[محمد الساهر]

لكل مقام مقال
عبدالله رشاد عكاظ كاتب


تصريحات مدير عام الخطوط السعودية بشأن أسعار تذاكر الرحلات الداخلية لم تأت بما يمكن أن يبشر به عملاء الخطوط ويفرحهم ويبعث فيهم التفاؤل.
ويدفع توقيت تلك التصريحات على الاعتقاد بأن مدير عام الخطوط السعودية كثيرا ما يغرد خارج السرب، وهو كمن يلقي كلمات تخالف سياق المناسبة، مثلما الحال كمن يلقي كلمة بحفل زفاف ما ويستشهد بآيات قرآنية كريمة تخالف نسق المناسبة، كأن يتلو قول الله تعالى «الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان».
ما صدر من تصريحات لمدير عام الخطوط السعودية خالد الملحم أن الوقت قد حان لرفع قيمة التذاكر الداخلية التي لم تراجع منذ 16 عاما بدعوى أن المقاعد الخالية تمثل خسارة على الخطوط كان سيئا لأسباب عديدة.
فتصريحه يأتي بعد صدور الأوامر الملكية الكريمة، وبالذات ما يخص صرف مكافأة راتب شهرين لموظفي الدولة.
ولحرص ولاة الأمر على عدم استغلال هذه الفرصة من التجار لرفع الأسعار، صدرت التوجيهات الحازمة بمراقبة الأسعار على الوجه الذي يضمن استفادة ذوي الدخل المحدود بمثل هذه المزايا.
بيد أنه اعتقد أن تلك التوجيهات كانت محددة على التجار.
وبما أن الخطوط السعودية هي مرفق قطاع عام فإنها يمكن أن تكون مستثناة من تلك التوجيهات الكريمة.
الجميع كان متفائلا عندما تم اختيار الملحم لهذا المنصب لكونه قادما من شركة خاصة حققت نجاحات ملحوظة وأرباحا خيالية آنذاك، وكان الهدف الأكبر هو الاستفادة من خبراته المتولدة عن عمله في تلك الشركة، خاصة في ما يتعلق بموضوع الخصخصة، وتحسين بيئة الخدمات.
ولكن المتابع لمسار الأوضاع في الخطوط، يجد أنها لم تحقق تقدما كبيرا لاعتبارات كثيرة، منها التوسع في التعاقد مع الشركات الاستشارية مع ما يترتب على ذلك من تكالف مالية باهظة لا توازي النتائج المحققة، إضافة إلى تأخر مواعيد الرحلات وعدم إيجاد وسيلة لتخفيض الفاقد من المقاعد الشاغرة لأسباب لا تتعلق فقط بالراكب، وإنما لأخطاء من موظفي الحجز أو الإركاب في الصالات، يضاف إلى ذلك تدني الخدمات المقدمة للركاب في المطار أو على متن الطائرة.
لذلك فإن النموذج الذي انتهجته شركة الاتصالات السعودية، وفقا لطبيعة أعمالها المختلفة مع فارق الإمكانات بينها وبين الخطوط السعودية، ربما لا يكون مناسبا بصيغته الكلية مع الخطوط السعودية، خاصة في ما يتعلق بالتوسع في التعاقد مع الشركات الاستشارية ونتائج الدراسات التي لم يلمس منها ما يعطي انطباعا بأنها أدت إلى تحسين النتائج على أرض الواقع. هناك بعض المسلمات التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار من قبل أي مسؤول في الخطوط يتسنم قيادة إدارتها، وهي أن أسعار تذاكر السفر على الرحلات الداخلية يتم دعمها من الدولة، ليس حاضرا فقط، ولكن منذ أكثر من 20 عاما مضت، والهدف من ذلك هو تكفل الدولة بمثل هذا الدعم الذي قدم ولا يزال يقدم لإعانة المواطن على تحمل أعباء تكاليف خدمات لا يختلف أحد على ارتفاع أسعارها الحقيقية عن التي يدفعها المواطنون . إذن لماذا يصرح مدير عام الخطوط بمثل هذا التصريح في مثل هذا الوقت؟
هل هي محاولة لتغطية تكاليف أخرى خرجت عن نطاقها المرسوم، ويمكن علاجها من خلال هذه الوسيلة؟
أسئلة كثيرة ارتسمت في أذهان المواطنين الذين كانوا يؤملون في التزامه بتطوير آليات الأداء، وتحسين بيئة العمل وإعادة مكانتها كأكبر وأفضل ناقل جوي في الشرق الأوسط.