شتــان مــا بــين
هــــــــــــــــــــذا وذاك ..؟
كمـــا بـــين
النــــــور والظلام
هذه النتيجة الأكيدة التي يخرج بها الانسان ,
عندمــــــــــا يرى صوراً من واقعــنـــــا
تتحقـق فيها آيـــــات الله تعالــى من مثــل قــوله عــز وجــل:
[أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ]
أمــا هــذا ..
فهو عبدالحميد بن عبدالعزيز كشــك , الداعية المعروف , وخطيب أرض الكنانة الذي لايشق له غبار.
فقد عينيه فصار ضريراً عندما بلغ السابعة عشرة , ولكن ذالك لم يمنعه من أن يشـــق طريقه في الدعوة الى الله , وأن يجاهد بلسانه وقلمه أهل الباطل , وأن يأمر بـــالمعروف وينهى عن المنكر.
وأمضى الشيخ أكثر من أربعين عاما من عمره على تلك الحال , يعظ ويرشد ويدعو إلى الله , وينافح عن الدين وأهله من على منبره , وفي مؤلفاته , حتى بلغت خطبه ال425خطبة ! وتجاوزت مؤلفاته ال100مؤلف .
وكانت أمنيته أن يتم تفسير كتاب الله كاملا قبل وفاته , وقد جاوز عمره الستين عاما , فحقق الله له ذلك . ولأن الله عزوجل إذا أحب عبدا ختم له بأحسن ما تكون الخواتيم , فكذلك كان مع الشيخ عبدالحميد .
ففي صبيحة يوم الجمعة , الخامس والعشرين من شهر رجب عام 1417هـ , كان من عادة الشيخ أن يصلي في بيته ماشاء الله له من النافلة قبل أن يذهب إلى المسجد .
وعندما استقبل الشيخ القبلة بعدما توضأ , كبر وقرأ , ثم ركع وسجد , وفي السجدة الثانية من تلك الركعة ....
زاره ملك الموت !
ويا لحسن وقت الزيارة ! وكأنما الشيخ نفسه من اختار وقتها !!
في يوم جمعة , متوضئا , ساجدا كما يكون العبد في أقرب لحظة إلى ربه .
موت التقي حياة لا إنقطاع لها **** قد مات قوم وهم في الناس أحياء .
فهنيئا للشيخ تلك الميتة التي يحسده عليها المؤمنون , ورحمك الله يافارس المنابر .
وأما ذاك ..
فهو على الضد تماما من الصورة السابقة .
هو شاب مثل كثير من شباب المسلمين العابثين , الذين يظنون أنهم إنما خلقوا للمتعة , وأنه لا يزال أمامهم متسع من الوقت ليمارسوا كل ما تشتهيه أنفسهم من الرذائل , ودون حد , ومن دون قيود .
كان ذلك الشاب ممن يطلبون اللذة المحرمة مع النساء . وفي إحدى المرات , قام بترتيب موعد مع إحدى المومسات في أحد الفنادق التي اعتاد ارتيادها .
وجاء الشاب على الموعد , فوجد المومس بانتظاره , فدخل وإياها إلى إحدى الحجرات , وشرع في ممارسة الرذيلة معها .
وبينما هو في قمة اللذة والنشوة المحرمة ..
وفي اللحظة التي كان يفرغ فيها شهوته في أحضان تلك المومس ..
انقض عليه ملك الموت !!
وخطف روحه , ليتركه بعد ذلك جثة هامدة بين يدي تلك العاهرة , التي أخذت تصرخ مستغيثة من شدة الرعب الذي أصابها من هول المفاجأة !!
إنها ميتة في منتهى البشاعة , ترتعد لها فرائص الموحدين الذين يخشون ربهم .
حقا (( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ))
وهكذا فان
[كل الناس يغــدو فبائـــــع نفسه , فعمتقهـــــــــــا أو موبقهـــــــــــــا].
انه لا يمكن أن يُجنى من الشوك العنب
فأهل الصلاح المستجيبين للهدى ، لا ينتج منهم الا كل جميل من الأقوال و الأفعال.
وأما أهل الغاويه فثمارهم نكدة متعفنة لا نفع فيها ولا خير.
[وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا]
كما أنه لا يعتذر للانسان أمام الله في عدم سلوك الصراط المستقيم والتزامه ، لأن الله قد أعطى الانسان أدوات الادراك والتمييز ، ووضح له طريق الحق والباطل. .
[أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ *وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ *وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ]
وتظل آيات الله تتلى عبرة للمعتبرين. .
[أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ]
[أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ]
شتان ما بيـــن
هذا وذاك . .