المغني لابن قدامه[ ص: 277 ] كتاب الطلاق
الطلاق : حل قيد النكاح . وهو مشروع ، والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة والإجماع ; أما الكتاب فقول الله تعالى { : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } . وقال تعالى { : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } . وأما السنة فما روى { ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : مره فليراجعها ، ثم ليتركها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد ، وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء } . متفق عليه . في آي وأخبار سوى هذين كثير .
وأجمع الناس على جواز الطلاق ، والعبرة دالة على جوازه ، فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين ، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة ، وضررا مجردا بإلزام الزوج النفقة والسكنى ، وحبس المرأة ، مع سوء العشرة ، والخصومة الدائمة من غير فائدة ، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح ، لتزول المفسدة الحاصلة منه . ( 5814 ) فصل : والطلاق على خمسة أضرب ; واجب ، وهو طلاق المولي بعد التربص إذا أبى الفيئة ، وطلاق الحكمين في الشقاق ، إذا رأيا ذلك . ومكروه ، وهو الطلاق من غير حاجة إليه . وقال القاضي : فيه روايتان ; إحداهما : أنه محرم ; لأنه ضرر بنفسه وزوجته ، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه ، فكان حراما ، كإتلاف المال ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم { : لا ضرر ولا ضرار } . والثانية ، أنه مباح ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { أبغض الحلال إلى الله الطلاق . } وفي لفظ { : ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق . } رواه أبو داود
تفسير ابن كثير
أخبرنا يزيد بن أبي حكيم ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن سميع ، أن أبا رزين الأسدي يقول : قال رجل : يا رسول الله ، أرأيت قول الله : " الطلاق مرتان " ، فأين الثالثة ؟ قال : " التسريح بإحسان الثالثة " .
فأما إذا لم يكن لها عذر وسألت الافتداء منه ، فقد قال ابن جرير :
حدثنا ابن بشار ، حدثنا عبد الوهاب وحدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن عليه قالا جميعا : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عمن حدثه ، عن ثوبان ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة " .