عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-04-2012, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابو احمد العدواني
ابو احمد العدواني ابو احمد العدواني غير متواجد حالياً
مراقب عام
 






ابو احمد العدواني is on a distinguished road
افتراضي المعاصي تورث العداوة والبغضاء

ابن القيم الجوزية رحمه الله
من كتاب : إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان – المجلد الثاني




وجميع المعاصى يجتمع فيها هذان الوصفان، وهما العدواة والبغضاء، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فإن التحاب والتآلف إنما هو بالإيمان والعمل الصالح، كما قال تعالى: ( إنَّ الَّذِينَ آمَنْوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدا ) [مريم: 96] .
أى يلقى بينهم المحبة، فيحب بعضهم بعضا، فيتراحمون، ويتعاطفون بما جعل الله لبعضهم فى قلوب بعض من المحبة.
وأهل المعاصى والفسوق وإن كان بينهم نوع مودة وتحاب، فإنها تنقلب عدواة وبغضا وفى الغالب يتعجل لهم ذلك فى الدنيا قبل الآخرة، أما فى الآخرة فالأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين.
وقال إمام الحنفاء لقومه: ( إنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بَبَعْضُ ويلعن بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) [العنكبوت: 25] .
فالمعاصى كلها توجب ذلك، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وذكر ذلك فى الخمر الميسر - اللذين هما من أواخر المحرمات - تنبيه على ما فى غيرهما من ذلك، مما حرم قبلهما، وهو أشد تحريما منهما، فإن ما يوقعه قتل النفوس، وسرقة الأموال، وارتكاب الفواحش من ذلك، وما يصد به عن ذكر الله وعن الصلاة أضعاف أضعاف ما يقتضيه الخمر والميسر، والواقع شاهد بذلك.
وكم وقع، وهو واقع بين الناس - بسبب عشق الصور - من العداوة والبغضاء، وزوال الألفة والمحبة، وانقلا بها عدواة.
وأما صده عن ذكر الله، فقلب العاشق ليس فيه موضع لغير معشوقه، كما قيل:
مَا فِى الْفُؤَادِ لِغَيْرِ حُبِّكَ مَوْضِعٌ ... كَلاّ، وَلا أَحَدٌ سِوَاكَ يَحُلُّهُ
وأما صده عن الصلاة، فهو إن لم يصد عن صورتها وأعمالها الظاهرة، فإنه يصد عن حقيقتها ومقاصدها الباطنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
كفارة المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .
أخر مواضيعي