منذ الوهلة الأولى للإنباء عن إعفاء هشام محيي الدين ناظر من منصبه كسفير سعودي لدى الشقيقة مصر، و مواقع الإنترنت تحاول أن توحي لنا بأن إحدى فتياتنا كانت وراء ما آل إليه مصير الرجل، و ذلك لمجرد سؤال ساذج طرحته على معاليه.
لقد أضحت الشبكة العنكبوتية بيئة خصيبة يغيب فيها الفهم أحياناً و يحضر العقل من حين لآخر. و بما أنني جزء مِن مَن حولي من كل ما تحمل الأرض ممن يَعْقِل و ما لا يَعْقِل فلن أكون استثناءً، و سأمارس قراءة الواقع جهراً، لئلا يظن بي الانحياز لتنظيم فكري غير مستيقظ.
كلنا ندرك أن السيد ناظر قدم الكثير لوطنه و بالتالي لا يمكن أن يكون خروجه من الدائرة السياسية مذلاً بالشكل الذي حاول البعض أن يصوره. إن الإحسان لا يُقابل إلا بمثله، فلا يُعقل أن تُنهى خدمات سفير، وزير سابق و رجل دولة، لم يُعرف عنه تقصير، بسبب فتاة لا يتعدى فهمُها للأمور أرنبة أنفِها.
لقد حاول السفير أن يكون لطيفاً معها، كما كان واضحاً في بداية حديثه إليها، إلا أنه - فيما يبدو - قد استشعر سطحية تفكيرها عندما قالت: (حنا دولة عندنا إمكانات جبارة)، فرأى أن يُعرض عنها في صمت و ينصرف إلى ما قد ظن أنه أجدى نفعاً له من إضاعة وقته معها، لا سيما و أن الوضع حينها لم يكن يسمح بإلقاء محاضرة في الدبلوماسية التي كان يقتضيها الحال العصيب آنذاك.
من الواضح أن تلك الفتاة لم تكن تعرف أن دخول طائرات دولة ما إلى أجواء بلد آخر لا يتم إلا بتصاريح من سلطات القطر المراد دخوله، و أن الشأن يختلف كثيراً عن (موقف جدة - مكة) لسيارات الأجرة. ثم أنها كشفت عن جهلها بالمسارات الجوية المتفق عليها مسبقاً مع شركات الطيران الأخرى التي تعمل وفق جدولة معينة و أنماط تشغيلية مدروسة، و بالتالي فهي لا تعلم شيئاً عن فحاو مذكرات التفاهم بين هيئة الطيران المصري و نظيرتها السعودية. و عليه فلن أتساءل عما إذا كانت قد سمعت بالأزمة الملاحية الجوية، التي نشأت بين البلدين قبل ما يربو عن السنة.
أعتقد أنه ليس ثمة من علاقة بين محتوى الفيديو و قرار إعفاء السفير ناظر من منصبه، و هو القرار الذي تم بناءً على توصية قدمها وزير الخارجية، سمو الأمير سعود الفيصل، لخادم الحرمين الشريفين، نتيجة للحالة الصحية الغير مستقرة للسفير و التي لم تعد تسمح له بممارسة عمله.
شخصياً، لا أستبعد أن يكون سبب الإعفاء هو إدراك القيادة السعودية لضرورة إعادة تأطير العلاقة السعودية المصرية بعد (سقوط / إسقاط) النظام المصري السابق.
..............
عاشق الهدوء،، شكراً لك