من البراق أصول الحبّ قد بزغـت *وقد أضاءت لها بصرى وحوران
إذا سرى الطيف منكم وانثنى سحراً *يهيج بالقلب للإسراء عنوان
لله حـبٌ، رسـول الله أسسـه* وهل لنا غيره أس وأركان
وقـام من بعده الصديق يـورده *والشرق والغرب نيران وصلبان
بعـزمةٍ عـقد الـرايات مـرتقباً *بشرى الرسول وأمضى وهو عجلان
وقال: إن لم نبادرهم بـمعمعـة* تنسي الحلومَ فلا كنا ولا كانوا
والدهر ما عزم الصديق مرتجـف *والأرض مائدة والبحر طوفان
إذا تـحنن فالإعصـار مرحـمة *وإن توعد فالأنسام حسبان
يعطي وليس لـمخلوق عليـه يـد* إنفاقه حسبة، والعتق إحسان
دع ليلة الغار فالقـرآن خلـدهـا* تقاصرت همم عنها وأزمان
* * *
والروم قد أثخنت في الفرس عن حنق *فـالشام قلب وباقي الملك جثمان
حـلاوة النصـر لا زالت تـداعبهـا *ونشوة النصر في الطغيان طغيان
لكن قلب هرقل َ واهـن وجـل* تصارعت فيه أنوار وأوثان
لديه من سابق الأخبار عـن سـلفٍ* من النبوات آيات وبرهان
شمس الـرسالة هـذا حين مطلعهـا *فلتبتهج بسنا الرحمن أكوان
والله يختـار مـما شـاء مرسلـه *والخلق ليس لهم رأي ولا شان
والملك في فـرع إسـماعيل منتقـل* حتماً ولو كرهت روم ويونان
ملك الختان بدا في الأفـق شـاهده *فبان أن الملوك القلف قد بانوا
وأخمدت نار كسرى حين مشرقـه *واهتز بالشرفات الشم إيوان
تـلا كتـاب رسـول الله في أدب *وقال للروم والأرصاد حيطان:
هذا الرسول الـذي كنـا نؤملـه *فالعين نائمة والقلب يقظان
وهذه الشام للمبعوث عاصمـة *للسيف ظل وللزيتون أغصان
إن اتبعنـاه فـالدنيـا لنـا تبـع *وسائر الناس خدام وولدان
وإن أبيـنا فـأمـر الله غـالبنـا *وملكنا ضائع والسعي خسران
* * *
نعمْ! "هرقل ُ" لقـد أسـمعتَ ذا صمـم لو كان للقوم آذان وإذعان
أبت بطارقة الرومـان مـوعظـة وغلّ أحلامهم كبر وبهتان
والكبر ما كان في طياتـه حـسـد فشر وادٍ تردى فيه إنسان
إلا "ضغاطر " إن الله أكـرمـه وقال: يا قوم إن الحق فرقان
محمد نحن في الأسفـار نـعرفـه فكيف يوبقنا في الكفر نكران
تواتـرت عندنـا أنبـاء بعثـتـه فالخلق ينتظرون الإنس والجان
لولاه ما هاجر الأحبار واصطبـروا على لظى يثرب والشام أجنان
وللـنبـوة أعـلام إذا نشـرت أصغى وأبصرها بكم وعميان
وحي يصدق بعضاً بعضـه أبـداً توراة موسى وإنجيل وقرآن
والحـق أولـه مـهـد لآخـره جبريل ناموسه والرُّسْل إخوان
تقـدس الله أن يـدعى لـه ولـد أو أن يكون لـه ندٌ وأعوان
وكلكم عارف ما قلت فـاتبعـوا حكيمة النمل إذ وافى سليمان
فـأشعياء حكى أوصـاف طلعته كما حكى صورة بالرسم فنان
ودانيال فقد جاءت نبوتـه نصاً كما يبصر الإنسانَ إنسان
وفي المزامير يـأتي أحـمد فـإذا كل الجزائر والأنهار خضعان
وسـوف تُخدِمـه أقيالَهـا سبـأ وسـوف تتحفه بالورد لبنان
ويهرع الناس نـحو البيت عاريـة أطرافهم ولهم عج وألحان
تهـدى إليـه قـرابـين مقلـدة تسوقها حسبة مصر ومديان
وفي شـكيم لـه جـيش ذوو غـرر يقتص مما أراقت قبل رومان
وأرض بابل يعنو سـحرهـا هـلعـاً إذا ترنم بالتهليل عربان
هم أمة الحمـد والتكبير ديدنـهم إذا علوا شرفاً أو لاح علوان
وفي النهـار ليوث لا يسـاورهـا غمر وهم في ظلام الليل رهبان
هذا هو الملكوت الحق قد بـزغـت أنواره فالدجى المبهور وسنان
كـأنني أبصـر الأمـلاك تحملـه وهم صفوف لمبداه وفرقان
وذا المبارك باسـم الـرب مقدمـه بنوره محفل الأملاك زهوان
تمت على الحجر المـرفوض نعمتـه فصار تاج الذرى والدين بنيان
أيخفـض الله بنيـانـاً ونـرفعـه؟ ويصطفي الله مختاراً ونختان
ويبتـلي الله تقـوانـا فيلـبسهـا من التعصب إغماط وشنآن