ديوان الشاعر الكبير ابن ثامره
او كما اسماه ابو نضال الدوسي
الحكيم الثائر
وهو غني عن التعريف
.
.
ترجمة الشاعر محمد بن ثامرة
.
.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
سيرة شاعرنا الثائر الذاتية كما رواها حفيده علي بن عبدالله بن ثامرة ، رحمه الله ،
لكي أزيل اللبس والغموض والزيادة والنقص الذي يغلف سيرته
مما هو لدى بعض تلك المنتديات فأقول وبالله التوفيق :
ترجمة ابن ثامرة
هو محمد بن غرم الله بن عبدة الأول بن عطية بن دلو بن كوفان بن زيلع بن عمر
بن شيبان بن حميم القعبصي الزهراني .
ولد عام 1248هـ ، وتوفي عام 1338 هـ ، عن تسعين عاما قضاها
في الحرب والإصلاح بين الناس .
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .
والقعبصي نسبة إلى أفراد قرية القعابصة التي أسسها جدهم قعبص ، والتي كانت تقع سابقا في شعب العقبة المؤدي منه
طريق جبل (الحويل) المتفرع من الأودية التي تصب في وادي (دوقة) ، ولهذه القرية قصة قضت على جميع من كان
بها من السكان عدا من كان غائبا عنها ، ومجملها أن امرأة كانت تُدعى (حوتة) قُتل ولداها : (عمرو ومع**) فأتت
إلى رجال قرية القعابصة ، وبذلت المزارع والبيت والمال وتزويج ابنتيها لِمَن يأخذ لها بثأر ولديها ، فاستعد شيبان
وولداه بذلك ، ولما أخذوا لها بثأرها حازوا جميع ما وعدت به ، وتزوج الولدان من بنتيها ، وتركوا قريتهم القعابصة
واستقروا في بيت تلك المرأة مكونين قرية اسمها ( الحوتة) نسبة إلى تلك المرأة ، وكان مع شيبان أخواه وهما :
سحمان ودحيم.
فأما سحيم فطلع السراة وأسس قرية (حميم) إحدى قُرَى قبيلة بني عامر ، وأما دحيم فأسس قرية ( المضحاة) بتهامة .
ونعود إلى قصة القضاء على سكان قرية القعابصة حيث يحدثنا الآباء نقلا عن الأجداد -والكلام لحفيد ابن ثامرة علي بن
عبدالله بن محمد ، رحمه الله -، بأن أحد رجال القعابصة خطب بنتا من قرية (أم سلمة) المطلة على وادي (دوقة) بين
قرية (الحشف) و (المرصاد) من آل عبد الحميد ، فلم يوافق أهلها عليه ، ثم تقدم لها رجل من قرية (دار الريم)
الواقعة في وادي (يَحَر) أحد أودية وادي دوقة ، فوافق أهلها عليه ، ولما علم الأول بذلك عزم على الانتقام حين زفها
إلى عريسها ، وعندما جُهزت العروس وسار بها أهلها قاصدين إيصالها إلى عريسها في قرية دار الريم ، جمع قومه
وأبلغهم برفض أهل العروس له وقبولهم زواجها من رجل آخر ليس بأفضل منه ، وإن لم تمشوا معي لآخذها عنوة وأرد
اعتباري فسيبقى قتلي أن هم قتلوني عارا عليكم وسُبَّة إلى آخر الدهر ، فوافقوه على غَيِّه وسار بهم ، ولما تراءا
الجمعان أخذ بخطام الجمل الذي تركبه العروس وقتل الراكب الذي أمامها فوق الجمل من أقربائها ثم قفز مكانه وعطف
الجمل إلى ناحية قريته وترك جماعته يتقاتلون مع أهل العروس حتى حجز الليل بينهم ، فأجمع أهل العروس ومن معهم
من سكان وادي دوقة على حرق قرية القعابصة وقتل سكانها ، فبيتوهم ليلا وأحرقوا القرية وقتلوا جميع سكانها ما عدا
من كان خارجا عنها وهم من ذكرنا أسماءهم سابقا .
زوجاته وأبناؤه
تزوج محمد بن ثامرة من أربع نسوة ، الأولى بنت عمه واسمها : معيظة بنت حسين بن عبده الأول ، وهي أم ولده
إبراهيم . والثانية خضراء بنت سعيد بن علي ، من حلة الفاكهة ، حوزة تابعة لقرية رُباع إحدى قُرَى قبيلة بني حسن
بسراة زهران ، وهي أُمُّ ولده عبدالله بن محمد بن ثامرة . والثالثة فاطمة بنت المكنى ، من قرية بني سار بسراة زهران .
والرابعة زاهية بنت زاحم ، وطلق الثنتين الأخيرتين قبل أن ينجب منهن .
ترجمة أُم ابن ثامرة
هي ثامرة بنت معيض بن عطية بن دلو بن كوفان بن زيلع بن عمر بن شيبان بن حميم القعبصي . وهي بنت عم شاعرنا
، من قرية (الحوتة) ، ويقول حفيده : اطلعت على نسبها في مشجر لدى ولد بنتها الشاعر محمد بن حسن المالحي ، من
قرية وادي الصدر ، رحمهم الله .
((( كفالة ثامرة لولديها )))
والرحلة الأولى
تكفلت ثامرة بنت معيض بكفالة ابنها محمد وأخته (ذَهَبَة) وذلك بعد وفاة زوجها وعمر محمد سنتان ، وأخته ستة أشهر،
وقد خيَّرها أقاربها بين زواجها بمن تختار من أحد الأقارب أو الجلوس مع طفليها وحرمانها من ميراث زوجها ، فاختارت
رعاية طفليها على الدخول بهم على رجل غريب قد لا يحسن معاملتهما ، فأخذت طفليها ورحلت بهما إلى قرية المصاقير
إحدى قُرَى قبيلة بيضان بسراة زهران ، من أجل طلب لقمة العيش بعد أن ضن بها الأقارب عليها وعلى طفليها ، ونزلت
جارة على الشيخ فرير بن موسى المصقري وظلت بجواره معززة مكرمة هي وطفليها خمس سنوات ، وفي نهاية السنة
الخامسة كان عمر شاعرنا قد بلغ سبع سنوات ، فطلب الشيخ فرير من ثامرة أن يقوم محمد ، برعاية الغنم ، فوافقت على
ذلك وأخذ شاعرنا يخرج بالغنم إلى الجبال القريبة من القرية وهو يردد بعض القصائد التي تفتق عنها ذهنه في هذه السن
المبكرة ، وكلما قال قصيدة رقص في تلك الوهاد رقصة العرضة ، وهكذا حتى اهتدى إلى مزرعة للشيخ ابن رقوش ،
تشبه الغابة لكثرة أشجارها تسمى (الرهوة) تطل على وادي المصاقير من الناحية الشرقية ، وعلى جبل القِحْف من
الناحية الغربية ، وهي محاطة بسور حجري ولها مدخل واحد ، فكان يدخل الغنم فيها ويؤصد باب المزرعة وينصرف
عن متابعة الغنم إلى قول القصائد وممارسة الرقصات الشعبية وقبل مغيب الشمس يتذكر أغنامه فيجمعها ثم يعود بها
إلى المراح ، ومر به ذات يوم رجل من القرية يدعى شـنَّان بن شتْحان ، فشاهد انصراف ابن ثامرة عن الغنم ، ولاحظ
هُزالها في الوقت الذي ينبغي أن تكون فيه مكتنزة شحما ولحما ، وأبلغ الشيخ فرير بذلك ، ولم يصدق الشيخ مقالة
الرجل إلا أنه تابع الشاعر في اليوم التالي فرأى بنفسه إهمال الشاعر للغنم وعدم اهتمامه بها ، فعلم أن الشعر قد غلب
على اهتمام الطفل وصرفه عن الغنم ، ومن الأفضل عدم الاعتماد عليه في رعي الغنم بعد اليوم ، فعاد من المزرعة ولم
يقل للطفل شيئا ، ولما وصل إلى البيت استدعى ثامرة وقال لها : محمد لم يعد يصلح لرعي الغنم وإنما يصلح لأن يكون
مع الشعراء في المناسبات ينشدهم ويرقص لهم الرقصات الشعبية ، وقد لاحظت اهتمامه بذلك وانصرافه عن الغنم فقرَّرت
الأم العودة بطفليها إلى ديرتها ، ف**اهم الشيخ وأوصى الأم على الشاعر الصغير ، وتمنى لهم عودا حميدا ، فعادت
الأم بطفليها إلى حضيرة الأقارب لتخبرهم بنبوغ شاعر منهم سيكون له مستقبل في مجال الشعر الشعبي بين شعراء
القبيلة .
الرحلة الثانية
ما إن وصلت ثامرة بطفليها إلى قرية المضحاة مسقط رأس شاعرنا حتى تنكر لها الجميع رغم إبلاغهم بنبوغ الطفل محمد
، في قول الشـعر الشعبي ، فأظلمت الدنيا في وجهها وأحست بالألم يعتصر قلبها وكاد يقتلها الأسى لولا لطف المولى جلت
قدرته ، وأخذت تفكر وتفكر وتستعرض أسماء القبائل التي يمكن أن تعيش في كنف أحد رجالها ، فإلى أين ستذهب هذه
المرة ، وإلى متى ستظل طريدة شريدة هي والصبية ، وهذه دارهم وتلك مزارعهم وهؤلاء أقرباؤهم ، أليس منهم رجل
رشيد يعطف على الأيتام ويقوم برعايتهم ويحسن تربيتهم في ديرة أبيهم ويريحهم عناء التنقل في القبائل بحثا عن لقمة
الطعام المتوفرة في مزارع أبيهم المغتصبة ، ولما لم تجد منهم ذا قلب رقيق عقدت العزم على الترحال إلى وادي **يد ،
فصحبت عصبة الحجيج العـائدين من مكة المكرمة ، وهناك ألقت عصا الترحال بجانب أهل الخير من رجالات **يد ،
فمكثت زهاء ست عشرة سنة ، درس ابنها خلالها شيئا من القرآن الكريم والعلوم الدينية الأخرى لدى الشيخ إبراهيم بن
عمر ال**يدي وبجانب تعلمه القرآن الكريم تعلم الفروسية وفنون القتال في ناد يعلم الصبية الطعن بالرمح والضرب
بالسيف والرمي بالقوس ووسائل الدفـاع الشخصي ، حتى مهر في ذلك كله ، وتأثر بسير فرسان العرب الأوائل من خلال
مطالعاته قصصهم من أمثال عنترة بن شداد ، والزير سالم ، وأبي زيد الهلالي وغيرهم .
وكان المنتدى يعد جائزة سنوية يتنافس عليها اثنان من المتفوقين في مجال الفروسية ، فوقعت القرعة على شاعرنا وعلى
زميل دراسته ربيع بن قاسم العلوي ، وعندما حان وقت مبارزة البطلين في ساحة الميدان واجتمعت اللجنة المنظمة لذلك ،
ألقى العلوي رمحه أرضا قائلاً لن أبارز رجلا لا أعرف قبيلته التي ينتمي إليها ، عندها ألقى ابن ثامره رمحه وقال
لخصمه : صدقت أمهلني حولا كاملا وأنا آتيك بمن يعرف قبيلتي وحقيقة أصلي ، وطلب من اللجنة الموافقة على طلبه ،
فوافقت اللجنة وأُرجئت المبارزة حولا كاملا .
فعاد إلى أمه ورجاها أن تتأهب للرحيل لأنه قرر العودة إلى قريته لإحضار من يُعَرِّفَ بقبيلته ، وعاد إلى قريته بهموم
كالجبال ، واستقبل من قبل أقاربه بفتور ، وما إن عرض عليهم التعريف بقبيلته لدى ال**يدي حتى طردوه من القرية
شر طردة ، فنزل في ظل سدر يُعرف إلى اليوم بسدر (بنان) ، ومكث ثلاثة أيام يسائل نفسه كيف يثبت لمنافسه قبيلته
التي ينتمي إليها ، فطلبت منه أمه أن يذهب إلى قرية (الغِبِشة)، وسوف يلقى هناك من يسير معه بإذن الله ، فسار باتجاه
قرية (قرعة) بعد أن وضع على رأسه قبعة يمانية ذات شكل هرمي مصنوعة من الخوص ، وأرسل شعره الأشقر على
كتفيه ، ولبس إزارا على عادة قومه ، وفي الطريق إليها التقى رجلا قصير القامة يرتدي قميصا مشجراً باللونين الأسود
والأبيض وهو يصلح ساقية مزرعته يدعى علي بن أحمد الغبيشي ، الشاعر الفطحل فسلم عليه فرد عليه الرجل السلام ،
فعرف الرجل أن شاعرنا غريب عن القرية فأراد أن يستنطقه ليعرف شاعريته ومدى فطنته فألقى عليه بيتين من الشعر ،
فرد عليه شاعرنا على الفور .
وبعد أن تعارفا قص ابن ثامرة على الغبيشي ، مواقف أقاربه منه وتنكرهم له ولوالده ، وطرده عن بيته وأملاكه ، وعدم
السير معه للتعريف بقبيلته لدى **يد ، فرحب به الغبيشي وأخذه إلى بيته وجمع رجال قريته ثم أبلغهم بقصة شاعرنا
وطلب منهم مساعدته والتوسط في الصلح لدى أقاربه ، فذهب معه أربعة وهم : علي بن أحمد الغبيشي ، والشيخ شامي
بن موسى ، وأحمد بن حسين بن قرعة ، والقصاد من قرية المسعد . وعلى إثر مساعي هؤلاء صلح مع أبناء عمه وردوا
له تركة والده .
الرحلة الثالثة
بعد أن صلح مع بني عمومته واسترد جميع ما خلفه له والده ، فكر في الذهاب إلى **يد ببعضهم للتعريف بقبيلته
واستلام الجائزة ، فطلب منهم السير معه فأبوا ، فتركهم وطلع إلى السراة بعد أن اطمأن إلى موافقة صاحبه الشاعر علي
بن أحمد الغبيشي ، وراضي بن موسى من (قرن الذويب) وفي السراة وافق للسير معه أحمد بن عسيري ، من قرية
(رُبَاع) وبخيت بن أحمد من قرية (الحناديد) فنزل بهما إلى تهامة وسار الخمسة إلى **يد فوصلوا قبل انتهاء المدة
المعطاة ، وبعد أن جرى التعريف من هؤلاء بقبيلة ابن ثامرة ، طلب الفارس ال**يدي مُعرِّفين للمعرِّفين فوافقت اللجنة
على طلبه ، فأُسقط في يد شاعرنا إذْ لا أحد يعرف المعرفين في **يد ، إلاَّ أن راضي بن موسى ، أنقذ الموقف وبعث
الأمل جديدا في نفس ابن ثامرة ، عندما قال للجنة التحكيم : ابحثوا عمن حج أو اعتمر فلا بد أنه مر بقرية (قلوة)
بتهامة زهران وتسوَّق في سوقها المشهور أثناء حجه أو عمرته واسألوه ولسوف يتبين لكم أن الشاعر وبعض المعرفين
من تلك الجهات ، وكان من اللجنة من أدى فريضة الحج ولما سمع بذكر قلوة وسوقها أقنع بقية أعضاء اللجنة بمعرفته
قبيلة الشاعر وصحة انتسابه إليها .
وتنازل البطلان فكانت الغلبة لشاعرنا الفارس ، ونال جائزة المبارزة وقدرها ثلاثمائة وستون ريالاً وعاد هو ورفاقه إلى
ديارهم ليبدأ شاعرنا مع الشعر والفروسية طوال بقية حياته