الموضوع: ذهـول الحقـائق
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-01-2011, 03:01 PM
الصورة الرمزية السلطانة
السلطانة السلطانة غير متواجد حالياً
عضو متميز
 






السلطانة will become famous soon enough
افتراضي ذهـول الحقـائق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وبعد،،
في يوم الأربعاء الثاني من هذا الشهر قدم إلى الرياض أحد أقاربي يكنى بأبي عبدالكريم، وهو في منتصف الأربعينات من عمره، وكانت بيني وبينه مودة حميمية خاصة،
وإلى هذه الساعة مارأيت مثله في سلامة القلب للناس والإحسان للمستضعفين كالعمال والجاليات والأطفال ونحوهم،
وله علي خصوصاً فضل خاص لا أنساه ما حييت، وما إن وصل لمنزلي إلا وكانت آثار الإرهاق بادية عليه، فطلب فراشاً ونام في المجلس ساعةً، ولما حان موعد الغداء أيقظته وتناولنا الغداء سوياً،
ثم جلسنا نتجاذب أطراف الحديث فأثار مسألة (صلاة الجماعة للمسافر)، وطلب مني كتباً عن هذا الموضوع، فصعدت لمكتبتي
وأتيت بجزء الصلاة من فتاوى ابن باز التي فرِّغت من نور على الدرب، وفتاوى ابن عثيمين التي جمعها الشيخ فهد السليمان، قرأنا المسألة التي أرادها، ثم استأذن وغادر..

هذا كان يوم الأربعاء،
وفي يوم الجمعة الذي يليه اتصلت بي والدتي تقدم لي خبراً على التدريج،
فقالت لي: ابوعبدالكريم، ياوليدي، الحمدلله على قدره، جاه حادث، ثم سكتت.. سألتها: وفي أي مستشفى هو الآن؟ فقالت لي: توفي الله يرحمه..

صمتُّ برهةً، وودعت الوالدة وأغلقت الهاتف،
كل الذي دار في خلدي تلك الساعة أن الوالدة أتاها الخبر بشكل خاطئ،
وأن أباعبدالكريم قطعاً لم يمت، مكثت قليلاً ثم عاودت الاتصال، وسألت والدتي: أنت متأكدة من الخبر؟ قالت: هاهم أهله يبكون..

ودعت الوالدة وأغلقت الهاتف مرةً ثانية،
بقيت في مكاني لا أعرف ماذا أصنع، ثم اتصلت بشقيقه،
فلما رد علي وسمعت صوته المتهدج، دب إلي اليقين، وسألته:ابوعبدالكريم.. فقاطعني وقال بصوت ممزوج بعبرات متكسرة: ابوعبدالكريم يطلبك الحل.

أدرت محرك سيارتي متوجهاً لمنزله خارج الرياض،
وذهبت في نفر من أهله إلى مغسلة الموتى التي سيغسل فيها،
وحين فرغ المغسل أذن لنا بالدخول، وكشف لنا عن وجهه، فسلمت عليه، وقبلت بين عينيه، ودعوت له، ولم أملك نفسي حينها أن قلت: ما أطيبك حياً وميتاً يابوعبدالكريم
..

جلسنا في منزله وقدم بعض الناس يعزون، وأنا لا زلت غير قادر على الإفاقة من صدمة المواجهة..
عدت للرياض وإلى هذه الساعة وصورته لا تفارق ناظري،
وأعيد تذكر كل كلمة قالها حين كان في ضيافتي يوم الأربعاء الذي سبق وفاته، بل وكنت أدخل المجلس وأشاهد الزاوية التي افترشها ونام فيها..




يتبع>>>

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي