الغنى غنى النفس
عن أبي هريرة t قال e :
( ليس الغنى عن كثرة العَرَض ، ولكن الغنى غنى النفس ) (1)
[ الغنى غنى النفس ] كلمات نورانية لا تخرج إلا ممن آتاه الله جوامع الكلم ، وقاعدة إسلامية تقوم عليها المجتمعات الطاهرة النقية ، فمجتمع تتجسد فيه هذه الحكمة النبيلة لا يمكن أن ترى فيه آكل أموال الناس بالباطل ، أو صاحب ربا أو مكس ، أو من يحتكر سلعة ، أو من يغش في صناعته أو تجارته ، وهذه هي المعادلة الصعبة التي حققها الإسلام في الوقت الذي عجزت فيه القوانين البشرية والدساتير الوضعية على أن تحقق هذا المستوى الراقي في التعاملقال المناوي : ( ليس الغنى ) أي الحقيقي النافع المعتبر ( عن كثرة العرض ) ما ينتفع به من متاع الدنيا ، أي ليس الغنى المحمود ما حصل عن كثرة العرض والمتاع لأن كثيراً ممن وسع اللّه عليه لا ينتفع بما أوتي بل هو متجرد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه ، فكأنه فقير لشدة حرصه فالحريص فقير دائماً ( ولكن الغنى ) المحمود المعتبر عند أهل الكمال ( غنى النفس ) أي استغناؤها بما قسم لها وقناعتها ورضاها به بغير إلحاح في طلب ولا إلحاف في سؤال ، ومن كفت نفسه عن المطامع قرت وعظمت وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من كان فقير النفس فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته فيصغر في العيون ويحتقر في النفوس ويصير أذل من كل ذليل ، والحاصل أن من رضي بالمقسوم فكأنه واجد أبداً ومن اتصف بفقر النفس فكأنه فاقد أبداً ، يأسف على ما فات ويهتم بما هو آت ، فمن أراد غنى النفس فليحقق في نفسه أنه تعالى المعطي المانع فيرضى بقضائه ويشكر على نعمائه ويفزع إليه في كشف ضرائه (2)
، فأكرم بشريعة رب البشر ، وأكرم بهدي النبي e
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|