
محمد حسن فقي أديب وشاعر سعودي
من مواليد مكة (1914-2004)، شاعر الرومانسية في الحجاز،
ومن الرعيل الثاني في نهضته الأدبية. ومن طلائع الصحفيين بالحجاز.
زاوج بين الشعر والفلسفة، واشتهرت أشعاره بالوجدانية والرؤية الغارقة
في التشاؤم والزهد عن الحياة. وفضلا عن شهرته الأدبية والنقدية، كان
الفقي بيروقراطياً تنقل في وظائف كثيرة بالدولة السعودية،
قام بتأسيس ديوان الرقابة العامة، كما عُيّن سفيراً للسعودية بأندنوسيا من عام
(1955-1957م). تخرج الفقي من مدارس الفلاح بمكة،
وتأثر بأعمال الرعيل الأول في الحجاز وبأعمال طه حسين وعباس العقاد
والمازني وأحمد أمين، وباقي طلائع النهضة العربية،
وشعراء المهجر؛ جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي.
كما رأس الفقي تحرير صحيفة صوت الحجاز.
لُقب بشاعر مكة، وفيلسوف الحجاز وشاعر القافية.
ويعد امتداد للشاعر حمزة شحاتة، كما يشبّه بالشاعر العربي أبو العلاء المعرّي.
كرمته المملكة في مهرجان الجنادرية ومنحته جائزة
الدولة التقديرية. كما أن هناك جائزة أدبية عربية منذ عام 1994م
باسم جائزة محمد حسن فقي للشعر والنقد الأدبي مقرها مصر،
أسستها مؤسسة أحمد زكي يماني الثقافية الخيرية،
يتولى الأمانة العامة فيها الدكتور أحمد محمد عبد العزيز كشك،
العميد السابق لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة.
تعلم في مدارس الفلاح في مكة المكرمة وتخرج فيها، ثم عهد له بالتدريس بها، فدرس الطلبة الخط العربي والجغرافيا والأدب.
بدأ نبوغه في الأدب والشعر وهو صغير ونظم الرباعيات.
تأثر بأعمال الرعيل الأول في الحجاز وبأعمال طه حسين وعباس العقاد والمازني وأحمد أمين وشعراء المهجر مثل جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي.

حياته العملية
رأس تحرير جريدة صوت الحجاز.
عينه الملك فيصل بن عبد العزيز سفيراً للمملكة العربية السعودية في أندونيسيا من عام 1955 حتى عام 1957
كان أول مدير عام لمؤسسة البلاد الصحفية.
كلفه الملك فيصل بن عبد العزيز بتأسيس ديوان المراقبة العامة وعين نائب لرئيس هذا الديوان.
عمل بوزارة المالية والاقتصاد الوطني محرراً ثم رئيس لديوان التحرير، ومفتش عام مساعد ثم رئيس لديوان الواردات العامة ثم مديراً عاما بالوزارة.
تولى رئاسة مجلس إدارة البنك الزراعي.
عينه الشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ وزير التعليم العالي السابق مستشاراً للمجلة العربية.

مؤلفاته وأشعاره
ديوان (قدر ورجل).
المجموعة الشعرية الكاملة لمحمد حسن فقي. (7 مجلدات).
الفلك يدور.
كتاب (نظرات وأفكار في المجتمع والحياة).
كتاب فلسفي بعنوان (افكار في المجتمع والحياة). (جزءين).
هذه هي مصر.
كتاب (ترجمة حياة).
كتاب (رمضانيات فيلسوف).
مذكرات رمضانية.
كتاب (فيلسوف).
كتاب (مذكرات يومية). (3 أجزاء).
مجموعة قصصية.
أعماله الكاملة في ثمانية مجلدات صدرت عام 1985.
مئات المقالات والدراسات الأدبية التي نشرها في الصحافة المحلية والعربية.

تكريمه
لقب بشاعر مكة وفيلسوف الحجاز وشاعر القافية.
حصل على العديد من الجوائز والأوسمة في مناسبات عديدة.
كرمته المملكة العربية السعودية في مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة ومنحته جائزة الدولة التقديرية.
وضعت جائزة أدبية عربية منذ عام 1994 باسم جائزة محمد حسن فقي للشعر والنقد الأدبي ومقرها القاهرة وقد أسستها مؤسسة أحمد زكي يماني الثقافية الخيرية.

وفاته
توفي في جدة يوم السبت 18 شعبان 1425هـ الموافق 2 أكتوبر 2004
عن عمر ناهز 93 عام، وصلي عليه في المسجد الحرام،
ودفن في مقابر المعلاه بمكة المكرمة. رحمة الله عليه
من أقواله الشعرية الفلسفية
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:50%;background-color:white;border:6px solid darkred;"][CELL="filter:;"]
[ALIGN=center]

وحدي في اعتزالي ذائق
لذة الروح ابتعاداً واحتواء
حيرتني نفسي فما اعرف
ما تحتويه من اسرار!!
الرشد تميل ام لضلال
ولنفع تميلُ ام لضرار؟!!
من صباي الغرير كنت اعاني
قلقاً من شذوذها وعثاري!!

ومن رباعياته قوله :
أتيت بلاداً كان قومي بسخرهم
ينالونها..حتى يملوا من السخر
يقولون عنها.. إنها همجية
وأن بها قوماً أنابو إلى الخسر
فأخجلني أني رأيت حضارة
تجد.. وتبنى بالمشاعر والفكر
تمنيتها في موطني.. فافتقدتها
به.. ورأيت القوم أجدر بالفخر
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:black;"][CELL="filter:;"]
[ALIGN=center]
مكة؟!

شَجانا مِنْكِ يا مَكَّةُ ما يُشْجى المُحِبِّينا!
فقد كُنْتِ لنا الدُّنيا
كما كنْتِ لنا الدِّينا!
وكنْتِ المَرْبَعَ الشَّامخَ
يُرْشِدُنَا ويَهْدِينا!
وكنْتِ الدَّارةَ الشَّمَّاءَ
تُكْرِمُنا وتُؤْوِينا!
وكنْتِ الرَّوضَةَ الغَنَّاء
تُلْهِمُنا وتُعْلِينَا!
فما أَغْلاكِ يا مكَّةُ أَنْجَبْتِ المَيامِينا!
وما أَحْلاكِ يا مكَّةُ
ما أحلا القرابينا!
نُقَدِّمُها لِمجْدِ الله
يُسْعِدُنا ويُدْنينا!
* * *
أيا مَوْطِنَ مِيلادي
لقد شَرَّفْتِ مِيلادي!
كأَنِّي وأنا النُّطْفَةُ
كُوشِفْتُ بِأعْيادي!
وكانَ صِبايَ تغريداً
كأَنِّي البُلبُلُ الشَّادي!
يَرى في الرَّوْضِ والغُدْرانِ
ما يَنْشُدُه الصَّادي!
وما كانت سوى الأَّقْداسِ
أَوْدَعَها بِها الهادي!
فَسُبْحانَ الذي كَرَّمَ منها الطَّوْدَ والوادِي!
فكانا سادةَ الأَرْضِ
بأغوارٍ وأَنْجادِ!
فَهَلِّلْ يا صِبايَ الغَضَّ
أَنْتَ سَلِيلَ أَمْجادِ!
* * *
وكانَ شَبابيَ المَجْدُودُ
بين ظِلالِها يًنْمُو!
ويَمْرَحُ بَيْنَ أَتْرابٍ
شمائِلُهم هي الغُنمُ!
فَكلُّ سِماتِها شَمَمٌ
وكُلُّ لِداتِها شُمُّ!
هي الأُمُّ التي احْتَضَنَتْ فبُورِكتِ النَّدى. الأُمُ!
فَلَيْس لَنا بِها هَمٌّ
سِواها فهي الهَمُّ!
يُزيدُ لها حياةَ المَجْد
وهي المَجْدُ والكَرَمُ!
سَقَتْها السُّحْبُ ما يَخْضَرُّ منه القاعُ والأكَمُ!
فما أَكْرَمَ ما أَشدَتْهُ
ما يَسْمو به القلم!
* * *
أَلا يا مَكَّةُ العَصْماءُ
يا حب الملايين!
وذات المَجْدِ في الدُّنيا
وذات المجْدِ في الدِّينِ
لقد أَنْجَبتِ من أَنْجَبْتِ
من غُرِّ المَيامِين
فَكانُوا النُّورَ لِلْعالَمِ
في كُلِّ الميَادينِ!
وكانوا الخُلُق السَّاِميَ
يَعْلُوا بالمَساكينِ!
فَيَرْفَعُهم إلى الذُّرْوَةِ
تَصْبو لِلْمضَامِين..!
فما يَعْنُونَ بالأَشْكالِ
تَسْخَرُ بالمجانِين!
كُفينا بِكِ يا مَكَّةُ
مِن شَرِّ الشَّياطِينِ!
* * *
يا حَنِيني لِمًكَّتي رَغْمَ بُعْدي
عن ثراها الزَّكِيِّ.. عن أَبنائِهْ!
أنا مِن ذلك الثَّرى قد تكَوَّنْتُ
وفي ظِلّهِ وظِلِّ سَمائِهْ!
كيف لا أَسْتَعِرُّ مِن حُبِّه الهادِي ولا أَسْتَطيلُ مِن إطْرائِهْ؟!
هُولِي خَيْرُ ما أَسْتَحِلُّ من الحُبِّ
وما أَسْتَطيبُ من آلائِهْ!
ذِكْرياتي مُنْذْ الصِّبا عَنْه حَتَّى
شِبْتُ. كانَتُ لِلقلبِ خيْرَ غّذائِهْ!
لًيْتَني ما ارْتَحَلْتُ.. ولا غَابَ عَنِ العَيْنِ سَرْمَدِيُّ سَنائِهْ!
تِلْكَ كانَتْ مَرَابعُ العِزِّ والصَّبْوةِ في ناسه. وفي أندائِهْ!
أَتمَنَّى البَطْحاءَ تِلْكَ لِمَثْوَايَ ندِيّاً في صُبْحِه ومَسائِهْ!
بّيْن أَهْلي وَبَيْن صَحْبي فما أَطْيَبَ هذا الرُّقادَ في بَطْحائِهْ!
رَبِّ إنَّ اللِّقاءَ أَمْسى قَريباً
فأَرِحْنِي بِمَنِّه وعطائِهْ!
إنَّ رُوحي مِن الآثامِ تَلَظىَّ
فهو يَخْشى مِن جُرْمِهِ واجْتِرائِهْ!
فَعَساهُ يَلقى بِعَفوِكَ عَنْه
ما يُرِيحُ الأَثيمَ مِن بُرَحائِهْ!
كانَ إيمانُهُ قَوِيّاً نَقِيّاً..
لم يُعَكِّرْ جُنُوحُهُ مِن صَفائِهْ!
أّنْتَ تَدْرِي به..
وتَعْرَفُ نَجْواهُ فَخَفِّفْ عنه شَدِيدَ بَلائِهْ!
* * *
أَيُهذا الإيمانُ.. يا بَلْسَمِي الشَّافي شَفَيْتَ السَّقيمَ مِن أَدْوائِة![/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:green;"][CELL="filter:;"]
[ALIGN=center]
حواء.. وحواء

أَتَظُنِّين أنني سوف أَسْلو
بعد طُول النَّوى وطول التَّجنِّي؟!
كيف هذا الظَّنُّ المُريبُ ومالي
من حياةٍ إذا تَباعَدْتِ عنِّي؟!
أَفما تعرفين أنَّكِ يا أَنْتِ
هوايَ الذي يُؤَرِّقُ عَيْني؟!
وهوائي الذي أَشُمُّ فأحيا
إن تَنَشَّقْتُه. وِريِّي ودَنِّي؟!
فَدَعيني يا ربَّةَ الحُسْنِ والدَّلِّ
دَعيني من بعد حُزْني أُغَنِّي!
***
أنا في غَمْرةٍ من اليأْسِ تُذْوِي
من حَياتي جَوىٌ. وتَهْدِم رُكْني!
غير أنِّي جَلدٌ. ولا أقبل الذلَّ
ولو كانَ في مباهِجِ عَدْنِ!
أنا كالمُزنِ في الصَّفاءِ وفي
البذْلِ وفي الرَّوْعِ كالحُسامِ المُرنِ؟!
لا تَظُنِّي الهوى هَواكِ وإن
كانَ عَصُوفاً يَطْوي الكرامةَ مِنِّي!
لا. فإنِّي أطيق من صَبْوَتي
الدَّلَّ يُناغِي. ولا أطيقُ التَّجنِّي!
***
أنا لا أُنْكِرُ الصَّبابَةَ تَطْويني
وتُغْري بِيَ الجوى والسُّهادا!
فإذا بي الكئيبُ بين الأناسِيِّّ
نَشاوى.. الشَّجِيُّ يَشكو البِعادا!
وكانِّي مُزارعٌ بدَّدَ الدَّهْرُ أمانِيَّهُ فَأفْتى الحَصادا..!
هم يُناجُونَ زيْنَبا تَتَجلَّى
فِتْنَةً تَسْلِبُ العُقولَ الرَّشادا!
فَتُناجي.. ولا تَغُولُ الأحاسيسَ
وتُبْدي.. ولا تَمُنُّ.. الودادا!
ولقد تَعْجَبُ الرَّبابَ وهِنْداً
يَتَأَلَّقْنَ بالنَّدى.. وسُعادا!
إنَّهُنَّ الظِّباءُ لا ساخِراتٍ
بالهوى العَفِّ يَسْتَمِيلُ الفُؤادا!
ويُضِيءُ النُّهى فَتَشْدوا بما راعَ
وما يَسْتَرقُّ حتى الجَمادا!
باحْتِشامٍ يَطِيبُ للشَّاعِرِ
الشَّادي بهذا الهوى. فلا يَتمادى!
لَتمَنَّيْتُ أَنْ تسيري على النَّهْجِ قَويماً..
فَتَمْلِكينَ القِيادا..!
***
لا تَظُنِّي الأنِينَ يَبْدو ولا الشَّكْوَى فإنِّي جَلْدٌ على البُرحَاءِ!
قادِرٌ أَنْ أُجَمِّدَ الدَّمْعَ في العَيْن.
وأّطْوِي عَنِ الأَنامِ بُكائي!
وإذا عَزَّني الوُصًولَ فإنِّي
أَكْتَفي بالعَزاءِ دَونَ الشِّفاء!
إنَّ في هذه الرُّبوعِ كثيراتٍ
يُرَجيِّن صَبْوتي وإبائي!
ولقد تّنْدَمِينَ أّنَّكِ بالَغْتِ فأدْمَيْتِ بالنَّوى كِبْرِيائي!
فَتَنَاءَيْتُ باعْتِزازٍ عن الحُبِّ
وما أكْرَمَ الهوى بالتَّنائي!
هل تَطِيقينَهُ؟! وقد آثَرَ النَّأيَ حَبيبُ السَّرَّاءِ والضَّراءِ؟!
واسْتَوى عِنْدَكِ المُراؤونَ في
الحُبِّ. وما أَتْعَسَ الهوى بالرِّياءِ!
بَعْد حِين سَيَصْدِفُونَ إلى
الحُبِّ الذي لا يَلِيقُ بالشُّرَفاء!
لِلْغواني الأُلى يتاجِرْنَ بالحُبِّ
وما يَبْتَغِينَ غَيْرَ الثَّراءِ!
ولقد تَعْصفُ النَّدامةُ بالحُسْنِ
ويَلهُو بلاؤُها بالرُّواءِ!
فاذْكُري الماضِيَ الوَضِيءَ تَوَلَّى
عن حَضيضٍ. وراكِضاً للسَّماءِ!
واذْكُري الحاضِرَ الدَّجِيِّ وما
فيه سوى كلِّ حِطَّةٍ واجْتِواءِ!
النَّسيمُ العليلُ راحَ وخلاَّكِ
لِقَفْرٍ تجِيشُ بالرَّمضاءِ..!
فأنا منه في انْتِشاءٍ وأَمَّا
أَنْتِ فلْتَنْعمي بِنُعْمى الجَفاءِ!
لَسْتُ بالشَّامِتِ الجَرِيحِ من
الدَّرْكِ. فإنِّي كالقِمَّةِ الشمَّاءِ!
قد تَركْتُ الهوى الظَّلومَ
وأَفْضَيْتُ بِقَلْبي إلى الهوى الوضَّاءِ!
تَتَسامى به النُّهى ويَسْتَشْرِفُ
الحِسُّ بأشواقِه إلى العَلْياءِ!
***
رُبَّ طُهْرٍ يَرْنُو لِحواءَ حُبّاً
ثم يَرْنُو سُخطاً إلى حوَّاءِ!
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-color:skyblue;"][CELL="filter:;"]
[ALIGN=center]
وهم الخلود

تذكَّرتُ أيَّاماً مضَتْ ولَيالِيا؟!
قَضَيْتُ بها كِفْلاً من العُمْرِ حالِيا!
تَملَّكْنَ منِّي نُهْيَتي وحَشاشَتِي
وأَنْسَيْنَني ما كان عَذْباً وغالِيا!
وأَنْسَيْنَني حتى أُهَيْلي ومَعْشري
فما عُدْتُ إلاَّ عاشِقا مُتَصابِيا!
وما عُدْتُ إلاَّ مُسْتَهِيماً بِخُرَّدٍ..
من الغِيدِ أَصْبَحْنَ الهوى المُتَفانِيا!
زَمانٌ تَوَّلىَّ ليتَهُ كانَ باقِياً..
ويا لَيْتَهُ كانَ الزَّمانَ المُوالِيا!
كَأَنِّي به كنْتُ المَلاكَ الذي ثَوى
بِفِرْدَوْسِهِ يَرْجو الخُلودَ المُصافِيا!
فَلَمْ أَبْقَ مَخْلُوقاً مِن الأُنْسِ راجِياً
حُطاماً ومَجْداً.. بل غَدَوتُ المُجافِيا!
كِلا اثْنَيْهِما كانا لَديَّ تَفاهَةً
أَمامَ الهوى يُزْجِي إليَّ الأمانيا!
وكُنَّ حِساناً شامِخاتٍ بعزَّةٍ
مِن الحُسْنِ ما يَخْتارُ إلاَّ العَواليا!
إذا اخْتَرْنَ لم يَخْتَرْنَ إلاَّ مُجَلِّياً
وإلاَّ كَرِيمَا يَسْتَطِيبُ المجانيا!
له وَحْدَهُ أَلاؤُهُنَّ سَخِيَّةً تُضِيءُ حَوانِيهِ فَيُشْجِرَ المغانِيا!
بِشِعْرٍ إذا ما صاغَهُ جَوْهَراً
فَآياتُهُ تروي القلوب الصواديا!
له القَوْلُ مِطْواعٌ كبِئْرٍ مُنَضَّر
فَيُطرِبُ ألفاظاً. ويَسْمو مَعانيا!
وما ابْتَذَلَتْ مِنْهُنَّ قَطُّ خَرِيدةٌ
ولا واصَلَتْ إلا الكَمِيَّ المباهيا!
* * *
وقُلْتُ لإحداهُنَ يَوْماً وقد رَنَتْ
إليَّ بِشَوْقٍ يَسْتَرِقُّ الحَوانِيا!
أَلَيْسَ لِما تَطْوِينَه مِن نِهايةٍ
تُخِيفُ. وتَطْوِي لِلْقُلوبِ العَوادِيا؟!
فقالتْ. وقد أَذْرَتْ دُمُوعاً سَخِينَةً
تشِفُّ عن الحُبِّ الذي كانَ ضاريا!!
لقد كِدْتُ أَنْسى في هَواكَ كَرامَتِي
وإنْ كانَ عَقْلي في الهوى كان هادِيا!
وإنْ كُنْتُ لم تَنْسَ العَفافَ فَصُنْتَني
وآثَرْتَ مِنِّي عِفَّةً وتَدانِيا!
أراكَ كَروُحي بَلْ وأَغْلا مَكانَةً
فكيف لِصادٍ أَنْ يَعافَ السَّواقِيا؟!
* * *
وَمَرَّتْ بِنا الأَيَّامُ ثم تَنكَّرَتْ
فيا لحياةٍ تَسْتَطِيبُ المآسِيا!
تَرُدُّ بِها العاني إلى اللَّهْوِ عابِثاً
وتَمْسَخُ مِن أَحرارِهِنَّ غَوانِيا!
* * *
بعْدَ تَرَهُّبي وبَعْدَ اعْتِيادِي أَنْ أرى الرَّوْضَ ذاويا!
وقد عَرَفَتْ مِنِّي الذي كانَ حاضِراً
كما عَرَفَتْ مِنِّي الذي كانَ ماضَيا!
تَأَنَّ.. فَما كُلُّ الحِسانِ كَمِثْلِها
ودَعْ عَنْكَ أَيَّاماً مَضَيْنَ خَوالِيا!
فَإنَّ لك الحُسْنى لدَيَّ فَصافِني
تُصافِ فُؤاداً مِنكِ يَرجو التَّلاقيا!
يَعيشُ زَماناً بالمُنى تَسْتَفِزُّهُ
إِليكَ وتَرْضى في هَواكَ الدَّواهِيا!
عَرَفْتُ بِما لاقَيْتُ منها فَسَاءَنِي
وما هي قد لاقَتْهُ. فارْتاحَ بالِيَا!
لقدْ رَثَّ مِنْها ما ازْدَهَتْ بِجَدِيدِهِ
وقد نَدِمَتْ مِمَّا أَشابَ النَّواصِيا!
وقد بَلَغَتْ بالحُزْنِ أَقْصى مَجالِهِ
وعادَتْ كَمِثْلِ الضَّلِّ يُدْمي المآقيا!
فَلا تَبْتَئِسْ. إِنِّي الوَفِيَّةُ في الهوى
وإنِّي به أَدْرى. أَجْلى مَرائِيا..!
أُحِبُّكَ حتى ما أَراكَ سِوى الرُّؤى
تَطِيبُ وتَحْلو أَيْنَما كُنْتَ ثاوِيا!
* * *
فقُلْتُ لها.. كُفِّي فَإِنِّي مُرَزَّأٌ
فلَنْ أَسْتَوِي في مَرْبَع الحُبِّ ثانيا!
لَسَوْفَ سَتَسْلِين الهوى وسِفاهَهُ
وسَوْفَ سَتَلْقِينَ الهوى عَنْكِ ساليا!
تَظُنِّينَ مِثْلي أَنَّ حُبَّكِ خالِدٌ
وكلاَّ. فَمُذْ كانَ الهوى. كان فانِيا!
* * *
أدُنْيايَ ما أَحْلا الحَقِيقةَ في النُّهى
وفي الحِسِّ. ما أَنْكى الخَيالَ المُداجِيا!
وقد كنْتُ –وَيْحي- شاعراً مُتنَكِّباً
هُدايَ. فإِنْ عُوتبْتُ كنْتُ المُلاحيا!
أَرى واقِعي رَوْضاً فَأصْدِفُ سالِكاً
قِفار خَيالٍ مُسْرِفٍ.. وفيافيا!
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
يالها من روائع
