02-06-2011, 02:16 AM
|
#14
|
عضو اداري كبار الشخصيات
|
رد: هي امرأةٌ تَظلُّ كَمَنجمِ الدَهَشاتِ تُدهشني
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-color:darkred;border:9px inset black;"][CELL="filter:;"] [ALIGN=center]
ونستبين من هذه المجازات المتتابعة أن أفق الشاعر قد اتسع ليشمل الموجودات جميعاً ,
فشبه طلعة (الانثى والمغنية بستان)
أيضا بالشمس والقمر , وشبه مشيها الوئيد بمشي البقر الساكنة ,
(اااحسه ذم ::)
وذلك بعد تشبيه هذه المغنية الجميلة بالظبية ثم الحمامة .
ونجد مثل هذه التشبيهات أيضاً في وصف جارية سوداء حسناء
في مجلس عبدالملك بن صالح مضيفاً إليها
تشبيه اهابها في لينه بالسمورة والدلق وتشبيهها
وهي تنساب في مشيتها بالمهرة :
في لين سمورة تخيرَّها الفراء
أو لين جيد الدلق
هيفاء زينت بغصن محتضن
أوفى عليه نهود معتنق
غصن من الآبنوس ألف من
مؤتزر معجب ومنتطق
يهتز من ناهديه في ثمر
ومن دواجي ذراه في ورق
سمحاء كالمهرة المطهمة الدهماء
تنضو أوائل السبق
***
الطبيعة الشبيهة بالمرأة:
ومثلما استوحى الشعراء صورهم وأوصافهم للنساء اللاتي يتغزلون
فيهن من الحيوانات البديعة التكوين عيوناً وخصوراً ,
وكانت المرأة عندهم تشبه هذه الكائنات الطبيعية ,
فقد كانت الطبيعة
في بعض أشعارهم تماثل المرأة في حسنها وفيما يبعثه هذا الجمال
في وجدانهم من نشوة وفي أذهانهم من أخيلة بديعة ,
فكأن المرأة هي الطبيعة حيناً والطبيعة هي المرأة حيناً آخر.
**
يتبدى ذلك في وصف الربيع حيث تأخذ الأرض زخرفها وتتزين
- حسب تعبير القرآن الكريم -
فتغدو الطبيعة مثل المرأة الجميلة ,
فالشاعر يصف الربيع بأنه شباب الطبيعة,
ونخلع عليه من النعوت ما توصف به المرأة .
***
فإذا كان البحتري قد قال في الربيع :
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
فإن ابن الرومي يقول :
ضحك الربيع إلي بكا الديم
وغدا يسوي النبت بالقمم
وهو يصور الربيع مختالاً كالمرأة الحسناء في أثواب قشية :
ما بين أخضر لابس كمما
خضرا وأزهر غير ذي كمم
كما يصوره حالياً بالجواهر من كل لون يبهر العين مثل النساء الجميلات :
والروض في قطع الزبرجد والياقوت
تحت لآلئ تؤم
إن الربيع كالشباب
وإن الصيف يكسعه لكا لهرم
وكأنما لمع السواد إلي
ما أحمر منها في ضحى الرهم
حدق العواشق وُسّطت مقلا
نهلت وعلت من دموع دم
هاتيك أو غيلان غالية
أضحت بها الوجنات في ذمم
***
ويصف روضة في الربيع بما توصف به العروس إذ يقول :
وروضة عذراء غير عانسةُ
جادت لها كل سماء راجسهُ
رائحة بالغيث أو مغالسهُ
فأصبحت من كل وشى لابسةُ
خضراء ما فيها خلاة يابسةُ
ضاحكة النوار غير عابسةُ
كأنها معشوقة مؤانسةُ
تورقك النورة منها الناكسةُ
بعين يقظى ويجيد ناعسةُ
لؤلؤة الطل عليها فارسهُ
****
ومن عيون قصائد ابن الرومي التي يشبه فيها أعضاء النساء
بكائنات من الطبيعة (الأشجار والأزهار والثمار)
قصيدته النونية
إذ يشبه القدود بالأغصان ويخص منها غصون البان,
والشعور بعناقيد الكرم, والعيون بالنرجس,
والبنان (أطراف الأصابع) بالعناب والثغور الناصعة الثنايا بالأقحوان:
أجنت لك الوجد أغصان وكثبان
فيهن نوعان : تفاح ورمان
وفوق ذلك أعناب مهدلة
سود لهن من الظلماء ألوان
وتحت ذلك عناب تلوح به
أطرافهن قلوب القوم قنوان
غصون بان عليها - الدهرَ - فاكهة
وما الفواكه مما يحمل البان
ونرجس بات ساري الطل يضربه
وأقحوان منير النور ريان
أُلّفن من كل شيء طيب حسن
فهي فاكهة شتى وريحان
***
لقد رأى الشاعر لكل موطن جمال حسي في المرأة نظيراً له في الطبيعة
فرسم تلك اللوحات الفنية بريشة فنان تشكيلي عبقري بما عرف عنه من تمثل واستيعاب لكل منظر
يسبي العين في الطبيعة والمرأة على السواء , واستقصاء للصفات المشتركة
بين المشبه والمشبه به بما لا يدع بعده قولاً لقائل كما كتب عنه النقاد القدامى,

ويبدع ابن الرومي في تلوين لوحاته, ولكل لون في الطبيعة عنده مثاله في المرأة,
بل إن اللون الواحد له عدة درجات, فشعور النساء الحسناوات مثل الأعناب (سود لهن من الظلماء ألوان)
ويبلغ ابن الرومي الذروة في الشاعرية حين يصف الأرض في فصل الربيع ويشبهها بالمرأة الساحرة في حسنها ،
وذلك في قوله :
تبرجت بعد حياء وخفر
تبرج الأنثى تصدت للذكر ***
وما ورد هنا من نصوص شعرية في المرأة الطبيعة
والطبيعة المرأة لا يعدو أن يكون غيضاً من فيض ,
وفيه تشبيه النساء بأجمل ما في الطبيعة من كائنات,
وتشبيه الطبيعة بالمرأة الحسناء.

[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
|