رد: تكلم الفصحى
|
اليابان تعاقدت في عام 1945 مع عدة دور نشر لترجمة كل ما يصدر في أرجاء العالم إلى اللغة اليابانية، في نفس الوقت الذي يصدر فيه الكتاب. فعلوا ذلك ببساطة منذ ذلك الحين، ونحن ما زلنا نناقش الأمر.
هذا ليس جلدا للذات، إنها شكوى الأخ إلى إخوانه.. استنهاضا للهمم، ولعلنا نتبصر بالواقع، والتحديات التي تواجهنا.
هل يخطئ الإنسان إذا نظر إلى موضوع اللغة نظرة جدية، وأنها تتصل بحياته كفرد، وتمتد إلى حياة الأمة كأمة؟
|
|
 |
|
 |
|
ما شاء الله لا قوة الا بالله
اخي كاتب الموضوع نرجو من الله ان تكون دعوتك مستجابه وان تلقى الترحيب من الاخوه
فعلا اللغه العربيه الفصحي هي طريقنا الى التقدم والتطور
واكبر دليل على ذلك قناة براعم الشهيره القناه المفضله لدى ابنتي آخر العنقود في الصف الثاني ابتدائي
تصدقون بالله ان ابنتي تشاهد تلك القناه منذو العام الثالث من عمرها ولا تفضل غيرها لحد انها حتى الوجبه لا تأكلها الا وهي تشاهد تلك القناه وتحاول التقليد
قلوا لي بالله كيف طفله في السنه الثالثه من عمرها تميز جودة تلك القناه عن قنوات اسبيستون وطيور الجنه وغيرها من القنوات المتخصصه في الترفيه عن الاطفال 0 انها لا تشاهد تلك القنوات
اخي اللغه الفصحى نحن نرحب بك وبأطروحاتك الشيقه والمفيده مهما تكون انت بمعرف آخر او جديد بالكل نحن نطمع منك في المزيد وقلي رأيك في قسم التراث وسوالف الاولين هل من الممكن ان نرجع الى لغتنا العاميه كون القسم تراثي ام ان بذلك القسم يجب ان تكون الفصحى هناك ايضاُ
تقبل فائق التحيه والاحترام انت والاخوه اللذين سبقوني سواءً من أيد او عارض[/quote]
أسعدك الله، ووفقك لكل خير، وحفظ الله لك ابنتك، وجعلها قرة عينك، وأمتعك الله بها، وأمتعها بك.
أخي الكريم..
بالنسبة لقسم التراث وأشعار الأولين، وغير ذلك من المحاضن التي ترعى الشعر الشعبي ..
أنا قد أعترف أني ليس لدي حلول سحرية، ولا أعرف جوابا لكل سؤال..
ربما أكون مشاغبا، أثير الإشكالات ولا أتي بكل الحلول..
لكن دعنا نفكر في الأمر بروية:
العامية مستشرية جدا، لأنها بدأت منذ عهد بعيد جدا، وانتشارها بدأ من القرن الرابع الهجري، تدريجيا، حتى وصل الأمر إلى ما هو عليه..
لكن الحل ليس الاستنامة لهذا الوضع، والتسليم به، وتناسي واجبنا تجاه لغتنا وأمتنا.
والعودة للفصحى ليست خروجا على التراث..
لماذا ما قيل قبل مائة سنة ، نعتبره تراثا، وما قيل قبل خمسمائة سنة ليس تراثا.. ألم يكن شعراء قبائلنا على سبيل المثال، الذين عاشوا في القرون الأولى أولى بأن نحيي تراثهم.. إن العالم من حولنا يرى أنه كلما قدم العهد بالشيء كان أغلى وأثمن.
ونحن كلما أوغلنا في العودة إلى تراث السابقين، كلما اقتربنا من النبع الصافي، والمورد العذب..
أنا لا أمانع في العناية بالتراث بعد تنقيته، وتمحيصه، وسنجد فيه لآلئ ودررا، تساعد على إحياء لغة القرآن، لا تصادمها، ولا تكون حربا عليها. وسنجد في ألف وخمسمائة سنة غنية ووفاء بما نريد. ليس علينا أن نحصر أنفسنا في الفترة القريبة التي انتشرت فيها الأمية والجهل. كما أن هؤلا ء أجدادنا فأولئك أجدادنا، وهم أكبر، وأولى بالاتباع، ولغتهم اللغة، وشعرهم الشعر، وقولهم الفصل. وقد استشهد العلماء بشعرهم، وعدوهم في عصور الاحتجاج. لكن الأخلاف التي تبعتهم تتفاوت، ولم يقل أحد من العلماء بأنا ملزمون بتدوين ما قالوه، ولا ترسيخ ما قالوه، ولا تسجيل ما ما قالوه. إلا أن نترجم ما قالوه إلى الفصيح. هذا رأيي ولا ألزم بها أحدا. إن أي كلمة تكتب بالعامية، تُنقض في مقابلها لبنة من الفصحى. لا تعبتروا في هذا مغالاة. انظروا إلى الفرنسيين كيف يذودون عن لغتهم خارج حدود فرنسا، فكيف بداخلها. بداخلها لن تستطيع أن تقول كلمة بغير الفرنسية الفصحى، وإلا فلن يفهموك، بل لن يحترموك. إن أي لافتة تكتب بغير الفرنسية يغرم صاحبها بغرامة كبيرة. وخرج جاك شيراك من مؤتمر لأن مدير البنك المركزي تحدث في بالإنجليزية، ولم يعد إلا بعد ركض خلفه منظمو المؤتمر يسترضونه، وكأنهم يقولون" حقك علينا،والله ما يعيدها".
لقد مرت أمتنا في المئات الأخيرة من تاريخها بفترة تخلف وجهل وأمية شديدة القسوة، ولم يستطع الناس أن يبقوا بدون شعر، فقالوا شعرا أميا شعبيا، "تصبيرة" إذا جاز التعبير، لكن بعد أن نهضنا، وأبصرنا النور، وانتشرت المطابع، وجاء عصر الإحياء، عصر البارودي وشوقي، الذين تربوا على شعر الشنفرى وكعب الأشقري.. لم يعد هناك مبرر أن نبقى على تلك الـ"التصبيرة".
لذلك المسألة لا تتعلق بهذا المنتدى فقط، بل يجب على الجهات المعنية في الدول أن تأخذ زمام المبادرة، وتنشر ثقافة اللغة العربية العالية، في كل النشاطات، والقنوات، واللقاءات، وأن تتوقف عن تشجيع شعر الأمية البائد، غير الخالد..
انتبهوا .. دعوا العاطفة جانبا.. نحن الآن نتناقش بالمنطق، ونستضيء بنور العقل، أو نحاول على الأقل..
ماذا سنخسر إذا تركنا العامية تنقرض، وفدينا بها الفصحى..
إن على إحداهما أن تدفع الثمن..
أما الآن فنحن نقف في المنتصف..
لا أتقنا لغتنا الحقة لغة القرآن.. ولا رسخنا لغتنا العامية، وعاملناها بجدية، وكتبنا بها علومنا، وصحفنا، وترجمنا إليها علوم الآخرين..
إذا طُلب منا أن نستخدم العامية في كل شأن ديني أو دنيوي ، حتى في خطب الجمعة، وتفسير القرآن، فسنرفض، ونستنكر.. لماذا؟
لأن نشعر بالذنب، وأن ذلك خطيئة في حق الفصحى؟
لماذا هذا النفاق؟
الفصحى تقول لكم إما أن تأخذوني كلي.. أو تدعوني كلي..
اعلموا أن هذا الوضع خاص بالعرب فقط..
كوريا لم تجامل اليابان، فقد احتلت اليابان كوريا لفترة طويلة وفرضت عليها لغتها، وعندما استقلت كوريا، كانت لغة الشعب الكوري هي اليابانية، فماذا حدث؟ كوريا لم تجامل اليابان، بل غيرت لغتها كليا خلال ربع قرن. نعم. لم يكن يتقن اللغة الفصحى الكورية في كوريا إلا كبار السن (عكسنا )، فماذا فعلوا؟
طلبوا من هؤلاء المسنين أن يعلموا الأطفال والشباب، وبالتدريج، تحولت كوريا إلى كوريا، بدأت بعدنا، والآن سبقتنا.
كاليابان، بدأنا النهضة سويا، وسبقتنا، ووصلت إلى أن تكون دولة اقتصادية عظمى ، خلال ثلاثين سنة..أما نحن فأنتم أدرى.
ولكن لحظة!
من قال إن كبارنا لا يحبون الفحصى، ولا يطربون للشعر الفصيح؟ إن كثيرا من سمات العامية هي قريبة من الفصحى. إن العامية بنت الفصحى. صحيح أنها بنت مشوَّهة، ولكن فيها بعض صفات الأم.
لذلك فإذا أكثرنا من تناشد الأشعار الفصيحة، وتغنينا بشعر شعرائنا الفصحاء، فما نلبث حتى تنتشر ثقافة الفصحى، وتعدي القرائح بعضها البعض، وتسري هزة الطرب في أوصال أحاديثنا:
أنشد لنا قول الشاعر:
فإن أهلكْ، فقد أبقيتُ بعدي ......... قصائدَ تعجبُ المتمثلينا
لذيذاتِ المقاطع محكماتٍ .......... لوَ ان الشعرَ يلبس لارتُدينا
اجلس مع أبيك أو جدك، وأنشد له الأبيات التالية، وانظر هل يطرب أو لا:
حاملُ الهوى تعبُ ........ يستخفه الطربُ
إن بكى يحق له .......... ليس ما به لعبُ
كلما انقضى سببٌ ......... منكِ عاد لي سببُ
تضحكين لاهيةً ......... والمحب ينتحبُ
تعجبين من سقمي؟ ....... صحتي هي العجب
أو قوله:
يا غزالا في كثيبِ ....... أنت في حسنٍ وطيبِ
يا قريب الدار ما ......... وصلك مني بقريبِ
يا حبيبي أنت قد ......... أنسيتي كل حبيبِ
أو قول الآخر وقد شرب فانتشى، فاختلت عنده مقاييس الأحجام والأشياء أمام نظره:
شربنا اليوم كأسا ثم رحنا ...... نرى العصفور أكبر من بعيرِ
كأن الديك ديك بني نميرٍ ....... أمير المؤمنين على السريرِ
كأن دجاجهم في البيت رقطا ...... وفود الروم في قمص الحريرِ
فبت أرى الكواكب دانيات ........ ينلن أنامل الرجل القصيرِ
أدافعهنَّ بالكفين عني ........ وأمسحُ جبهةَ القمرِ المنيرِ
بالله ألا يطربك مثل هذا الشعر؟ ألا يُطرب المرءَ مهما كان سنه، ومهما زعمنا أنه انغمس في الشعر الشعبي، وغرق فيه؟
ما هو إلا أن يسمع شعر العربية الفصيح، وجمال قوافيه، حتى يحن إليه..
خلوا بين الناس وبين الشعر الفصيح، حتى يعتادوه، ويحبوه، وإن فيه لأعاجيب، تجذب البعيد قبل القريب.
بشرط أن يكون شعرا، حقيقيا ، لأن في شعر الفصيح هذه الأيام، ما هو واقع في درك الركاكة، أو الغموض، أو الضعف.. وهذا لا يدخل في مرادنا البتة.
هذا.. وشعراء النبط مشاريع عربية واعدة، وبذرة صالحة، لشعراء فصحى متميزين.. وكثير منهم ينظم الفصيح بجانب الشعبي..
وما هو إلا أن نعيد الطاولة على أرجلها ، حتى يتحول هؤلاء إلى أنهار عذبة تصب في مشروعنا، وروافد غنية تزيد من رصيد هدفنا المنشود.
التعديل الأخير تم بواسطة منبع الطيب ; 22-01-2012 الساعة 11:07 AM.
|