عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-07-2011, 06:31 AM
الصورة الرمزية ابراهيم السعدي
ابراهيم السعدي ابراهيم السعدي غير متواجد حالياً
 






ابراهيم السعدي is on a distinguished road
افتراضي رمضان قد حضركم ( خطبة رائعة )

رمضان قد حضركم 28 / 8 / 1432
للشيخ عبدالله البصري
الخطبة الأولى :

أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، يَومَانِ في عِلمِ اللهِ أَو ثَلاثَةٌ ، وَيَكُونُ المُسلِمُونَ في شَهرِ رَمَضَانَ ، ويُعَانِقُونَ بِأَفئِدَتِهِم شَهرَ الصِّيَامِ وَالقُرآنِ ، وَتَحضُرُهُم أَيَّامُ التَّبَتُّلِ وَالتَّعَبُّدِ وَالدُّعَاءِ ، وَتَتَوَالى بَينَ أَيدِيهِم لَيَالي القِيَامِ وَالتَّقَرُّبِ وَالرَّجَاءِ .
إِنَّهُ المَوسِمُ الَّذِي يَعظُمُ فِيهِ أَمَلُ المُسلِمِينَ بِرَبِّهِم ، فَيَحفَظُونَ جَوَارِحَهُم بِإِقبَالِهِم عَلَى أَنوَاعِ البِرِّ وَالطَّاعَاتِ ، وَيَصُونُونَ حَوَاسَّهُم بالتَّخَفُّفِ مِنَ الأَوزَارِ وَالسَّيِّئَاتِ ، فَلَيتَ شِعرِي مَنِ المُدرِكُ لِذَلِكَ الشَّهرِ العَظِيمِ فَيُهَنَّأَ ؟
وَمَن المُوَفَّقُ فِيهِ لأَفضَلِ الأَعمَالِ وَأَزكَاهَا فَيُبَارَكَ لَهُ ؟
إِنَّ التَّوفِيقَ لِلعَمَلِ الصَّالحِ في شَهرِ رَمَضَانَ ، وَتَسدِيدَ العَبدِ فِيهِ وَفي غَيرِهِ مِنَ المَوَاسِمِ ، لَيسَ مُعَادَلَةً صَعبَةً وَلا أُمنِيَّةً مُستَحِيلَةً ، وَمَا كَانَ اللهُ لِيَجعَلَ عَلَى عِبَادِهِ في دِينِهِم حَرَجًا وَلا يُكَلِّفَهُم مِن أَمرِهِم عُسرًا ، بَل إِنَّ هَذَا الدِّينَ العَظِيمَ في أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَعِبَادَاتِهِ وَمُعَامَلاتِهِ ، قَائِمٌ عَلَى التَّيسِيرِ مَبنيٌّ عَلَى الرِّفقِ , مَحفُوفٌ بِالرَّحمَةِ مُزَيَّنٌ بِالعَفوِ , مُجَمَّلٌ بِالغُفرَانِ بَعِيدٌ عَنِ الحَرَجِ , مُنَافٍ لِلعَنَتِ مُنَاقِضٌ لِلمَشَقَّةِ ، التَّيسِيرُ مَقصِدٌ أَسَاسِيٌّ مِن مَقَاصِدِهِ , وَرَفعُ الحَرَجِ سِمَةٌ ظَاهِرَةٌ مِن سِمَاتِهِ ، كِتَابُهُ يُسرٌ وَذِكرَى ، وَآيَاتُهُ رَحمَةٌ وَبُشرَى ، وَنَبِيُّهُ مُبَشِّرٌ وَمُيَسِّرٌ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُم "
وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " هُوَ اجتَبَاكُم وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ "
وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَلَقَد يَسَّرنَا القُرآنَ لِلذِّكرِ فَهَل مِن مُدَّكِرٍ "
وَقَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : " فَإِنَّمَا يَسَّرنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ المُتَّقِينَ "
وَالمُتَأَمِّلُ في عِبَادَاتِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَخلاقِهِ وَأَقوَالِهِ وَأَفعَالِهِ ، يَجِدُهَا مُعَطَّرَةً بِأَرِيجِ اليُسرِ مُطَيَبَّةً بِشَذَا الرِّفقِ , يُبَشِّرُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ أُمَّتَهُ بِاليُسرِ فَيَقُولُ : " إِنَّكُم أُمَّةٌ أُرِيدَ بِكُمُ اليُسرُ " أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَيُبَيِّنُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أَنَّ الدِّينَ الَّذِي اختَارَهُ اللهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ هُوَ دِينُ اليُسرِ وَالسُّهُولَةِ فَيَقُولُ : " إِنَّ خَيرَ دِينِكُم أَيسَرُهُ , إِنَّ خَيرَ دِينِكُم أَيسَرُهُ " أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ . وَيَقُولُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ الدِّينَ يُسرٌ ، وَلَن يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبشِرُوا ، وَاستَعِينُوا بِالغَدوَةِ وَالرَّوحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلجَةِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ .

عِبَادَ اللهِ ، لَيسَ الانتِظَامُ في سِلكِ العَابِدِينَ صَعبًا وَلا مُستَحِيلاً ، وَمَا التَّشَبُّهُ بِالزَّاهِدِينَ طَرِيقًا وَعرًا وَلا طَوِيلاً ، وَإِنَّمَا يَكفِي العَبدَ مِن بِدَايَةِ شَهرِهِ إِخلاصٌ وَنِيَّةٌ حَسَنَةٌ ، يَتبَعُهَا عَزِيمَةٌ صَادِقَةٌ وَتَوَكُّلٌ عَلَى اللهِ ، ثُمَّ تَحَرٍّ لِلخَيرِ وَتَقَرُّبٌ ، وَسَيرٌ إِلى الأَمَامِ وَعَدَمُ التِفَاتٍ أَو تَقَهقُرٍ ، مَعَ حِرصٍ عَلَى الفَرَائِضِ وَالوَاجِبَاتِ ، وَبَدءٍ بِالأُصُولِ وَالمُهِمَّاتِ ، وَبَعدَ ذَلِكَ سَيَجِدُ العَبدُ أَنَّ رَبَّهُ مَعَهُ يُؤَيِّدُهُ وَيَنصُرُهُ ، وَيُعِينُهُ وَيُصَبِّرُهُ ، وَسَيَرَى الطَّاعَاتِ وَالقُرُبَاتِ تَأتي إِلَيهِ مُنقَادَةً مُتَتَابِعَةً ، آخِذًا بَعضُهَا بِرِقَابِ بَعضٍ ، ذَلِكَ أَنَّ فِعلَ الفَرَائِضِ وَحِفظَ الوَاجِبَاتِ ، يَهدِي بِهِ اللهُ لِفِعلِ المَندُوبَاتِ ، وَيُوَفِّقُ بِبَرَكَتِهِ لِلتَّزَوُّدِ مِنَ المُستَحَبَّاتُ ، وَالحَسَنَةُ تَدعُو لِلحَسَنَةِ ، وَالبِرُّ يَدفَعُ لِلبِرِّ " وَمَن يَتَحَرَّ الخَيرَ يُعطَهُ ، وَمَن يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَهُ " قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى . وَصَدَّقَ بِالحُسنى . فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرَى " وقَالَ ـ تَعَالى ـ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ : " أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني ، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي ، وَإِنْ ذَكَرَني في مَلإٍ ذَكَرتُهُ في مَلإٍ خَيرٍ مِنهُم ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ شِبرًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَرَوَلَةً " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ إِنَّ التَّعَامُلَ مَعَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ في مَوَاسِمِ الطَّاعَاتِ وَأَوقَاتِ العِبَادَاتِ ، لا يَحتَاجُ مِنَ العَبدِ إِلاَّ أَن يَنطَلِقَ في ذَلِكَ الطَّرِيقِ المَهْيَعِ وَالبَحرِ المُتَنَوِّعِ ، فَيَأخُذَ مِنَ العِبَادَاتِ مَا يُطِيقُ ، وَيَكلَفَ مِنَ الطَّاعَاتِ مَا يَستَطِيعُ ، وَيَجِدَّ وَيَجتَهِدَ وَيَصبِرَ وَيُصابِرَ ويُرَابِطَ ، فَمَا يَشعُرُ إِلاَّ وَقَد أَلِفَت نَفسُهُ الخَيرَ وَاعتَادَتِ البِرَّ ، فَكَسِبَ مَا لم يَكسَبْهُ المُتَكَاسِلُونَ ، وَفَازَ بمَا لم يَفُزْ بِهِ المُفَرِّطُونَ ، وَأَمَّا مَا قَد يَجِدُهُ في أَوَّلِ الطَّرِيقِ أو في أَثنَائِهِ مِن أَلَمٍ أو تَعَبٍ أَو نَصَبٍ ، فَسَيَذهَبُ وَلا شَكَّ وَيَنتَهِي ، وَسَتَبقَى في النَّفسِ بَعدَهُ لَذَّةٌ لا تَعدِلُهَا لَذَّةٌ ، في حِينِ يَشعُرُ المُفرِّطُ بِحَسرَةٍ مَا بَعدَهَا حَسرَةٌ ، وَالنَّتِيجَةُ الكُبرَى يَومَ يُبعَثُ الخَلقُ وَيَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ ، فَتَجِدُ كُلُّ نَفسٍ مَا عَمِلَت مِن خَيرٍ مُحضَرًا ، وَمَا عَمِلَت مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَو أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدًا بَعِيدًا .
غَيرَ أَنَّ ثَمَّةَ عِلَّةً عَظِيمةً وَسَبَبًا كَبِيرًا مِمَّا يُثَبِّطُ العَزَائِمَ عَنِ الخَيرِ ، وَيُخذَلُ بِهِ العَبدُ عَنِ الطَّاعَةِ ، وَيُحَالُ بِشُؤمِهِ بَينَهُ وَبَينَ البِرِّ ، ويُقَيِّدُهُ عَنِ اللَّحَاقِ بِالرَّكبِ وَيُحرَمُ بِسَبَبِهِ التَّوفِيقَ ، وَمَعَ هَذَا فَقَد لا يَتَنَبَّهُ لَهَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ في هَذَا الزَّمَانِ ، ذَلِكُم هُوَ تَنَاوُلُ الحَرَامِ أَكلاً وَشُربًا وَمُشَاهَدَةً وَاستِمَاعًا ، وَالتَّعَامُلُ بِهِ أَخذًا وَعَطَاءً وَبَيعًا وَشِرَاءً ، فَفِي الحِينِ الَّذِي تَجِدُ مِنَ النَّاسِ التَّسَاهُلَ بِفِعلِ المُحَرَّمَاتِ وَالوُقُوعَ المُتَكَرِّرَ في حِمَى المُشتَبَهَاتِ ، تَرَاهُم يَستَنكِرُونَ أَن تَثقُلَ عَلَيهِمُ الطَّاعَاتُ وَلا تُقبِلُ نُفُوسُهُم عَلَى القُرُبَاتِ ، وَتاللهِ مَا ذَاكَ لَدَى المُؤمِنِينَ بِمُستَنكَرٍ ، وَلا هُوَ لَدَى أَصحَابِ القُلُوبِ الحَيَّةِ بِمُستَغرَبٍ ، وَأَنَّى لِمَن تُحِيطُ بِهِ المُحَرَّمَاتُ مِن كُلِّ جَانِبٍ وَيَتَنَاوَلُهَا صَبَاحًا وَمَسَاءً ، أَنىَّ لَهُ أَن يُهدَى لِمَا هُدِيَ إِلَيهِ عِبَادُ اللهِ الصَّالِحُونَ القَانِتُونَ ، وَكَيفَ تَنبَعِثُ نَفسُهُ كَمَا انبَعَثَت نُفُوسُ الرَّاجِينَ الخَائِفِينَ ؟! لا وَاللهِ لا يَكُونُ ذَلِكَ وَهَيهَاتَ هَيهَاتَ ، فَيَا أُمَّةَ الإِسلامِ ، طَهِّرُوا نُفُوسَكُم وَبُيُوتَكُم قَبلَ دُخُولِ الشَّهرِ الكَرِيمِ ، وَأَزِيلُوا مِن طَرِيقِكُم كُلَّ مَانِعٍ وَقَاطِعٍ ، تَخَلَّصُوا مِنَ المُشغِلاتِ وَالمُلهِيَاتِ ، وَنَظِّفُوا أَيدِيَكُم مِمَّا لا يَحِلُّ لَكُم وَاتَّقُوا الشُّبُهَاتِ ، تُوبُوا إِلى اللهِ تَوبَةً نَصُوحًا ، فَإِنَّ طَاعَةَ اللهِ ـ تَعَالى ـ شَرَفٌ كَبِيرٌ , وَالوُقُوفَ بَينَ يَدَيهِ ـ سُبحَانَهُ ـ مَنقَبَةٌ عَظِيمَةٌ , وَاغتِنَامَ مَوَاسِمِ الخَيرَاتِ تَوفِيقٌ كَبِيرٌ , وَإِنَّ اللهَ لا يَهَبُ طَاعَتَهُ وَلا يَأذَنُ لأَحَدٍ بِالقُربِ مِنهُ إِلاَّ لِمَنِ أَحَبَّهُ وَرَضِيَ عَنهُ . كَم تَرَونَ في رَمَضَانَ مِن كُلِّ عَامٍ مِن طَائِعِينَ مُقبِلِينَ ، هَذَا يُكثِرُ مِنَ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ , وَذَاكَ يَحبِسُ نَفسَهُ في المَسجِدِ لِتِلاوَةِ القُرآنِ , وَآخَرُ يُتَابِعُ أَعمَالَ الخَيرِ وَيَرعَى مَشرُوعَاتِ البِرَّ ، فَيُجَهِّزُ مَوَائِدَ التَّفطِيرِ لِلصَّائِمِينَ ، وَيُعِينُ الفُقَرَاءَ وَالمَسَاكِينَ ، وَيُسَاعِدُ الضُّعَفَاءَ وَالمُحتَاجِينَ , وَذَاكَ في أَعمَالِ دَعوَةٍ وَتَوعِيَةٍ لا تَكَادُ تَنقَطِعُ ! وَكَم تَرَونَ في المُقَابِلِ مَن لَيلُهُم سَهرٌ طَوِيلٌ فِيمَا لا يَنفَعُهُم ، وَنَهَارُهُم نَومٌ عَمِيقٌ عَمَّا يُقَرِّبُهُم ، وُجُوهُهُم عَابِسَةٌ ، وَصُدُورُهُم ضَائِقَةٌ ، وَنُفُوسُهُم بِالخَيرِ شَحِيحَةٌ ، وَأَيدِيهِم عَنِ البَذلِ مُمسِكَةٌ مَقبُوضَةٌ ، فَمَنِ الَّذِي قَرَّبَ قَومًا وَهَيَّأَ لهمُ الفُرَصَ وَوَفَّقَهُم لاغتِنَامِهَا ، وَخَذَلَ آخَرِينَ لِيُمضُوا شَهرَهُم بَينَ لَعِبٍ وَبَطَالَةٍ ؟ إِنَّهُ اللهُ مُوَفِّقُ المُقبِلِينَ المُخبِتِينَ ، وَخَاذِلُ المُعرِضِينَ المُستَنكِفِينَ ، مَن تَعَامَلَ مَعَهُ قَبِلَهُ وَرَضِيَهُ ، وَمَن أَعرَضَ عَنهُ رَدَّهُ ونَسِيَهُ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَالَّذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدًى وَآتَاهُم تَقوَاهُم "
وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُم "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " إِنَّ الَّذِينَ لا يَرجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالحَيَاةِ الدُّنيَا وَاطمَأَنُّوا بها وَالَّذِينَ هُم عَن آيَاتِنَا غَافِلُونَ . أُولَئِكَ مَأوَاهُمُ النَّارُ بما كَانُوا يَكسِبُونَ . إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهدِيهِم رَبُّهُم بِإِيمَانِهِم تَجرِي مِن تَحتِهِمُ الأَنهَارُ في جَنَّاتِ النَّعِيمِ . دَعوَاهُم فِيهَا سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُم فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعوَاهُم أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ "


الخطبة الثانية :

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ مِن أَكبَرِ أَسبَابِ التَّوفِيقِ في الشَّهرِ الكَرِيمِ وَفي غَيرِهِ مِن مَوَاسِمِ الخَيرِ ، أَن يَحرِصَ العَبدُ أَوَّلَ مَا يَحرِصُ عَلَى المُحَافَظَةِ عَلَى الفَرَائِضِ وَالابتِعَادِ عَنِ المُحَرَّمَاتِ ، وَآكَدُ مَا يَجِبُ عَلَى المُسلِمِ في رَمَضَانَ وَغَيرِهِ الصَّلَوَاتُ الخَمسُ ، الَّتي أَوجَبَ اللهُ أَدَاءَهَا مَعَ الجَمَاعَةِ في المَسَاجِدِ ، فَمَن أَرَادَ تَوفِيقًا لِلخَيرِ في شَهرِ رَمَضَانَ ، فَلْيَقطَعْ عَلَى نَفسِهِ عَهدًا بِالمُحَافَظَةِ عَلَيهَا جَمَاعَةً مِن أَوَّلِ لَيلَةٍ مِن لَيَالي رَمَضَانَ ، وَلْيُحَاسِبْ نَفسَهُ في ذَلِكَ مُحَاسَبَةً دَقِيقَةً ، فَوَاللهِ إِنَّهَا لَمِيزَانٌ كَبِيرٌ وَمِقيَاسٌ دَقِيقٌ لِلفَوزِ أَوِ الخَسَارَةِ ، مَن حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيهَا حَفِظَ دِينَهُ ، وَمَن ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضيَعُ .
وَبَعدَ ذَلِكَ فَلْيَكُنْ لَلمَرءِ عَزِيمَةٌ عَلَى الإِكثَارِ مِنَ النَّوَافِلِ وَالمُحَافَظَةِ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ ، وَلْيَأخُذْ بِحَظِّهِ مِن صَلاةِ التَّرَوايِحِ مَعَ الجَمَاعَةِ وَلْيَحذَرِ التَّكَاسُلَ ، وَلْيَعزِمْ عَلَى خَتمِ القُرآنِ وَتَأَمُّلِهِ وَتَدَبُّرِهِ وَالانتِفَاعِ بِعِظَاتِهِ ، وَلْيَتَذَكَّرْ أَنَّ رَمَضَانَ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ ، وَأَنَّ عُمرَةً في رَمَضَانَ تَعدِلُ حَجَّةً ، وَمَن فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثلُ أَجرِهِ ، وَأَنَّ " مَن عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفسِهِ وَمَن أَسَاءَ فَعَلَيهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلعَبِيدِ "

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لما وَفَّقتَ إِلَيهِ عِبَادَكَ الصَّالحِينَ ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَلَينَا , وَانصُرْنَا وَلا تَنصُرْ عَلَينَا , وَامكُرْ لَنَا وَلا تَمكُرْ عَلَينَا , وَاهدِنَا وَيَسِّرْ هُدَانَا إِلَينَا .
</B></I>

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
عود لسانكَ على ؛
* اللهم اغفِر لي *
فإن لله ساعات لايرد فيها سَائلاً
أخر مواضيعي