[ابن روزه]

كعادتنا في تباين ردات أفعالنا , لا يحكمنا العقل ولا يحكمنا عالم ولا يحكمنا حاكم بقدر ما تحكمنا عواطفنا و كم من خطأ قابلناه بخطأ أكبر سواء كنا نعلم أو لم نكن نعلم ..
في كل يوم أتأكد من تلك القاعدة ويزداد إيماني بها !!
لعل من أواخر ما أثير من قضايانا قضية (حمزة كاشغري ) والذي قال فيها العلماء والدعاة قولهم ووجه ولي الأمر بتوجيهاته السامية في القضية ومع ذلك لم ولن نقف في الحديث عن الموضوع بطرحين متضادين قلما نجد من يطرح طرحا ثالث يتوسطهما
ففريق قال خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ولا تأخذكم فيه رأفة ولا رحمة و إن وجدتموه متعلقا بأسوار الكعبة فاقتلوه
وفريق استمات في الدفاع عنه ومشى على نهجه وحمل اللواء من بعده ووقفوا بجواره لعلهم ينالوا قليلا من أضواء فلاشات ظاهرها فيه النور وباطنها فساد وظلام !!
وهناك من الفريقين من مارس شهواته بحب الظهور مناصرا ومعارضا وكلاهما ملتصق في القضية وكل يدعي وصلا بليلى ,, فلا أعلم لماذا استمر بعضهم يفسر مقالاته ما دام أن الرجل قد تراجع عنها وما تراجع عنها إلا لاعتقاده بخطأه فيها !!
كما أني لا أعلم مالمقصود من انزال فيديو في اليوتيوب بعنوان رسالة إلى حمزة كاشغري فأول الرسالة اتق الله ياحمزة و آخرها اخسأ فلن تعدو قدرك فلم أعرف هل هي رسالة نصح لحمزة فإن كانت كذلك فلماذا على الملأ ولماذا لم تكن كتابية بدل الفيديو و إن كانت تهديدا فبأي حق لكني أتمنى أن لا يكون للشيطان وللنفس حظ في ردود أفعالنا !!!
إني أحترم كل صاحب عقل و أحب كل وقاف عند حدود الله ولا أرى ضيرا في الجمع بينهما
لكن ما استوقفني في قضية (حمزة كاشغري ) هو طريقة تصنيفنا للناس في فرق وجماعات لنسقط عليهم الأحكام
أنا لست من أهل الفتوى الشرعية ولا الأحكام القانونية
لكني أتحدث عن مجتمع يتلقى أخبار و أقوال و أفعال تطيش به يمنة ويسرة ويفتقد مرجعية تدله و ناصجين يرشدوه
ولم يكفه قول عالم ولا أمر حاكم فأراد أن يجتهد بعيدا عن القدوة
فإذا أراد أن يتخذ قدوة له بحث في أقرب وادي و اختار ما يألفه من الناس لا من يرفع من عزيمته ويشجعه على الاستزادة من النجاح
لا أستبعد كثيرا أن يكون الطرح الجديد غدا عن توبة الشيخ : حمزة كاشغري !!!!
و أتمنى من أعماق قلبي أن يهديه الله للحق ,
لكن ما لا أتمناه وما أخافه في مجتمعنا هو تحول مجرمنا بالأمس إلى شيخنا اليوم و من نعتناه بالزندقة والإلحاد إلى مفكر إسلامي و المفحطين في الشوارع إلى دعاة و مطربي الجلسات الشعبية إلى واعظين وكل هذا بين عشية وضحاها !!
أين العلم و الخلق و التمكين هل يناله كله في يوم وليلة
إنها أزمة القدوات و أزمة الانقياد خلف مشاعرنا
لن أطالب اليوم بالترفق بحمزة كاشغري كما أني لن أطالب بإراقة دمه
لكني سأكتفي بالمطالبة باحترام الأدوار و إنزال الناس منازلهم فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ( 39 ) ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير ( 40 ) يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ( 41 ) )
فأتمنى أن لا نطلق العنان لعواطفنا لتحكمنا و أتمنى أن لا نسارع في إطلاق عواطفنا سواء مع خطأ حمزة كاشعري أو بعد توبته !!
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه
---
المستشار / أحمد اليافعي