عرض مشاركة واحدة
قديم 04-03-2013, 12:09 PM   #1063
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

العيـــــــــــــــــــد



بينما الفتى مرح الخطأ فرح بما
يسعى له إذ قيل: قد مرض الفتى
إذ قيل: بات ليلة ما نامها

إذ قيل أصبح مثخناً ما يُرتجى
إذ قيل: أصبح شاخصاً وموجهاً

ومعللاً إذ قيل: أصبح قد مضى

--------------------

أيام العشر الأواخر من رمضان بدأت تنقضي.. والعيد قاب قوسين أو أدنى.
لا أعرف أين سنذهب وأنا انتظر صديق الطفولة.. ولكن كالعادة الجزء الأكبر من وقتنا ليلاً نقضيه في جولات بين الأسواق والتجمعات والشوارع..
وحين استقريت على مقعد السيارة بجوار عبد الرحمن سألني.. هل جهزت ثوباً جديداً ؟! .. لقد أقبل العيد!!..
قلت له.. لا..!! قال: ما رأيك نذهب للخياط الآن..
وأنا أهز رأسي متعجباً سألته.. بقي ثلاثة أيام أو أربعة على العيد.. أين نجد الخياط الذي يسابق العيد ويختصر الأيام ؟؟!
لم يعجبه حديثي واستغرابي..
سابق الزمن بسيارته حتى توقفت أمام الخياط بصوت قوي يوحي بالعجلة والتسرع!!..
فاجأني صاحبي بالسلام الحار على الخياط فهو يعرفه منذ زمن وقال له نريد أن نفرح بالعيد.. ونلبس الجديد!!
ضحك الرجل وأجاب وهو يربت على كتفه !! كم بقي على العيد.. لماذا لم تأت منكراً؟!
أجاب عبد الرحمن وهو يهز يده بحركة لها معنى.. سنزيد لك في الأجرة.. المهم أن ينتهي بعد غد!!
وأعاد الموعد مرة أخرى.. بعد غد..!!
وأنا أراقب المفاوضات الشاقة إذا بصاحبي يدفع جزء من الثمن وهو يردد.. ويؤكد.. بعد غد..!! لا تنسى الموعد..
• حتى قبيل الفجر.. ونحن لا هون.. ساهون.. غافلون..مضت الليلة كاملة لم نذكر الله  فيها ولا مرة واحدة.. ربما أنها ليلة القدر..
حياة لا طعم فيها.. وسعادة لا مذاق لها..
ولجنا من المعاصي كل باب.. وهتكنا منها كل حجاب... وحسينا الأمر دون حساب.. إظهار للسرور والسعادة.. وضحكات تملأ المكان.. ولكن في القلب هم وغم.. والنفس تلحق بها حسرات ويحيطها نكد..
افترقنا قبيل الفجر.. يجمعنا الليل والسهر والعبث.. نلتقي على المعاصي وتجمعنا الذنوب.. نوم طويل.. يمتد من الفجر حتى العصر.. صيام بلا صلاة.. وصلاة بلا قلب..
ساعة الصيام التي استيقظ فيها قبل المغرب كأنها أيام.. أقطعها بالمكالمات الهاتفية العابثة.. وبقراءة الصحف والمجلات..
وأنا أنتظر موعد أذان المغرب حادثني بالهاتف أحد الأصدقاء.. وصوته متغير وقال: أما علمت أن عبد الرحمن مريض..
قلت.... لا.. مساء البارحة كان بصحة وعافية..
قال.. إنه مريض..
انتهت المكالمة.. والأمر لا يعني لي شيئاً.. سوى معلومة غير صحيحة.. والمؤذن يرفع أذان العشاء.. فإذا بالهاتف يناديني.. إنه الشقيق الأكبر لعبد الرحمن...
قلت في نفسي ماذا يريد؟. هل سيؤنبني على ما أفعله أنا وعبد الرحمن؟؟!!
أو أن أحداً أخبره بزلة من زلاتنا أو سقطة من سقطاتنا!!..
ولكن أتى صوته منهكاً مجهداً.. وعبراته تقطع الحديث... وأخبرني بالخبر.. مات عبد الرحمن..
بُهِتُّ ولم أصدق.. لا أزال أراه أمامي.. وصوته يرن في أذني كيف مات؟؟!!
وهو عائد إلى المنزل ارتطم بسيارة أخرى قادمة ثم حمل إلى المستشفى.. ولكنه فارق الحياة ظهر هذا اليوم..
أذني لا تصدق ما تسمع.. لا أزال أراه أمامي..نعم أمامي بل اليوم موعدنا إلى السوق الفلاني.. بل وغداً موعد ثياب العيد..
ولكنه أيقظني من غفوتي وهز جوانحي وأزال غشاوة على عيني عندما قال: سنصلي عليه الظهر غداً.. أخبر زملائك!! انتهى الحديث..
تأكدت أن الأمر جدُّ لا هزل فيه.. وأن أيام عبد الرحمن انقضت آمنت بأن الأمر حق.. وأن الموت حق.. وأن غداً موعدنا هناك في المقبرة لا عند الخياط!! لقد ألبس الكفن وترك ثوب العيد.. تسمرت في مكاني.. وأُصبت بتشتت في ذهني.. وبدوار في رأسي.. قررت أن أذهب إلى منزل عبد الرحمن لأستطلع الأمر.. وأستوضح الفاجعة..
وعندما ركبت سيارتي فإذا شريط غناء في جهاز التسجيل.. أخرجته.. فانبعث صوت إمام الحرم من المذياع يعطر المكان بخشوعه وحلاوته.. أنصت بكل جوارحي.. وأرهفت سمعي كأن الدنيا انقلبت.. والقيامة قامت.. والناس تغيرت.. أوقفت سيارتي جانباً أستمع.. وأستمع.. وكأني أول مرة أسمع القرآن..
وعندما بدأ دعاء القنوت.. كانت دمعتي أسرع من صوت الإمام.. رفعت يدي تستقبل تلك الدموع.. وقلبي يردد صدى تلك العبرات.. وبارقة أمل أقبلت خلف تلك الدموع..
أعلنت توبة صادقة.. بدأتها بصحبة طيبة ورفقة صالحة..
من كرهتهم.. هم أحب الناس إليَّ.. من تطاولت عليهم.. هم أرفع الناس في عيني.. من استهزأت بهم.. هم أكرم الناس عندي... كنت على شفا جرف هار.. ولكن الله رحمني..
بعد فترة من الزمن.. هدأت نفسي.. أطلت سعادة لا أعرفها.. انشراح في القلب..
وعلى عيني سكينة ووقار..
• فاجأت الخياط وسألته عن ثوبي.. سأل عن عبد الرحمن.. قلت له مات..
أعاد الاسم مرة أخرى.. قلت له.. مات.. بدأ يصف لي الرجل وسيارته وحديثه.. قلت نعم هو.. لقد مات وعندما أراني ثوبه بدأت أسترجع الذاكرة.. هل حقاً مات؟؟!!
ثوبي بجوار ثوبه.. ومقعدي في السيارة بجوار مقعده.. ولكن بقي لي أجل وعمر.. لعلي استدرك ما فات..
حمدت الله على التوبة والرجوع والأوبة ولكن.. بقي أخ لي هناك.. لا يزال على عينيه غشاوة ويعلو قلبه ران المعصية.. هل أتركه؟!.. شمرت عن ساعدي.. لن أتركه..
أمامه نارٌ وعذاب.. وأهوال وصعاب.. لن أتركه.. وقد هداني الله..
هنا كتاب.. وهناك شريط..
وبيني وبينه نصيحة صادقة .
----------

للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس