عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2011, 02:41 AM   #3
أمة الله
 







 
أمة الله is on a distinguished road
افتراضي رد: المناهي اللفظية كما ذكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

. وسئل : عن حكم قولهم : تدخل القدر ؟ وتدخلت عناية الله ؟

فأجاب قائلا:قولهم (تدخل القدر) لا تصلح لأنها تعني أن القدر اعتدى بالتدخل وأنه كالمتطفل على الأمر ، مع أنه أي القدر هو الأصل فكيف يقال تدخل ؟ والأصح أن يقال : ولكن نزل القضاء والقدر أو غلب القدر أو نحو ذلك ، ومثل ذلك ( تدخلت عناية الله ) الأولى إبدالها بكلمة حصلت عناية الله ، أو اقتضت عناية الله .


42. وسئل : عن حكم التسمي بأسماء الله مثل كريم ، وعزيز ونحوهما؟

فأجاب بقوله : التسمي بأسماء الله – عز وجل – يكون على وجهين :

الوجه الأول : وهو على قسمين :

القسم الأول : أن يحلى بـ ( ال ) ففي هذه الحال لا يسمى به غير الله – عز وجل - كما لو سميت أحداً بالعزيز ، والسيد ، والحكيم ، وما أشبه ذلك فإن هذا لا يسمى به غير الله لأن ( ال) هذه تدل على لمح الأصل وهو المعنى الذي تضمنه هذا الاسم .

القسم الثاني : إذا قصد بالاسم معنى الصفة وليس محلي بـ ( ال ) فإنه لا يسمى به ولهذا غير النبي صلى الله عليه وسلم كنية أبي الحكم التي تكنى بها ؛ لأن أصحابه يتحاكمون إليه فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم " إن الله هو الحكيم وإليه الحكم " ثم كناه بأكبر أولاده شريح فدل ذلك على أنه إذا تسمى أحد باسم من أسماء الله ملاحظاً بذلك معنى الصفة التي تضمنها هذا الاسم فإنه يمنع لأن هذه التسمية تكون مطابقة تماماً لأسماء الله – سبحانه وتعالى – فإن أسماء الله – تعالى – أعلام وأوصاف لدلالتها على المعنى الذي تضمنه الاسم .

الوجه الثاني : أن يتسمى غير محلي بـ ( ال) وليس المقصود به معنى الصفة فهذا لا بأس به مثل حكيم ومن الأسماء بعض الصحابة حكيم ابن حزام الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم، " لا تبع ما ليس عندك " وهذا دليل على أنه إذا لم يقصد بالاسم معنى الصفة فإنه لا بأس به .

لكن في مثل ( جبار ) لا ينبغي أن يتسمى وإن كان لم يلاحظ الصفة وذلك لأنه لا يؤثر في نفس المسمى فيكون معه جبروت وغلو واستكبار على الخلق فمثل هذه الأشياء التي قد تؤثر على صاحبها ينبغي للإنسان أن يتجنبها. والله أعلم .


. وسئل : عن حكم التسمي بأسماء الله تعالى مثل الرحيم والحكيم ؟

فأجاب بقوله: يجوز أن يسمى الإنسان بهذه الأسماء بشرط إلا يلاحظ فيها المعنى الذي اشتقت منه بأن تكون مجرد علم فقط ، ومن أسماء الصحابة الحكم ، وحكيم ابن حزام وكذلك اشتهر بين الناس اسم عادل وليس بمنكر ، أما إذا لوحظ فيه المعنى الذي اشتقت منه هذه الأسماء فإن الظاهر أنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم أبى الحكم الذي تكني به ؛ لكون قومه يتحاكمون إليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله هو الحكم وإليه الحكم " ثم كناه بأكبر أولاده شريح وقال له : " أنت أبو شريح " وذلك لأن هذه الكنية التي تكنى بها هذا الرجل لوحظ فيها معنى الاسم فكان هذا مماثلا لأسماء الله – سبحانه وتعالى – لأن أسماء الله – عز وجل – ليست مجرد أعلام بل هي أعلام من حيث دلالتها على ذات الله – سبحانه وتعالى – وأوصاف من حيث دلالتها على المعنى الذي تتضمنه ، أما أسماء غيره – سبحانه وتعالى – فإنها مجرد أعلام إلا أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها أعلام وأوصاف، وكذلك أسماء كتب الله – عز وجل – فهي أعلام وأوصاف أيضاً .


44. وسئل فضيلة الشيخ:عن حكم ثناء الإنسان على نفسه؟

فأجاب قائلا: الثناء على النفس إن أراد به الإنسان التحدث بنعمة الله – عز وجل – أو أن يتأسى به غيره من أقرانه ونظائره فهذا لا بأس به ، وإن أراد الإنسان تزكية نفسه وإدلاله بعمله على ربه – عز وجل – فإنه هذا فيه شيء من المنة ولا يجوز وقد قال الله – تعالى - :
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(سورة الحجرات ،الآية17).
وإن من أراد به مجرد الخبر فلا بأس به لكن الأولى تتركه .

فالأحوال إذن في مثل هذا الكلام الذي فيه ثناء المرء على نفسه أربع :
الحالة الأولىأن يريد بذلك التحدث بنعمة الله عليه فيما حباه من الايمان واثبات
الحالة الثانية :أن يريد بذلك تنشيط أمثاله ونظائره على مثل ما كان عليه .

فهاتان الحالتان محمودتان لما يشتملان عليه من هذه النية الطيبة .

الحالة الثالثة :أن يريد بذلك الفخر والتباهي والإدلال على الله – عز وجل- بما هو عليه من الإيمان والثبات وهذا غير جائز لما ذكرنا من الآية .
:أن يريد بذلك مجرد الخبر عن نفسه بما هو عليه من الإيمان والثبات فهذا جائز ولكن الأولى تركه


الحالة الرابعة

45.سئل فضيلة الشيخ : عن قول ( يا حاج ) ، و (السيد فلان) ؟

فأجاب بقوله:قول (حاج ) يعني أد الحج لا شيء فيها. وأما السيد فينظر إن كان صحيحا أنه ذو سيادة فيقال : هو سيد بدون الـ فلا بأس به ، بشرط ألا يكون فاسقا ولا كافراً ، فإن كان فاسقا أو كافرا فإنه لا يجوز إطلاق لفظ سيد إلا مضافا إلى قومه ، مثل سيد بنى فلان ، أو سيد الشعب الفلاني ونحو ذلك .


46. وسئل أيضاً:عن حكم ما درج على ألسنة بعض الناس من قولهم
(حرام عليك أن تفعل كذا وكذا)؟

فأجاب بقوله: هذا الذي وصفه بالتحريم إما أن يكون ما حرم الله كما لو قالوا حرام أن يعتدي الرجل على أخيه وما أشبه ذلك فإن وصف هذا الشيء بالحرام صحيح مطابق لما جاء به الشرع.

وأما إذا كان الشيء غير محرم فإنه لا يجوز أن يوصف بالتحريم ولو لفظاً ؛ لأن ذلك قد يوهم تحريم ما أحل الله –عز وجل – أو يوهم الحجر على الله – عز وجل – في قضاءه وقدره بحيث يقصدون بالتحريم التحريم القدري، لأن التحريم يكون قدريا ويكون شرعيا فيما يتعلق بفعل الله – عز وجل – فإنه يكون تحريماً قدرياً ، وما يتعلق بشرعه فإنه يكون تحريما شرعيا وعلى هذا فينهى هؤلاء عن إطلاق مثل هذه الكلمة ولو كانوا لا يريدون بها التحريم الشرعي ، لأن التحريم القدري ليس إليهم أيضا بل هو إلى الله – عز وجل – هو الذي يفعل ما يشاء فيحدث ما شاء أن يحدث ويمنع ما شاء أن يمنعه ، فالمهم أن الذي أرى أنه يتنزهون عن هذه الكلمة وأن يبتعدوا عنها وإن كان قصدهم في ذلك شيء صحيحاً . والله الموفق .


47. سئل فضيلة الشيخ:قلتم في الفتوى رقم (46) أن التحريم
يكون قدرياً ويكون شرعياً فنأمل من سيادتكم التكرم ببيان بعض الأمثلة؟

فأجاب بقوله: سؤالكم عما ورد في جوابنا رقم (46) من أن التحريم يكون قدرياً ويكون شرعياً وطلبكم أمثلة لذلك فإليكم ما طلبتم :

فمن التحريم القدري قوله – تعالى – في موسى :
(وحرمنا عليه المراضع من قبل)(سورة القصص، الآية12).
وقوله – تعالى : ( وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون)
(سورة الأنبياء،الآية 95)

ومن التحريم الشرعي قوله – تعالى - : (حرمت عليكم أمهاتكم)
(سورة النساء، الآية23) .
وقوله – تعالى -
(قل لا أجد فيما أوحي إلىّ محرما على طاعم يطمعه إلا أن يكون ميتة )
(سورة الأنعام،الآية145) .


48. وسئل فضيلة الشيخ: نسمع ونقرأ كلمة (حرية الفكر) ،
وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد ، فيما تعليقكم على ذلك ؟

فأجاب بقوله:تعليقنا على ذلك أن الذي يجيز أن يكون الإنسان حر الاعتقاد ، يعتقد ما شاء من الأديان فإنه كافر ، لأن كل من اعتقد أن أحداً يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كافر بالله – عز وجل – يستتاب فإن تاب وإلا وجب قتله .
والأديان ليست أفكاراً ، ولكنها وحي من الله – عز وجل – ينزله على رسله ، ليسير عبادة عليه ، وهذه الكلمة – أعني كلمة – فكر ، التي يقصد بها الدين . يجب أن تحذف من قواميس الكتب الإسلامية ، لأنها تؤدي إلى هذا المعنى الفاسد ، وهو أن يقال عن الإسلام : فكر ، والنصرانية فكر ، واليهودية فكر – وأعني بالنصرانية التي يسميها أهلها بالمسيحية – فيؤدي إلى أن تكون هذه الشرائع مجرد أفكار أرضية يعتنقها من شاء من الناس ، والواقع أن الأديان السماوية أديان من عند الله – عز وجل – يعتقدها الإنسان على أنها وحي من الله تعبد بها عباده ، ولا يجوز أن يطلق عليها ( فكر ) . وخلاصة الجواب : أن من يعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء وأنه حر فيما يتدين به فإنه كافر بالله – عز وجل – لأن الله – تعالى – يقول :
(ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه )(سورة آل عمران الآية19)
ويقول : (إن الدين عند الله الإسلام)(سورة آل عمران، الآية85).
فلا يجوز لأحد أن يعتقد أن ديناً سوى الإسلام جائز يجوز للإنسان أن يتعبد به بل إذا اعتقد هذا فقد صرح أهل العلم بأنه كافر كفراً مخرجاً عن الملة .


49. سئل فضيلة الشيخ : هل يجوز أن يقول الإنسان للمفتي ما حكم الإسلام في كذا وكذا ؟ أو ما رأي الإسلام ؟

فأجاب بقوله : لا ينبغي أن يقال (ما حكم الإسلام في كذا ) أو ( ما رأي الإسلام في كذا ) فإنه قد يخطئ فلا يكون ما قاله حكم الإسلام ، لكن لو كان الحكم نصاً صريحاً فلا بأس مثل أن يقول : ما حكم الإسلام في أكل الميتة؟ فنقول : حكم الإسلام في أكل الميتة أنها حرام .


50. سئل فضيلة الشيخ:عن وصف الإنسان بأنه حيوان ناطق ؟

فأجاب بقوله: الحيوان الناطق يطلق على الإنسان كما ذكره أهل المنطق ، وليس فيه عندهم عيب ، لأنه تعريف بحقيقة الإنسان ، لكنه في العرف قول يعتبر قدحاً في الإنسان ، ولهذا إذا خاطب الإنسان به عامياً فإن العامي سيعتقد أن هذا قدحاً فيه ، وحينئذ لا يجوز أن يخاطب بها العامي ؛ لأن كل شئ يسئ إلى المسلم فهو حرام ، أما إذا خوطب به من يفهم الأمر على حسب اصطلاح المناطقة ، فإن هذا لا حرج فيه ، لأن الإنسان لا شك أنه حيوان باعتبار أنه فيه حياة ، وأن الفصل الذي يميزه عن غيره من بقية الحيوانات هو النطق . ولهذا قالوا : إن كلمة (حيوان ) جنس، وكلمة (ناطق ) فصل ، والجنس يعم المعرف وغيره ، والفصل يميز المعرف عن غيره .


51. سئل فضيلة الشيخ : عن قول بعض الناس- وخسرت في الحج كذا ،
وخسرت في العمرة كذا ، وخسرت في الجهاد كذا ، وكذا؟

فأجاب قائلا: هذه العبارات غير صحيحة ، لأن ما بذل في طاعة الله ليس بخسارة ، بل هو الربح الحقيقي ، وإنما الخسارة ما صرف في معصية ، أو في ما لا فائدة فيه ، وأما ما فيه فائدة دنيوية أو دينية فإنه ليس بخسارة .


52. سئل فضيلة الشيخ:عن قول الإنسان لرجل
(أنت يا فلان خليفة الله في أرضه) ؟

فأجاب بقوله: إذا كان ذلك صدقاً بأن كان هذا الرجل خليفة يعني ذا سلطان تام على البلد ، وهو ذو السلطة العليا على أهل هذا البلد ، فإن هذا لا بأس به ، ومعنى قولنا (خليفة الله) أن الله استخلفه على العباد في تنفيذ شرعه ، لأن الله – تعالى – استخلفه على الأرض ، والله – سبحانه وتعالى – مستخلفنا في الأرض جميعاً وناظر ما كنا نعمل ، وليس يراد بهذه الكلمة أن الله – تعالى – يحتاج إلى أحد يخلفه ، في خلقة ، أو يعينه على تدبير شئونهم ، ولكن الله جعله خليفة يخلف من سبقه ، ويقوم بأعباء ما كلفه الله .


53.وسئل فضيلته: يستخدم بضع الناس عبارة (راعني)
ويقصدون بها انظرني ، فما صحة هذه الكلمة ؟

فأجاب قائلا: الذي أعرف أن كلمة(راعني ) يعني من المراعات أي أنزل لنا في السعر مثلاً ، وأنظر إلى ما أريد ، ووافقني عليه ، وما أشبه ذلك ، وهذه لا شئ فيها . وأما قول الله – تعالى - : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا ) (سورة البقرة، الآية104) .

فهذا كان اليهود يقولون (راعنا)، من الرعونة فينادون بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم يريدون الدعاء عليه ، فلهذا قال الله لهم : (وقولوا انظرنا ). وأما (راعني ) ، ليست مثل (راعنا) ، لأن راعنا منصوبة بالألف وليست بالياء .

. وسئل حفظه الله: ما حكم قول(رب البيت) ؟ (رب المنزل) ؟

فأجاب: قولهم رب البيت ونحوه ينقسم أقساماً أربعة :

القسم الأول : أن يكون الإضافة إلى ضمير المخاطب في معنى لا يليق بالله – عز وجل – مثل أن يقول (أطعم ربك) فهذا منهي عنه لوجهين :

الوجه الأول : من جهة الصيغة لأنه يوهم معنى فاسداً بالنسبة لكلمة رب ، لأن الرب من أسمائه – سبحانه- ، وهو سبحانه يطعم ولا يطعم.

الوجه الثاني: من جهة أنك تشعر العبد أو الأمة بالذل لأنه إذا كان السيد ربا كان العبد مربوباً والأمة مربوبه.

وأما إذا كان في معنى يليق بالله – تعالى – مثل أطلع ربك كان النهي عنه من أجل الوجه الثاني .

القسم الثاني : أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب مثل ربه ، وربها ، فإن كان في معنى لا يليق بالله كان من الأدب اجتنابه ، مثل أطعم العبد ربه أو أطعمت الأمة ربها ؛ لئلا يتبادر منه إلى الذهن معنى لا يليق بالله .

وإن كان في معنى يليق بالله مثل أطاع العبد ربه وأطاعت الأمة ربها فلا بأس بذلك لانتفاء المحذور .

ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ، في حديث اللقطة في ضالة الإبل وهو حديث متفق عليه " حتى يجدها ربها " وقال بعض أهل العلم أن حديث اللقطة في بهيمة لا تتعبد ولا تتذلل كالإنسان ، والصحيح عدم الفارق لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة بها . قال تعالى :–
( ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب )(سورة الحج ، الآية18)
وقال في العباد (وكثير من الناس) (سورة الحج ، الآية18)
ليس جميعهـم ( وكثير حق عليه العذاب)(سورة الحج ، الآية 18)

القسم الثالث : أن تكون الإضافة على ضمير المتكلم فقد يقول قائل بالجواز لقوله تعالى حكاية عن يوسف إنه ربي أحسن مثواي) (سورة يوسف ، الآية23) أي سيدي،
وإن المحظور هو الذي يقتضي الإذلال وهذا منتف لأن هذا من العبد لسيده .

القسم الرابع : أن يضاف إلى الاسم الظاهر فيقال : هذا رب الغلام فظاهرالحديث الجواز وهو كذلك ما لم يوجد محظور فيمنع كما لو ظن السامع أن السيد رب حقيقي خالق لمملوكه .


55.سئل فضيلة الشيخ :عن قول ما يقول إن الإنسان يتكون من عنصرين عنصر من التراب وهو الجسد، وعنصر من الله وهو الروح ؟.

فأجاب بقوله : هذا الكلام يحتمل معنيين

أحدهما : أن الروح جزء من الله .

والثاني : أن الروح من الله خلقاً .

وأظهرهما أنه أراد أن الروح جزء من الله لأنه لو أراد أن الروح من الله خلقا لم يكن بينها وبين الجسد فرق إذ الكل من اللهتعالى –خلقا وإيجاداً. والجواب على قوله أن نقول لا شك أن الله أضاف روح آدم إليه في قوله تعالى -:
(فإذا سويته ونفخت فيه من روحي)(سورة الحجر،الآية29)
وأضاف روح عيسى إليه فقال:
(ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا)
(سورة التحريم ،الآية12)
وأضاف بعض مخلوقات أخرى إليه كقوله:
(وطهر بيتي للطائفين والقائمين)(سورة الحج ،الآية26) .
وقوله وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه)
(سورة الجاثية ، الآية13) .
وقوله عن رسوله صالح فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها)
(سورة الشمس،الآية13)
ولكن المضاف إلى الله نوعان :

أحدهما:ما يكون منفصلاً بائنا عنه ، قائما بنفسه أو قائما بغيره ، فإضافته إلى الله تعالى إضافة خلق وتكوين ، ولا يكون ذلك إلا فيما يقصد به تشريف المضاف أو بيان عظمة الله تعالى ، لعظم المضاف
فهذا النوع لا يمكن أن يكون من ذات الله تعالى ، فلأن ذات الله تعالى واحدة لا يمكن أن تتجزأ أو تتفرق ، وأما كونه لا يمكن أن يكون من صفات الله فلأن الصفة معنى في الموصوف لا يمكن أن تنفصل عنه ، كالحياة ، والعلم ، والقدرة ، والقوة ، والسمع ، والبصر ، وغيرها . فإن هذه الصفات صفات لا تباين موصوفها ، ومن هذا النوع إضافة ا لله – تعالى – روح آدم وعيسى إليه ، وإضافة البيت وما في السموات والأرض إليه ، وإضافة الناقة إليه ، فروح آدم ، وعيسى قائمة بهما ، وليست من ذات الله تعالى ، ولا من صفاته قطعاً ، والبيت وما في السموات والأرض ، والناقة أعيان قائمة بنفسها ، وليس من ذات الله ولا من صفاته ، وإذا كان لا يمكن لاحد أن يقول : إن بيت الله ، وناقة الله من ذاته ولا من صفاته ، ولا فرق بينهما إذ الكل بائن منفصل عن الله – عزل وجل – وكما أن البيت والناقة من الأجسام فكذلك الروح جسم تحل بدن الحي بإذن الله، يتوفاها الله حين موتها ، ويمسك التي قضى عليها الموت ، ويتبعها بصر الميت حين تقبض ، لكنها جسم من جنس آخر .

النوع الثاني من المضاف إلى الله:ما لا يكون منفصلا عن الله بل هو من صفاته الذاتية أو الفعلية ، كوجهه ، ويده ، سمعه ، وبصره ، واستوائه على عرشه ، ونزوله إلى السماء الدنيا ، ونحو ذلك ، فإضافته إلى الله تعالى من باب إضافة الصفة إلى موصوفها ، وليس من باب إضافة المخلوق والمملوك إلى مالكه وخالقه .

وقول المتكلم (إن الروح من الله ) يحتمل معنى آخر غير ما قلنا : إنه الأظهر ، وهو أن البدن مادته معلومة ، وهي التراب ، أما الروح فمادتها غير معلومة ، وهذا المعنى صحيح . كما قال الله تعالى:-
(ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)
(سورة الإسراء،الآية85).وهذه والله أعلم – من الحكمة في إضافتها إليه أنها أمرلا يمكن أن يصل إليه علم البشر بل هي مما استأثرالله بعلمه كسائرالعلوم العظيمة الكثيرة التي لم نؤت منها إلا القليل ، ولا نحيط بشيء من هذا القليل إلا بما شاء الله – تبارك وتعالى.
فنسأل الله تعالى ، أن يفتح علينا من رحمته وعلمه ما به صلاحنا ، وفلاحنا في الدنيا والآخرة .


56. سئل فضيلة الشيخ:عن المراد بالروح والنفس ؟ والفرق بينهما ؟.

فأجاب قائلا:الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حسا أو معنى ، فالقران يسمى روحا قال الله تعالى:
(وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا)(سورة الشورى،الآية52)
لأن به حياة القلوب بالعلم والإيمان ، والروح التي يحيى بها البدن تسمى روحا قال الله تعالى ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي)(سورة الإسراء الآية85)

أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيراً كما في قوله تعالى-:
(الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى)(سورة الزمر،الآية42).
وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه ، فيقال جاء فلان نفسه ، فتكون بمعنى الذات ، فهما يفترقان أحيانا، ويتفقان أحيانا ، بحسب السياق .

وينبغي بهذه المناسبة أن يعلم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها فقد تكون الكلمة الواحدة لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق

فالقرية مثلا تطلق أحيانا على نفس المساكن ، وتطلق أحيانا على الساكن نفسه ففي قوله تعالى عن الملائكة الذين جاءوا إبراهيم
(قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية)(سورة العنكبوت،الآية31)
المراد بالقرية هنا المساكن ، وفي قوله تعالى-:
(وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً)
(سورة الإسراء،الآية58) المراد بها المساكن ، وفي قوله تعالى:
(أو كالذي مرعلى قرية وهي خاوية على عروشهـا)(سورة البقرة،الآية259)
المراد بها المساكن ، وفي قوله:
(وأسأل القرية التي كنا فيها)(سورة يوسف،الآية82)
المراد بها الساكن ، فالمهم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها وبحسب ما تضاف إليه ، وبهذه القاعدة المفيدة المهمة يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه كثير من أهل العلم من أن القران الكريم ليس فيه مجاز ، وأن جميع الكلمات التي في القران كلها حقيقة، لان الحقيقة هي ما يدل عليه سياق الكلام بأي صيغة كان ، فإذا كان الأمر كذلك تبين لنا بطلان قول من يقول إن في القران مجازا ، وقد كتب في هذا أهل العلم وبينوه ، ومن أبين ما يجعل هذا القول صوابا أن من علامات المجاز صحة نفيه بمعنى أنه يصح أن تنفيه فإذا قال:فلان أسد ،صح له نفيه،وهذا لا يمكن أن يكون في القران ، فلا يمكن لأحد أن ينفي شيئا مما ذكره الله تعالى في القران الكريم .


57. سئل فضيلة الشيخ : عن حكم إطلاق لفظ (السيد) على غير الله تعالى ؟.

فأجاب بقوله:إطلاق السيد على غيرالله تعالى إن كان يقصد معناه وهي السيادة المطلقة فهذا لا يجوز، وإن كان المقصود به مجرد الإكرام فإن كان المخاطب أهلا للإكرام فلا بأس ولكن لا يقول السيد بل يقول سيد ، أو نحو ذلك ، وإن كان لا يقصد به السيادة والإكرام وإنما هو مجرد اسم فهذا لا بأس به .


58. سئل فضيلة الشيخ:من الذي يستحق أن يوصف بالسيادة ؟.

فأجاب بقوله:لا يستحق أحد أن يوصف بالسيادة المطلقة إلا الله – عز وجل – فالله تعالى هو السيد الكامل السؤدد ، أما غيره فيوصف بسيادة مقيدة مثل سيد ولد آدم ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسيادة قد تكون بالنسب ، وقد تكون بالعلم ، وقد تكون بالكرم ، وقد تكون بالشجاعة ، وقد تكون بالملك ، كسيد المملوك وقد تكون بغير ذلك من الأمور التي يكون بها الإنسان سيدا ، وقد يقال للزوج سيد بالنسبة لزوجته ، كما في قوله تعالى - وألفيا سيدها لدا الباب)( سورة يوسف،الآية25) .

فأما السيد في النسب فالظاهر أن المراد من كان من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم أولاد فاطمة – رضي الله عنها – أي ذريتها من بنين وبنات ، وكذلك الشريف ، وربما يراد بالشريف من كان هاشميا وأياً كان الرجل أو المرأة سيدا أو شريفا فإنه لا يمتنع شرعا أن يتزوج من غير السيد والشريف ، فهذا سيد بني آدم وأشرفهم ، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج ابنتيه رقية وأم كلثوم عثمان بن عفان ، وليس هاشميا ، وزوج ابنته زينب أبا العاص بن الربيع وليس هاشميا.


59. وسئل فضيلته عن الجمع بين حديث عبد الله بن الشخير– رضي الله عنه– قال( انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقلنا أنت سيدنا فقال" السيد الله تبارك وتعالى".وما جاء في التشهد"اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد".وحديث" أنا سيد ولد آدم" ؟.

فأجاب قائلا:لا يرتاب عاقل أن محمدا صلى الله عليه وسلم ،سيد ولد آدم فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك،والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة،وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم من طاعة الله – سبحانه وتعالى-:
(من يطع الرسول فقد أطاع الله)(سورة النساء،الآية80)
ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم ،سيدنا،وخيرنا، وأفضلنا عند الله – سبحانه وتعالى- وأنه المطاع فيما يأمر به،صلوات الله وسلامه عليه ،ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع،عليه الصلاة والسلام ،أن لا نتجاوزما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد أن نقول: (اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد) أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ،ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التي ذكرها السائل وهي (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد) وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي صلى الله عليه وسلم ،فإن الأفضل ألا نصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بها ، وإنما نصلى عليه بالصيغة التي علمنا إياها .

وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمدا ، صلى الله عليه وسلم، سيدنا فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه وأن لا ينقص عنه ، فلا يبتدع في دينه الله ما ليس منه ، ولا ينقص من دين الله ما هو منه ، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا .

وعلى هذا فإن أولئك المبتدعين لأذكار أو صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمدا صلى الله عليه وسلم ، سيد ، لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع وأن لا ينقص منه ، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال:" أنا سيد ولد آدم " والجمع بينه وبين قوله:" السيد الله "أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده فإنه تعالى هوالذي له الأمر كله فهو الآمروغيره مأمور، وهو الحاكم وغيره محكوم ، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شئ محدود، ومكان محدود، وعلى قوم دون قوم ، أو نوع من الخلائق دون نوع .


60. وسئل فضيلته عن هذه العبارة(السيدة عائشة–رضي الله عنها-)؟.

فأجاب قائلا:لا شك أن عائشة – رضي الله عنها – من سيدات نساء الأمة ، ولكن إطلاق (السيدة) على المرأة و(السيدات) على النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من الغرب حيث يسمون كل امرأة سيدة وإن كانت من أوضع النساء ، لأنهم يسودون النساء أي يجعلونهم سيدات مطلقا ، والحقيقة أن المرأة مرأة ، وأن الرجل رجل، وتسميه المرأة بالسيدة على الإطلاق ليس بصحيح ، نعم من كانت منهن سيدة لشرفها في دينها أو جاهها أو غير ذلك من الأمور المقصودة فلنا أن نسميها سيدة ، ولكن ليس مقتضى ذلك إننا نسمي كل امرأة سيدة .
كما أن التعبير بالسيدة عائشة ، والسيدة خديجة ، والسيدة فاطمة وما أشبه ذلك لم يكن معروفا عند السلف بل كانوا يقولون أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين خديجة ، فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونحو ذلك .

يتبع



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

لاحول ولاقوة الا بالله
أخر مواضيعي
أمة الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس