الصلاة قرة عيون المحبين و هدية الله للمؤمنين
قال ابن القيم
فاعلم أنه لا ريب أن الصلاة قرة عُيون المحبين ، و لذة أرواح الموحدين
و بستان العابدين و لذة نفوس الخاشعين، و محك أحوال الصادقين، و ميزان أحوال
السالكين، و هي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين .
هداهم إليها، و عرَّفهم بها، و أهداها إليهم على يد رسوله الصادق الأمين
رحمة بهم، و إكراما لهم، لينالوا بها شرف كرامته، و الفوز بقربه
لا لحاجة منه إليهم، بل منَّة منه، و تفضَّلا عليهم
و تعبَّد بها قلوبهم و جوارحهم جميعا، و جعل حظ القلب العارف منها أكمل الحظين
و أعظمهما ؛ و هو إقباله على ربِّه سبحانه، و فرحه و تلذذه بقربه
و تنعمه بحبه، و ابتهاجه بالقيام بين يديه، و انصرافه حال القيام له بالعبودية
عن الالتفات إلى غير معبوده، و تكميله حقوق حقوق عبوديته ظاهرا
و باطنا حتى تقع على الوجه الذي يرضاه ربه سبحانه.
و لما امتحن الله سبحانه عبده بالشهوة و أشباهها من داخل فيه و خارج عنه
اقتضت تمام رحمته به و إحسانه إليه أن هيأ له مأدبة قد جمعت من جميع الألوان
و التحف و التحف و الخلع و الخلع و العطايا ، و دعاه إليها كل يوم خمس مرَّات
و جعل في كل لون من ألوان تلك المأدبة ، لذة و منفعة و مصلحة و وقار لهذا العبد
الذي قد دعاه إلى تلك المأدبة ليست في اللون الآخر
لتكمل لذة عبده في كل من ألوان العبودية و يُكرمه بكلِّ صنفٍ من أصناف الكرامة
و يكون كل فعل من أفعال تلك العبودية مُكفّرا لمذموم كان يكرهه بإزائه
و يثيبه عليه نورا خاصا، فإن الصلاة نور و قوة في قلبه و جوارحه
و سعة في رزقه، و محبة في العباد له، و إن الملائكة لتفرح و كذلك بقاع الأرض
و جبالها و أشجارها، و أنهارها تكون له نورا و ثوابا خاصا يوم لقائه.
فيصدر المدعو من هذه المأدبة و قد أشبعه و قد أشبعه و أرواه
و خلع عليه بخلع القبول، و أغناه، و ذلك أن قلبه كان قبل أن يأتي هذه المأدبة
قد ناله من الجوع و القحط و الجذب و الظمأ و العري و السقم ما ناله
فصدر من عنده و قد أغناه و أعطاه من الطعام و الشراب
و اللباس و التحف ما يغنيه.
كتاب أسرار الصلاة لابن القيم
-------------
للفايدة