الموضوع
:
ஐ¤ღ مــن حــيـــا تـــــهمღ¤ஐ
عرض مشاركة واحدة
13-12-2010, 11:08 PM
#
37
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
رد: ஐ¤ღ مــن حــيـــا تـــــهمღ¤ஐ
دفء الذكرى
[
يقول ..
أنا رجل في منتصف العقد الرابع من العمر. تزوجت منذ أحد عشر عاما من فتاة تحمل اسم زهرة تشتهر بجمال رائحتها وقصر عمرها, ويوم التقينا أحس كل منا بأنه خلق للآخر وأصبحت هي لي كل أحلامي
وأصبحت حياتي هي السعادة بعينها مع زوجة صافية النفس بيضاء القلب مبتسمة السريرة رائعة الجمال, جعلتني أمتلك الدنيا كلها وأحب الحياة بحبها, ومع ذلك كانت لا تحب أن تستأثر بي لنفسها بل تغضب مني إذا ما قصرت في صلة رحمي. ولقد كنت يا سيدي مصابا بالسكر, وبالرغم من أنني أعمل في الحقل الطبي إلا أنها كانت طبيبتي الحريصة علي دوائي ومواعيد الحقن وكانت دائما تذكرني بأن المرض المزمن يدخل صاحبه الجنة. كانت مثالا للرضا والقناعة وما من أحد تعامل معها إلا وأحبها قريبا كان أو نسيبا أو صهرا.. كانت تستيقظ لصلاة الفجر وتوقظني وهي مبتسمة قائلة لي إنها تكسب ثوابا علي حسابي وتذكرني بقراءة القرآن, فإذا ما تلعثمت أو أخطأت صححت لي خطئي.. أقمت بعد الزواج مع والدتي فترة قبل أن يتوفاها الله وكانت آخر كلماتها وهي تنظر لزوجتي إنني راضية عنك بعدد كل شعرة في بدني وعلي زوجتك.
ورزقني الله بطفلين ربتهما علي نفس طباعها من تربية دينية وعواطف جياشة واستمرت الحياة هكذا وأنا أشعر بقلق داخلي لأنني تعودت أن أي سعادة أو فرحة في حياتي قد يعقبها حزن وتعاسة ولن أستطرد في ذلك طويلا فقد كان ما خشيت منه وبدأت الزهرة في الذبول, فمرضت بمرض سريع ولكنه خطير وكعادتها كانت الصبور الراضية بقضاء ربها بلا تذمر ولا شكوي فتخفي عني ألمها وتقول لي أنت عطية الله لي ونور حياتي وملاذها, أتريد أن تدخل الجنة بمفردك. كلانا مريض وما من شوكة تصيب المؤمن إلا وتكتب له حسنة أو ترفع عنه خطيئة ويتعجب الأطباء من قوة احتمالها وصبرها وفي لحظات التعب الشديد تطلب مني بعض الرمل لكي تتيمم للصلاة وتطلب مني أن أسامح بعض القريبين منها الذين قصروا معها وتمر الأيام سراعا وتذبل الزهرة ويسترد الله وديعته ويتركني وحيدا مع الطفلين اللذين يبلغ أحدهما العاشرة والآخر الثامنة وأبكي فيقول لي طفلي الأكبر: كيف تبكي وهي في الجنة؟!
إن الحزن يطاردني في كل مكان كانت لنا فيه ذكري وأشعر بالحنين إليها وأسمع من الأهل
((أن الموت هو المولود الوحيد الذي يولد كبيرا ويصغر مع الأيام))
.
ولكاتب هذه الرسالة قال دكتور عبد الوهاب :
تهدأ الأحزان دائما يا صديقي كلما بعدت الذكري وطالت الأيام. وهدوء الأحزان بعد حين ضرورة إنسانية لا مفر منها لكي يطرد تيار الحياة العام ويستمر في طريقه المقدور له كماء النهر الذي يمضي إلي الأمام دائما ولا يرجع إلي الخلف أبدا. كما أنه لا يعني أبدا نسيان الأعزاء الراحلين أو عدم الوفاء لذكراهم.. وإنما يعني فقط تحول الحزن الحارق الذي يكوي الجسد والنفس إلي حزن رفيق نبيل ينطوي عليه القلب, لكنه لا يمنع صاحبه من التعامل مع الحياة.. ولا يقعد به عن أداء رسالته فيها أو التفتح لاستقبال مؤثراتها والتفاعل معها بطريقة سليمة.
وللقلب الحزين في ذكرياته الجميلة عن هؤلاء الأعزاء بعض السلوي وبعض العزاء عن خسارته فيهم. وفي استشعار وجودهم في الوجدان والخواطر كل حين ما يخفف بعض وحشة افتقادهم والحنين إليهم.. فتقبل أقدارك راضيا يا صديقي.. واصبر علي لسع اللهب الحارق إلي أن يخمد أواره بمرور الأيام.. وبالتسليم بالقضاء.. واعتياد الأمر الواقع مهما يكن مؤلما وبقدرة الإنسان علي التكيف مع الأوضاع.. والصبر علي المكاره.. وبعد ذلك تستطيع أن تفكر بهدوء في مسقبل طفليك وحياتك الشخصية إن شاء الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
شذى الريحان
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها شذى الريحان