي الذي يجعل الوعي سطحياً ويميت روح النقد
إن معطيات تاريخنا ووقتنا الحاضر وعصرنا هذا تفرض أكثر من أي وقت مضى ليس إصلاح التعليم فحسب إنما إعادة بناء التعليم ليصير قادراً على بناء وتحريك الوعي الاجتماعي الذي يكوّن عقد اجتماعي يقضي على جميع مظاهر التخلف من الطبقيات والمذهبيات والتعصبات القبلية والتطرف والتميع وهيمنة العقول الأداتية(العلمية) والآراء الأسطورية الخرافية.

كتبه/ افتخر بزهران
محمد معدي القحطاني
رد مع اقتباس