عرض مشاركة واحدة
قديم 01-02-2011, 11:37 PM   #42
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية شذى الريحان
 







 
شذى الريحان will become famous soon enough
افتراضي رد: ¤©§][§©¤][ ركن الطفل][¤©§][§©¤

حبي لأسامة وسعادتي وفرحتي به جعلتني أقع بأخطاء فادحة
كنت أسعى لاستغلال أي فرصة لتعليمه اشتري له ما يحبه من ألوان وادخل معه الغرفة
كانت ابنتي الصغرى ذات العامين وابني ذو الثماني أعوام تشدهم هذه الأمور صلصال وألوان وفرش وورق ملون ومقصات ...
كانوا يرغبون باللعب بهذه الأشياء
وانتم تعرفون أن أبنائنا لا بد أن نهيئ مكان هادي لهم ليتعلمون فيه بهدوء حتى يتمكنون من التركيز معنا
كنت ادخل معه غرفتي وأغلق الباب وأضل ساعات العب مع أسامة واعلمه
كان ابني يقول لي

أريد أن ألون وأقول له يا ولدي هذه أشياء أسامة




يقول طيب أبي اجلس معاكم أقول له لن يتعلم ومعه احد وأغلق الباب وصوته ما يزال مسموعا لي
اسمعه بأذني لكن قلبي أُغلق عن سماعه
لا تلومني فانا أم فرحت بان ابنها يمكن أن يستجيب لها
فرحتي بأسامة حين أراه وقد بدا يضمني ويقبل علي جعلتني أنسى أني أم لأطفال آخرين
كنت أقول لابني الكبير أنت رجال البيت اجلس عاقل ولا تتكلم ونسيت أن هذا الرجال لا يتجاوز ثماني سنوات
وأكيد أخته الصغرى لو كان لديها قدرة على التعبير والكلام لكانت صرخت بأعلى صوتها أنا هنا ...
لكن بكاءها لم يكن كافي ليشفع لها عندي
وزوجي الغالي الذي كان يأتي يوم الأربعاء والخميس من كل أسبوع كانت اغلب هذه الأوقات تذهب إما بحضور دورات أو اجلس مع أسامة أو أقوم بما عليّ من زيارات لأهلي وأهله أو أقوم بإنهاء أعمالي المتأخرة ..
وطبعا بناتي الكبار لكونهم بنظري كبار فلم يكن لهم الحق بالاعتراض
فقط انتهى دوري معهم أو هكذا ظننت
هذا غير أني كنت أقول لأسامة اعمل كذا لكي أخذك الملاهي واشتري لك بيتزا وكان يحبهما
فإذا رفض الخروج وهذا يصير أحيانا فكنت الغي النزهة
وتخيلوا الإحباط التي يصاب به ابني الأكبر
حتى جاء لي مره وقال لي ما لم اسمعه من غيره
قال لي ...(( ليتني مثل أسامة ))
تخيلوا ابنكم السليم يعشق أن يكون مصاب بالتوحد
جلست أضمه وأقول له لا يا ولدي يكفي صدمتي بأخوك
أنت البكر وأنت سندي بعض الله وسند لآخوك وإخوتك
أنت الفرحة الأولى لي ولأبيك وللجميع ...
لكن صعب لطفل في الثامنة أن يفهم كلامي
كنت أقول له أنت رجال البيت ونسيت انه طفل
يشتهي ويحب ويريد مثل أي طفل بعمره
كان حين يعتدي عليه أسامة بالضرب أو يأخذ منه أشياءه
ويريد ابني أن يدافع عن نفسه ويرد
أعنفه وأقول له هذا أخوك تعبان أنت رجال لازم تتحمل
كان كل شي بيد ابني البكر ويريده أسامة
تصبح وبدون نقاش ملك لأسامة فانا لا أريده أن يصرخ أو يبكي وينفعل ويصعب عليّ بعد ذلك السيطرة عليه ...
وهكذا عاد أسامة لحظني وكدت أن اخسر أخوه
ليس أخوه فقط بل أخوه وإخوته و ......
بعد تلك الكلمة كان لا بد لي من إعادة حساباتي فانا لا أريد أن اكسب واحد واخسر في المقابل خمس أشخاص
ما حصل معي رسالة لي ولكل ام
كان ابني يقول لي لا تنسي يا امي بغمرة اهتمامك باخي التوحيدي ان هناك من هم ايضا بحاجة لك ولاهتمامك

في ذلك الوقت كنت أعاني من ضغوط شديدة لدرجة زميلاتي بالعمل كانوا يقولون ارحمي نفسك انظري في المراءة لقد كبرتي بأسابيع عشرين سنة وأهملتي نفسك وفعلا كان الصداع لا يفارقني ..

حتى زوجي حين يأتي بالإجازة الاسبوعية كان حديثي يدور فقط عن ابني ولابني ..

رغم أني كنت أسعى لتعليم ابني وتدريبه لكن كان أوقات يستجيب لي بسهولة وأوقات يضيع جهدي ووقتي في إجلاسه ولفت نظره وانتباهه لي حتى إذا ما بدا الجلوس شعرت بان طاقتي كلها قد ذهبت ..

في ذلك الوقت جاءتني دعوة من المركز لحضور عدد من الدورات وكانت غالب هذه الدورات تنفذ بيوم إجازتي..
كنت قد بدأت اتعب من الحضور رغم إني استفدت منها جدا لكن اجبر نفسي عليها ...

كنت أخشى أن يكون هذا الهبوط الذي يتبع الصعود ..

بالأول كنت متحمسة كثيرا لتعليم ابني لدرجة أني أحيانا وأنا بالعمل اخذ جهاز اللاب توب وأبدا ابتكر تمارين لولدي
بعد كلمة ابني المؤلمة كرهت كل شي أحسست أني سأخسر كل شي هذا غير إحساسي بالتعب والملل ..

أصعب شعور يصيبنا هو الشعور بالملل واليأس خصوصا حين تجدين انك بوادي وابنك بوادي أخر ...

لا أقول أني امتنعت عن تدريب ابني
لكن توقفت عن ابتكار تمارين واكتفيت بتدريبه على ما سبق من تدريبات هو نفسه يتقنها ..

وكأني بذلك اقنع نفسي أني لم اقصر بحق ابني وأنني ما زلت معه وأسعى لتدريبه
ولم أكن اعلم باني أريد الانتهاء من الالتزام الذي عليّ حتى لا يأتيني تأنيب الضمير على ابني مرة أخرى .

الم اقل لكم انه الهبوط الذي يتبع الصعود ...

المهم جاءتني دعوة لحضور دورات ومن بينها دورة بعنوان أنا وأخي التوحدي
شدني الموضوع كثيرا
بالذات أني تذكرت مقولة ابني في ذلك الوقت وكان الله أرسل لي هذه الدورة ويعلم مدى حاجتي لها
حضرت الدورة وبقدر ما كانت مفيدة كانت مؤلمة جداً
بدأت الدورة بمشهدين



أول مشهد كان يحكي عن أخوين احدهما يعاني من التوحد والآخر سليم
بدا السليم بالكلام وقال أنا وأخي نحب بعضنا وهو اسمه كذا وكذا ويبدأ الثاني يتكلم ويقول أنا أحب أخي كثير فهو يلعب معي ويساعدني و..و...و...
وكان شكلهم جدا رائعاً تشاهدين الأخوة الحقيقية متمثلة أمامك

وجاء المشهد الثاني وكان أيضا عن أخوين احدهما يعاني من التوحد والآخر سليم
وكان السليم يعامل أخوه بمنتهى الوحشية وهم يلعبون بالحديقة تارة يتعمد إسقاطه من الأرجوحة والأخر يضحك كعادة المصابين بالتوحد
ثم يشده من ياقة ثوبه ويركله برجله وعندما طلب التوحدي دخول الحمام وادخله أخوه وهو يتضجر ويضربه بقسوة
وعندما يخرج يجده قد لعب بالمناديل الورقية فيأخذ بضربه وركله

عند ذلك توقف المشهدين ...
لكن الصورة المؤلمة ما زالت عالقة بأذهاننا

انتهى المشهد بعد أن زرع في قلوبنا الم لا يمكن أن يزول ..
بكى اغلب الحاضرين إن لم يكن كلهن
بكيت وكنت اخفي وجهي بغطائي
وكأني اخفي بذلك ما يحصل في بيتي وأتجاهله ولكن المشهد فضحني
وكانه يقول انظري جيدا هذا ما سيكون عليه حال ابنائك مستقبلاً ..

تذكرت أوقات كيف أني وبسبب دلالي الزائد لابني أسامة وسعي الدائم لإرضائه ..
كيف انه اخذ يتجرا على أخوه الكبير ويغتصب أشياءه حتى لو لم يكن يعي ما يفعله ..
وأنا امنع الكبير من الرد والدفاع عن نفسه ولا امنع ابني أسامة من التجرؤ على أخيه ..

شعرت أن أوقات وحين أكون غافلة يلجا ابني الأكبر لرد شيئا من اعتباره فيقوم أوقات بضرب أخيه خفية مني ...
لا تلوموه وتغضبوا منه فانا من دفعته لعمل ذلك ...
انا الملامة وليس هو ..

المشهد الذي شاهدته كأنه إنذار لي
وكأنه يطالبني بالاختيار ...
ماذا تريدين أن يكون مستقبل أبنائك ؟؟؟
هل تريدينهم أن يكونوا كما في المشهد الأول ؟؟
أم تريدينهم أن يكونوا كما في المشهد الثاني ؟؟
بعد أن انتهى المشهد جلست الأخصائية تتكلم ...

حسست أن الأخصائية توجه كلامها نحوي
وانه لا يوجد في القاعة سواي

كل ما كنت أخاف منه واشعر به و أخشى من التعبير عنه ذكرته

كان في داخلي خوف مستمر على ابني وعلى ماذا سيكون حاله مستقبلاً ؟؟؟

خوفي هذا جعلني لا أهدأ ليلاً ولا نهاراً
لدرجة انه حين لا يتجاوب معي اشعر باليأس والإحباط
فانا أريده أن يصل إلى بر الأمان

حتما هذا تفكير أي أم وأب
فهم يشغلون بالهم بالتفكير بمستقبل أبنائهم
ويكدون ويتعبون طوال حياتهم من اجل راحة أبنائهم مستقبلاً
فما بال لو كان هذا الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة
حتما سيزيد القلق والتفكير ..

وقد يكون ذلك على حساب أنفسنا وأعصابنا وأسرتنا
وقد يدفعنا خوفنا وحرصنا على أبنائنا إلى عدم الثقة بأحد سوى بأنفسنا
ونصر على أن نقوم بكل شيء

لكن إلى متى ؟؟؟
إلى متى هذا الإصرار
اليوم غدا بعد غدا نحن معهم

ثم بعد ذلك ...

نعلم أن الأعمار بيد الله
لكن أبنائنا قد يحتاجون لرعاية طويلة

وإذا كان اليوم لدينا القدرة والنشاط فحتما سيأتي يوم تقل كفأتنا
وأكيد كلنا مررنا بذلك

نجد نفسنا في أوقات كثيرة في أوجه نشاطنا
ثم ينطفي هذا النشاط
ويصيبنا اليأس وخيبة الأمل

هذا الآن

فكيف سيكون حالنا بعد عشر عشرين سنة
إذاً لا بد أن نعمل حساب للمستقبل

صحيح أنّ المستقبل بيد الله
لكن الم يطالبنا الله سبحانه وتعالى أن نعمل لمستقبلنا
أن نجد ونعمل في الدنيا من اجل الحياة التي ستستقبلنا وهي الحياة الأخروية

فعلا جلست أفكر إذا أنا اليوم مع ابني وقادرة على رعايته والاهتمام به
فقد لا أكون معه غدا
وقد يضيع بدوني
وأنا لا أريد أن يضيع ابني

لا بد أن أشرك احد معي في العناية بابني
أسرتي اقرب الناس مني
زوجي وبناتي وحتى ابني لما لا اجعلهم يشاركوني بالاهتمام بأسامة

خصوصا ابني الاكبر أريده أن يعتاد منذ صغره على الاهتمام بأخيه
حتى إذا ما كبر بإذن الله وغبت عن دنياي
تولى مهمة الاهتمام بأخيه ولم يستصعب الأمر
هذا غير ما ساجنيه من فائدة

فالضغوط التي أعاني منها حتما ستخف إذا تعاونت أسرتي معي
وهكذا خرجت من الدورة وقد تغيرت نظرتي
وعزمت أن أغير في خطتي


يتبع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
شذى الريحان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس