((الكلمة الطيبة صدقة)).
وما أجمل أن يعودّ الإنسان لسانه الجميل لين القول فإذا ما تكلم لم يقل إلا خيرا، والكلام الطيب العف يجمل مع الأصدقاء والأعداء جميعا وله ثماره الحلوة، فهو مع الأصدقاء يحفظ مودتهم، ويستديم صداقتهم، يمنع كيد الشيطان أن يوهي حبالهم ويفسد ذات بينهم: وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً [الاسراء53] وحسن الحديث مع الأعداء يطفئ خصومتهم، ويكسر حدتهم، أو يوقف تطور الشر، واستطارة شرره: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم يقول: إنكم لن تَسَعُوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الُخُلق)) رواه البزار في مسنده، إن الحرمان مع الأدب خير من العطاء مع البذاذة، يقول الله جل وعلا : قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم [البقرة:263] يقول أبو عبد الله القرطبي في تفسيره : " ينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لينا، ووجهه منبسطا مع البر والفاجر من غير مداهنة، لأن الله قال لموسى وهارون: فقولا له قولاً ليناً .. . فالقائل ليس بأفضل من موسى وهارون، والفاجر ليس بأخبث من فرعون، وقد أمرهما ربهما باللين معه "، وقال طلحة بن عمر: قلت لعطاء : إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة، وأنا رجل فّي حدّة فأقول لهم بعض القول الغليظ فقال : لا تفعل ،يقول الله تعالى: وقولوا للناس حسناً [البقرة:83]. قال عطاء: " فدخل في هذا اليهود والنصارى فكيف بالحنيفي "، وقال شريك بن سنان لسعيد بن جبير رحمه الله : " المجوسي يوليني من نفسه ويسلَّم علي أفأرد عليه، فقال سعيد: سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن نحو ذلك، فقال : لو قال لي فرعون خيرا لرددت عليه ".
فأين من جعلوا خلافهم سببا للهجران والقطيعة، ولم يمسكوا زمام ألسنتهم عن الشتم والسب، وهذا الصنف إذا سلط ذلاقته على شؤون الناس ونياتهم أساء وإذا سلطها على حقائق الدين شوه جمالها، وأضاع هيبتها، وحرف قصدها، قال رسول الله : ((إن أبغض الرجال إلى الله الألدَّ الخصم)) أخرجه النسائي.
معاشر الأحبة : إن الكلام اللين كما يقول بعض الحكماء : " يغسل الضغائن المستكينة في الجوارح "، فكل كلام لا يضر في دينك، ولا يسخط ربك، ويرضي به جليسك فلا تكن به بخيلا يعوضك الله به ثواب، ومن كلام وهب بن منبه: " ثلاث من ُكنَّ فيه أصاب البر، سخاوة النفس، والصبر على الأذى، وطيب الكلام " متفق عليه.
ومن حديث عدي بن حاتم: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم يكن فبكلمة طيبة)) وعن أبي المقدام عن أبيه عن جده قال : قلت للنبي أخبرني بشيء يوجب الجنة، قال: ((عليك بحسن الكلام وبذل الطعام)) أخرجه البخاري والحاكم وابن حبان وصححه الألباني .