قطرات البراءة
و العُهدةُ على جَدَّتي، فإن (بكاءَ الطفلِ ضربٌ من شكواه). قد لا أتفقُ مَعَََها إلا أن هذا لا يعني أنني قد أذهبُ بعيداً عمَّا قالت.
كثيراً ما كنتُ أسمعُ هذه العبارة مع ظني أن الطفلَ يذرفُ الدمعَ ليجسَ، بخبثهِ المبكر، استجابةَ امِه لهُ عندَ كلِ مُلِمَّة، ليبقى ما بين حَدَسي و مزاعمِ جدتي قطراتُ ندى لا يعرفُ كنهَهَا إلا من لا يُرجى منه البوح.
بعيداً عن السبب، و قريباً من الأثر، فإن من تستوقِفُهُ دمعةٌ تنسابُ فوقَ خدٍ غضٍ دونمَا المبادرة إلى تجفيفِها، فإنه لا يمكننا التنبؤ بآدميتهِ فضلاً عن أن نُسلمَ بها.
هل سبقَ لك أن تأملتَ طفلاً باكياً؟ إن كنتَ قد فعلت، ألم تقارب حينها بين وابلِ دمعِهِ و حباتِ اللؤلؤ، من حيثِ البريقِ و الصفاءِ؟ لا أشكُ، بطبيعةِ الحال، في مقدرتِكَ على الخيال، و لكنني لا أثقُ كثيراً في إدراكِكَ لِمَا حولك. و عليه فإنكَ لا تمتُ لمدرسةِ جدتي بصِلَة. و أمَا و أنكَ آثرتَ التأملَ على أن تجتهدَ بمجردِ ظنٍ فيما قد يعصرُ مآقيه، فإني مِنكَ بريءُ إلى يومِ يبعثون.
أمَّا إن لم تكن قد رأيتَ دمعةَ طفلٍ قط، ففتش عن كوكبٍ يُقالُ له الأرض. و لتسل كيفَ يُمكن لقطراتِ الطهر و البراءة أن تهزَ عرشَ أقسى قلبٍ ينبضُ عليه.