التغاير في الصفات لا في الذوات
من كان يستوعب التفسير كاملا يدخل عليه إشكال يجب الرد عليه أين الإشكال؟
أننا قلنا في قول الله تعالى في سور كثيرة مثل قول الله جل وعلا: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) قلنا إن تكرار اليسر نكرة مرتين يدل على أن اليسر الثاني خلاف اليسر الأول، وأنتم تقولون إن النكرة إذا تكررت تغايرت، ثم من القواعد المشتهرة كما قال السيوطي في منظومته أن النكرة إذا تكررت تغايرت.
فنقول فهو يقول على هذا تصبح - على المعنى هذا - آية الزخرف: (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) أن هناك إلهين وفق القاعدة، لكن نقول لا يلزم من هذا أبداً
أولاً: لوجود الأصل نعم أن الله إلهٌ واحد .
والأمر الثاني: القواعد تقول أن هذا تغيرُ في الصفات لا في الذوات، فالذات واحدة هي ذات الله، من صفاته أنه يعبدهُ أهل السماء ومن صفاته الأُخر أنه يعبدهُ أهل الأرض، فيُفرق ما بين التغيير في الذوات والتغيير في الصفات ..
قال ربُنا يثني على نفسه: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (الأعلى1) ثم قال: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (الأعلى2) وقال: (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) (الأعلى3) فليست (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) صفةٌ لغير الله إنما هي صفةٌ أخرى لله فالعطف بالواو يقتضي المغايرة لكن هذه المغايرة في الصفات وليست في الذات، ويحتاط المرء عندما يفهم أن التغاير يكون في الصفات لا يكون التغاير في الذوات....
محاسن التأويل / سورة الأنعام