زواج البنت القبيلية من حضري ؟
بسم الله والحمدلله والصلاةوالسلام على رسول الله
لما جاء الإسلام أرسى دعائم هذا الدين في قلوب الناس ، ومنع العصبية القبلية ، وحرمها ، فلا تفاخر بالأحساب ، ولا تعاظم بالأنساب ، بل ميزان التفاضل هو أن جميع الناس خلقوا من أب واحد هو آدم , وأُم واحدة هي حواء ، فلا تفاضل بينكم في النسب , وجعلناكم بالتناسل شعوبًا وقبائل متعددة ؛ ليعرف بعضكم بعضًا , إن أكرمكم عند الله أشدكم اتقاءً له ، إن الله عليم بالمتقين , خبير بهم .
واليوم أعاد بعض الناس عادات الجاهلية الجهلاء ، والأثرة العمياء ، فلا يقبلون الخاطب الكفء بحجة أنه ليس من القبيلة ، أو ليس من الفخذ ، أو ليس من جهتهم شمالاً أو جنوباً ، شرقاً أو غرباً ، وهذا ليس من قبيلتنا ، وهذا ليس له أصل ولا فصل ، وهذا فيه ، وذاك لا يخطئه ، وهلم جرا من ترهات الأحلام ، وكثرة الأوهام ، حتى يرى بعضهم أنه أفضل نسباً من أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، مع أن بلال عبد حبشي جاء من الحبشة ، فأكرمه الله بالإسلام ، وأعزه بالإيمان ، فدخل الجنة ، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم دف نعليه في الجنة ، وقال عن سلمان الفارسي من فارس وليس من العرب : " سلمان منا آل البيت " ، وغيرهم كثير ، فهل نفع النسب والحسب أبو جهل ، أو أبو طالب أو أبو لهب عما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل هم في النار ، وهم من أشراف العرب نسباً وحسباً ، وتأمل هذا الحديث النبوي الكريم ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " . . . وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ " [ رواه مسلم ] ، فماذا فعل النسب بأشراف قريش الذين ماتوا على الكفر ؟ فمن لم يكن له عمل صالح يقربه من ربه ، فلن يقربه حسبه ونسبه .
فإذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه ، وعرفتم عليه سمات الصلاح والخير ، فلا تترددوا عن تزويجه ولو كان من بلداً غير بلدكم ، ودولة غير دولتكم ، فربما كان هذا الزوج جنة لابنتكم ، محباً لها ، مقدراً لعشرتها ، عطوفاً بها ، مجيباً لها ، وربما كان غيره من قبيلتها أشد فتكاً بها ، وأعظم لها ضرراً ، فلنكف عن هذه الأهواء الشيطانية ، والعادات الجاهلية ، ولنيسر زواج بناتنا وأخواتنا ، ولا نكون حجر عثرة في زواجهن ، بل نسعى جاهدين لإخراجهن إلى بيوت أزواجهن ، حتى لا يبقين حبيسات أجدر أربعة ، فيركبن قطار العنوسة ، ثم يحدث من الانحراف ما تحمد عقباه ، وكل ذلك بسبب القبلية والعصبية التي حذر من لأوائها الإسلام ، بل توعد عليها بعاقبة سيئة وخيمة ، ونهايات قبيحة عظيمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|