بالصدق نكسب احترامهم ونشعل التحدي في أنفسهم
يقول الشيخ علي الطنطاوي (رحمه الله) في ذكرياته:والصدق أقرب طريق ، لاسيما مع الأطفال ، إلى بلوغ المرام بالاحترام ومن ذلك أن صفوان ابن أخي ناجي ، وكان صغيراً ، أرادوا أن يسقوه دواءً كريهاً فأبى أن يشربه ، فأحاطوا به يقولون له إنه طيب ، وإنه لذيذ فذقه. ذق منه قليلاً ،وهو يأبى ويبكي . فقلت لهم : دعوني معه ، فأخذته جانباً فكلمته بحيث لا يسمعون .
- قلت : ياصفوان ، هذا الدواء كريه جداً ، وطعمه لا يحتمل ، ولا تستطيع أن تشربه ، لكنني إذا مرضت مثل مرضك شربته وأنا كاره له .
- فتعجب وقال : كيف تشربه إذا كان كريهاً؟-فضحكت وقلت لأنني كبير والكبير يقدر المنفعة ، فإذا كان الدواء على سوء طعمه ، نافعاً شربه ولو كان كارهاً ، أما أنت فلا تشربه لأنك صغير .
-قال بل أنا كبير .
-قلت ياابني أنت صغير ، لا تستطيع أن تشربه ، وانا لما كنت صغيراً مثلك كنت أرفض الدواء مثل رفضك ، أو أصنع شيئاً لم تصنعه أنت لأنك أحسن مني .
-ففتح عينيه وقال : ماذا كنت تصنع؟
-قلت : كنت آخذ كأس الدواء وألقيه وراء المخدة .
وكنا نقعد على وسائد على الأرض ونستند إلى مخدات وراء ظهورنا.
-فضحك وقال : أنت تفعل هذا؟
-قلت : نعم ، وأما الآن فأنا أشربه لأنني كبير .
قال : وأنا كبير .
-قلت : لا ، لست كبيراً . وتركته وهممت بالإنصراف .
-قال : ياعمو أنا كبير ، أشربه .
-فالتفت إليه وقلت : إنك لا تستطيع أن تشربه ، الله يرضى عليك ، الصغار لا يشربون الدواء الكريه .
-قال : أنا لست صغيراً ، أشربه ، أنظر شوف كيف سأشربه .
والتفت ببعض جسدي فرأيته قد شرب الدواء .
فالصدق مع الصغار ، خير من أن نكذب عليهم وأن نوهمهم ما يكذبه الواقع.