[blink]
«الرياض»
[/blink]
رجل في العقد الرابع من العمر.. تبدو عليه كل سمات الوقار
يصفّ سيارته بجوار أحد الأبنية في شارع فرعي في عتمة أول المساء
يفتح خزانة القفازات، ويستخرج «قنينة» من دهن العود الكمبودي، يمسح بميلها شاربيه ولحيته
ثم يتأكد من قيافته في المرآة على ضوء الشارع الخافت، ويتسلل إلى أحد الأبواب ويطرقه بهدوء
وما إن يفتح الباب على عجل حتى يتسلل إلى الداخل ويوصد الباب خلفه بسرعة البرق!.
«استَحَوا على دمهم» من التسلل إلى البيوت في جنح الظلام وأبرموا عقود «نصف يوم»
تكرر هذا المشهد في مساء اليوم التالي على مرأى من أحد الفضوليين من الجيران
فأوجس خيفة في نفسه «لعب الفار في عبّه» -كما يقول الأخوة المصريين-..
فتربص به حتى خرج بعد بضع ساعات وهو يتسلل بذات الطريقة.
قرر أن يقطع الشك باليقين.. فأعاد التربص في اليوم التالي مستعيناً بشهادة فضولي آخر
يملك كل الاستعداد ليبيت ليله في الشارع على أن يظفر بمادة لحديث دسم
وحين جاءهم الدليل على طبق من ذهب، وتكرر المشهد للمرة الثالثة..
قرر الاثنان أن يفتكا به بعد أن أبلغا «جهاز الهيئة» الذي هبّ للمساعدة في ضبط خلوة محرمة
وبعد شيء من العراك ظهرت الحقيقة كضوء مصباح يبدد ظلمة الليل
لم تكن هنالك أي نوايا سيئة، كان الرجل يرتبط بزواج مسيار..
هذه كل الحكاية التي تناقلتها الصحف ومنتديات النت قبل بضع سنوات.
لماذا الاقتراب من الشبهات؟
هل هو الجبن عن اتخاذ قرار حاسم كهذا؟.. هل هو الخوف على انفراط عقد الأسرة،
وعدم القدرة بنفس الوقت على مقاومة الرغبة وإغراء المسيار؟..
أم هو التيسير في أمر الزواج الآخر الذي حققه المسيار، وبساطة الإجراء.. أم كلها مجتمعة؟.
طبعاً لا يمكن الجزم بإجابة قاطعة؛ لأن لكل واحد ظروفه
غير أن المؤكد أن زواج المسيار قد فتح لهؤلاء نافذة كانوا بانتظار فتحها.. ولكل أسبابه ودوافعه.
يقول أحد المرتبطين بمثل هذا النوع من الزيجات: إنه لا يهتم كثيراً برأي الآخرين؛
لأنه كما يقول يحمل عقد زواجه موثقاً في جيبه
لكن ما يزعجه حقاً هو نظرات أبناء الزوجة التي تلاحقه دخولاً وانصرافاً،
لكنه في المقابل لا يستطيع الإفصاح عن هذا الزواج حتى لا ينهدم بنيان أسرته،
لذلك هو مجبر على حد قوله على خوض هذه المنغصات إلى ما شاء الله..
لكن الخبراء في المسيار لن يعدموا وسيلة في ابتكار حل لهذه المعضلة!.
شقق المسيار
اهتدى بعض هؤلاء الذين سال من جباههم العرق البارد
وهم يترددون على عقيلاتهم تحت
جنح الظلام إلى طريقة مبتكرة،
فيما يسمى بشقق المسيار.. أصبح بمقدور الزوجين السعيدين (بالمفرق) أن يتواعدا
بعد أن يكمل الزوج استئجار شقة مفروشة بعقد لبضع ساعات.. ليصطحبها إليها،
ومن ثم يعيدها إلى بيتها بعيداً عن أعين الفضوليين،
حيث وجد البعض في هذه الطريقة شيئاً من الكرامة أكثر نبلاً من خوض هذه التجربة على مرأى من أفراد الأسرة،
كما وجد فيها عمال الشقق المفروشة باباً للاسترزاق برفع السعر كما يروق لهم.. لأنها تتم بمخالفة،
حيث يبرم العقد بموجب عقد الزواج لا دفتر العائلة..
لأن الرجل أجبن من أن يضيف الزوجة الجديدة إلى قائمة الأسرة الرسمية،
ويقال - والعهدة على الرواة الثقات- أن بعض العمّال يبالغون في تقديم «الخدمات اللوجستية» لهؤلاء العرسان..
فيقدمون لهم كافة التسهيلات التي لا تجعلهم يضطرون للتوقف في «الريسبشن» لتحاشي الإحراج
وقد يذهب البعض لتطييب الغرفة، ونثر الورود على الأسرة إمعاناً في حلب جيب العريس،
واستدرار محفظة نقوده مقابل التكتم!!.
سد الذرائع
«عقد الزواج» بديلاً عن «دفتر العائلة» مخالفة للنظام
و«السهرات الصفراء» تزدهر بالحلال!
الشيء الطريف في الأمر أننا نستخدم باب سد الذرائع في أمور كثيرة.. ولايزال الغالبية يرفضون مثلاً قيادة المرأة للسيارة
ليس لوجود علة تحريم، وإنما من باب سد الذرائع، فقد تثقب العجلات، وقد تصاب
السيارة بعطل ميكانيكي في شارع
فرعي، وقد وقد..
نخصص أماكن للشباب وأخرى للعائلات من الباب نفسه.. فقد يكون من بين هؤلاء
الشباب شاب طائش يسيء إلالأسره لذلك ومن باب سد الذرائع يقفون في موقف الضد
من هذه الأشياء السابقة، وهي احتمالات قد تحدث وقد لا تحدث..
لكن في زواج المسيار لا أحد يتحدث عن الذرائع..
لا أحد يتحدث عن إمكانية استخدام شقق المسيار لأغراض أخرى لا سمح الله
لا أحد يتحدث عن ريبة التردد على منزل تقطنه أرملة أو مطلقة تحت جنح الظلام، لماذا؟..
أنا شخصياً لا أملك إجابة، وبشكل أدق لا أفهم!.
كل ما أرجوه ألا نذهب بعيداً في مناقشة هذه المسألة
فقضية مشروعية هذه الزيجات لسنا من يقررها أو ينفيها خاصة بعدما قال فيها العلماء أقوالهم..
لكن السؤال الملح الذي ولده جبن البعض ممن يقدم على مثل هذا النوع من الزيجات.. أ
لا تستدعي مناقشة قضية سد الذرائع.
هؤلاء الذين يتسحبون إما إلى بعض البيوت في دياجير الظُلمة، أو يخالفون الأنظمة بعقود الاستئجار لشقق مفروشة
لنصف مساء.. ألا يمكن مناقشة وضعهم من باب سد الذرائع؟..
لا أريد أن أذهب إلى إعادة هيبة هذا الرباط المقدس، واحترام أدبياته، وحقوق المرأة حتى في الطلاق
فهذه أمور ليست من شأن هذا التحقيق على أهميتها، وإنما فقط أريد أن نتوقف لنضع علل المسيار ومبرراته
سواء كان دافعها الجبن والخوف من الزوجة الأولى.. أو الرغبة في الإبقاء على انتظام الكيان الأسري ولو بالحد الأدنى
من المشاعر.. أو أي علة أخرى.. أمام هذه الريب وهذه الشكوك التي تستدعيها آليته
والمخالفات النظامية التي يقود إليها.. لنحصي الأرباح مقابل الخسائر..