نعمتي البصر, و رحمة الله في من فقد بصره
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين , أما بعد :
تخيل أنك استيقظت من نومك لتبدأ يومًا جديدًا مفعمًا بالحيوية والنشاط وتجد انك لا تستطيع الرؤية وكأنك رُميتَ في كبد بئرٍ متشربة السواد ولكنك تستمع إلى أصوات من هم حولك وتحس بوجودهم ووجودك معهم وحينها تعلم بأن ( العمى ) لا قدر الله قد أصابك وبذلك :
لا تستطيع رؤية اهلك , وأحبابك , وأصحابك , وأقاربك ..
لا تستطيع أن تستلذ بالنظر إلى شروق الشمس وغروبها ..
لا تستطيع أن ترى معالم تغير صور أبناءك وقاماتهم
لا تستطيع أن تشاهد التلفاز بما فيه
لا تستطيع أن تقود السيارة لقضاء مشاويرك
لا تستطيع أن تميز بين التفاحة الصالحة للأكل والغير صالحة
لا تستطيع أن تأخذ غرضا وضعته بجانبك إلا بعد جهد من البحث
لا تستطيع ...
والكثير غير ذلك ...
هذه إحدى النعم التي لا تعد ولا تحصى مما أنعم الله سبحانه وتعالى على عباده .
فأنظر أخي الكريم كيف أنك مهما كنت تملك من مكانه أو منصب أو قوة
إلا أن كل ذلك بكل بساطة لا شيء مقارنة بنعمة البصر .
مما سيتبادر إلى ذهن اللبيب حين التماسه كل هذا العجز في حياة من فقد نعمة البصر :
• كيف سيستطيع من فقد نعمة البصر أن يتعايش مع كل ذلك ؟
وهنا تتجلى نعمة أخرى من نعم الله العظيمة وهي ( الرحمة ) .
فمن رحمة الله بعباده أنه إذا اخذ من عبده شيئًا عوضه عن ذلك الشيء بما هو أفضل .
فأنظر إلى الأعمى أخذ الله سبحانه وتعالى منه نعمة البصر وبذلك كفاه إثم النظر إلى ما حرم الله , فالأعمى غاض لبصره مكفيا من شرور وآثام النظر إلى المحرمات بأكملها بإذن الله .
وانظر إلى الأعمى كيف يقيض الله له من يخدمه بشكل مباشر أو بغير ذلك فقد يرزقه بإبن صالح يعينه ويخدمه أو امرأة صالحة تكون عونا له في أمور دنياه أو صديقًا صالحًا يقدم جُل وقته في الوقوف معه ومؤازرته .
وانظر إلى الأعمى في قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {ما من عبد صالح أخذت منه حبيبتيه -أي عينيه- فصبر إلا عوضته عنهما الجنة}
فقورن هنا صبر العبد على فقد نعمة البصر بدخول الجنة بإذن الله , فأعظم اجر وثواب للعبد هو الجنة ( جعلنا الله من أهلها ) .
وغير ذلك الكثير حول نعمة الرحمة من الله على عباده وبالأخص من فقد بصره .
س ) كيف نشكر الله سبحانه وتعالى على نعمة البصر ؟
شكر الله على نعمة البصر يكون بإجتناب النظر إلى ما حرم الله والغض من البصر كما قال سبحانه وتعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) .
فنسأل الله العلي العظيم أن يحفظ لنا ما انعم علينا به وان يقدرنا على شكره
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ...
|