
01-09-2012, 11:04 PM
|
|
كيف لقبيلة أن تدعى الكرم والشهامة وهي تسلب الضعيفة حقها من الميراث
كيف لقبيلة أن تدعي الكرم والشهامة وهي تسلب الضعيفة حقها من الميراث
قال صلى الله عليه وسلم " اللهم إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ "
[align=justify]
كانت المرأة في الجاهلية ، تابعاً للرجل في كل شيء ، مسلوبة الحق والإرادة ، حتى قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : ((والله أن كنا في الجاهلية لا نعد للنساء أمراً ، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل ، وقسم لهن ما قسم)) .
ومما سلبته الجاهلية من المرأة " الميراث " ، فقد كانوا يرون أنها لا تستحق أن ترث من أقاربها شيئاً ، ثم جاء الإسلام والمرأة تعامل هذه المعاملة الجائرة ، فأزال عنها ذلك الحيف وأبعد الظلم ، وقرر لها نصيباً من الميراث ، حقاً مفروضاً ، خالصاً لها ، لا منَّة فيه لأحد ولا فضل ، ونزل القرآن يقرر مبدأ حقها في الميراث: ((للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر ، نصيباً مفروضاً) ) سورة النساء آية 7.
فكان هذا قلباً كاملاً للأوضاع السائدة ، وتغييراً جذرياً لمألوفات الأحقاب والقرون ، وتحطيماً لشرع البيئة ، فصار للمرأة نصيب في الميراث ، وأصبحت تملك وتتصرف في ملكها بعد أن كانت هي مملوكة.
ولذا فإن ما نشهده من ممارسات يتم تبريرها بتقاليد المجتمع وتؤدي لحرمان للمرأة من ميراث زوجها أو أبيها ليست من الدين في شيء ، فليس من الدين :-
1-تفضيل بعض الاباء للأبناء بالهبة دون البنات لحرمانهن من الإرث قبل مماته ، والراجح في ذلك قول من قال بوجوب التسوية وأن تفضيل بعض الاولاد على بعض في العطاء باطل وجور ويجب على فاعله إبطاله ، لما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا ، فإني لا أشهد على جور، وفي رواية لهما قال له أيضا: "فأرجعه". وفي رواية لمسلم : "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرد أبي تلك الصدقة". وفي رواية عند أحمد : إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم .
2- وقف بعض الاباء أموالهم على أولادهم الذكور دون الإناث ومثل ذلك لا يصح على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وهو وقف محرم يجب نقضه .، لأنه ظلم وليس بعدل ، والنبي عليه السلام قال (( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )).
3-منح بعض الاباء بناتهم بعض المال مقابل أن يتنازلن لإخوتهن عن حصصهن في الميراث أو الوصية للأبناء بكل التركة بقصد حرمان البنات من الميراث بحجة أن البنت لو ورثت فسيذهب المال إلى زوجها وأهله وغير ذلك ، أو الوصية للبنات بجزء يسير بهدف حرمانهن من باقي نصيبهن الشرعي في الميراث ، ولاشك إن كل طريق يتخذ حيلة لإسقاط حق المرأة من الميراث يعتبر من الحيل المحرمة وفيه معصية لله ورسوله ، قال-تعالى-بعد ذكر آيات المواريث ((وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ((لا وصية لوارث)).
4-اتفاق بعض الاباء مع ابنائهم على إبرام عقود بيع صورية لعقارات أو منقولات لإخفاء الهبة تحت ستار البيع بهدف حرمان البنات من الإرث أو بعضه ، ومثل ذلك لا يجوز لما يتضمنه من الكذب المفضي إلى أكل المال بالباطل؛ ولذا فإنه متى اثبتت صورية ذلك البيع فإن العقد يبطل فلا ينتقل الملك ولا يترتب عليه شيء مما يترتب على البيع الصحيح، ويجب دخول المباع صوريا في الميراث .
5-تعمد بعض الورثة من الرجال إخفاء بعض المنقولات كالأسهم والسيارات ونحوها أو العقارات المملوكة لمورثهم عن النساء اللواتي يشاركنهن في الارث ، مع التحايل عليهن للحصول على وكالات عامة أو خاصة انطلاقا من مبدأ الثقة أو جهل المرأة والتصرف في التركة بالبيع والإيجار ونحوه وقبض ثمنها أو أجرتها وأكله دون علم المرأة ، ولاشك أن ذلك من الأمور المحرمة لما فيه من أكل للأموال بالباطل .
6-اقتسام الورثة من الرجال تركة مورثهم بينهم فحسب ، ومن ثم توزيع النساء عليهم لتتبع كل امرأة أو أكثر رجل واحد دون تحديد لنصيبها أو قصر التركة على الأموال المنقولة كالمبالغ النقدية والاسهم ونحوها دون أن يمتد ذلك للعقارات خشية أن تعطى المرأة ذلك لزوجه أو أولادها أو تبيعه لغريب أو إجبارهن على التنازل تحت سيف الحياء أو خشية اللوم والتوبيخ والمقاطعة والتعنيف إن هي أخذت حقها. ولاشك أن مثل ذلك من الحجج السخيفة المحرمة التي يريدون أن يبطلوا بها شرع الله تعالى .
7-تعنت الرجال في إعطاء النساء نصيبهن الشرعي مما يضطرهن للجوء للقضاء للمطالبة بحقوقهن وما يترتب على ذلك من استفحال للعداوات والبغضاء وإهدار للأوقات وتصلب في المواقف قد يدفع بالبعض لحلف اليمين المغلظة " الغموس " لحرمان المرأة من نصيبها الشرعي في حال عجزها عن تقديم بينتها بسبب امتناع العارفين عن أداء الشهادة وكتمها ، ولاشك أن ذلك من أكبر الكبائر ، قال صلى الله عليه وسلم (( من حلف على يمين هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)) أخرجه البخاري ، بخلافه ما قد يورثه الله من مهانة وذل بسبب شؤم كتم للشهادة وضياع للحقوق بين الناس .
8-امتناع أو مماطلة بعض الرجال في إعطاء النساء نصيبهن الشرعي من تركة مورثهن مع سكوتهن عن ذلك تحت سيف الحياء ، وقد تتوفى المرأة قبل أخذ نصيبها ، مما يدفع ورثتها من أولادها وغيرهم للمطالبة بنصيبهم ، وما ينشأ عن ذلك من خلافات وعداوات وبغضاء وقطيعة للرحم تتوارث جيل بعد أخر ، وقد ينتج عن ذلك جرائم تعد وقتل يشهد بها الواقع والسجون .
9-امتناع بعض الرجال عن إعطاء النساء نصيبهن الشرعي من تركة مورثهن والتصرف فيها تصرف المالك مما قد يدفع المرأة للتسول وخلافه تحت فاقة العوز والحاجة .
10-استيلاء بعض الرجال من العصبة على كامل أموال تركة مورثهم مع حرمان المرأة اليتيمة من نصيبها الشرعي ، ومن ذلك قيام العم بالاستيلاء على كامل تركة أخيه مع حرمان بناته من نصيبهن الشرعي ، ولاشك أن ذلك محرم ، قال تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا )) ، وروت عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من ظلم شبرا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين )) متفق عليه .
11-حرمان البنات من ميراث آبائهن والزوجات من ميراث أزواجهن وغيرهن مما قرره الشرع ، قال تعالى: (( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ، ((وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ، وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُواْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ، تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ )) سورة النساء: آية11إلى 14
(( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )). سورة النساء: آية176
ولاشك أن حرمان المرأة من ميراثها :-
•فعل من أفعال الجاهلية لأنهم هم الذين يحرمون الإناث من الميراث إذ يرون أنها لا تستحق أن ترث من أقاربها شيئاً ، لأنها لا تحمل السيف ، ولا تحمي البيضة ، ولا تحوز الغنيمة ، لذا كان الميراث وقفاً على ذوي البلاء في الحروب ، من الأولاد الذكور وحدهم ، يأخذه الأكبر فالأكبر ، ولأن المال الذي يعطى لها يذهب إلى الغرماء الذين تزوجت إليهم ، وقد يكونون من الأعداء ، وهم حريصون على أن يبقى مالهم في أسرهم ، فكانوا يحرمونها من الميراث .
•ردّ لحكم الله تعالي واعترض علي التقسيم الإلهي الذي يقوم على الحق والعدل .
•فيه ظلم للنفس وحط من قدر وكرامة الرجل .
•كبيرة من الكبائر لما فيه من اغتصاب لأموال الضعفاء والتصرف فيها دون وجه حق ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من أخذ من الأرض شيئا بغير حق خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين )) رواه أحمد والبخاري .
•فيه تعدى لحدود الله يستوجب العقوبة . ، قال تعالى (( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ )) ، ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم (( من قطع ميراثًا فرضه اللَّه، قطع اللَّه ميراثَه من الجنة)) .
وبناء عليه فإنه لا خلاف على أن السعي في حرمان النساء من الميراث - سواء سعى في ذلك الميت قبل وفاته أم الورثة من بعده ، أمر محرم ، لذا فإن من الواجب على كل مسلم أن يضع حدا لنفسه فيما يفعل من أكل للأموال بالباطل ، وحصر للتركات في الرجال دون النساء بحجج باطلة ، وأن يبادروا لإبراء ذمته مما علق به من حقوق ، فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل .
طابت اوقاتكم ، متمنيا أن اكون قد وفقت في طرح الموضوع بكل أبعاده وان تكون الصورة قد اتضحت للجميع لأنني أقصد الجميع دون استثناء .
_____________________________________
المقصود ببعض المصطلحات التي وردت :
•الهبة " العطية في حياته بلا عوض "
•الوقف " إمساك العين ومنع تملكها بأي سبب من أسباب التمليك "
•الوصية "التبرع بالمال بعد الموت "
•عقد البيع "مبادلة مال بمال تمليكاً وتملكاً حالاً أو آجلاً بعين أو منفعة أو غيرها "[/align]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|