علاج عرق النساء
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا :
جاء في "الموسوعة العربية العالمية" :
" عِرق النَّسَا : مرض يسبب ألمًا في العصب النَّسَوي الذي يمتد من الحوض بطول الساق من الخلف حتى القدم . ويتحكم هذا العصب الكبير في إحساس الساق والقدم وحركتهما . والمرض ليس له علاقة بالنِّساء كما يلتبس على بعض الناس نتيجة نطقهم الخاطئ للكلمة .
والسبب الشائع لعرق النَّسَا هو الضغط على أحد جذور العصب التي تشكل العصب النَّسَوي . فالضغط على القرص بين الفقاري المفتوق في أسفل العمود الفقري قد يسبب عرق النَّسَا . وفي هذه الحالة فإن جزءًا من النسيج الذي يكوّن الطبق ينتأ من إحدى فقرات العمود الفقري ، ويضغط على جذر العصب . ويشعر الشخص بألم في كل من الساق والقدم والعمود الفقري .
وعلاج معظم الحالات ، يتكون من المعالجة البارعة باليد والمسكِّنات ، والراحة في السرير ، وإجراء بعض التمرينات الرياضية المُعَيَّنة . وفي معظم الحالات يكون التدخل الجراحي مطلوبًا لتخفيف الضغط على العصب " انتهى.
ثانيا :
ورد في السنة النبوية وصفة علاج لعرق النسا ، وذلك في حديث يرويه أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( شِفَاءُ عِرْقِ النَّسَا أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ ، تُذَابُ ، ثُمَّ تُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ، ثُمَّ يُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ ) زاد مسدد في مسنده - كما في "إتحاف الخيرة" (رقم/5300) -: قَالَ أَنَسٌ : وَقَدْ وَصَفْتُ ذَلِكَ لِثَلاَثِمِائَةٍ ، كُلُّهم يُعَافِيهِ الله .
رواه ابن ماجه (حديث رقم/3463) وغيره، وصححه الحاكم في "المستدرك" (2/320)، والبوصيري في "مصباح الزجاجة" (2/195) ، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/1899)
والألية هي الشحمة المتدلية في مؤخرة الشاة ، تُذَوَّبُ على النار ، ويُشرَب على الريق في كل يوم جزءٌ من سائل شحمها .
ثالثا :
وقد ذكر العلماء المتقدمون بعض الفوائد الطبية لهذا العلاج النبوي ، وكذلك يقرر أيضا بعض الأطباء المعاصرين .
يقول ابن القيم رحمه الله :
" كلام رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نوعان :
أحدهما : عامٌ بحسب الأزمان ، والأماكن ، والأشخاص ، والأحوال .
والثانى : خاصٌ بحسب هذه الأُمور أو بعضها .
وهذا - يعني العلاج النبوي لعرق النسا - من هذا القِسم - يعني من الثاني - ، فإنَّ هذا خطابٌ للعرب وأهل الحجاز ومَن جاوَرَهم ، ولا سيما أعراب البوادي ، فإنَّ هذا العِلاجَ من أنفع العلاج لهم ، فإنَّ هذا المرض يَحدث من يُبْس ، وقد يحدث من مادة غليظة لَزِجَة ، فعلاجُها بالإسهال ، و" الألْيَةُ " فيها الخاصيَّتان : الإنضاج ، والتليين ، ففيها الإنضاج ، والإخراج . وهذا المرضُ يَحتاج عِلاجُه إلى هذين الأمرين .
وفى تعيينِ الشاةِ الأعرابيةِ لقِلة فضولِها ، وصِغر مقدارِها ، ولُطف جوهرها ، وخاصيَّة مرعاها ؛ لأنها ترعى أعشابَ البَرِّ الحارةَ ، كالشِّيحِ ، والقَيْصُوم ، ونحوهما ، وهذه النباتاتُ إذا تغذَّى بها الحيوانُ ، صار فى لحمه من طبعِها بعد أن يُلَطِّفَها تغذيةً بها ، ويُكسبَها مزاجاً ألطَفَ منها ، ولا سيما الألية ، وظهورُ فعل هذه النباتاتِ فى اللَّبن أقوى منه فى اللَّحم ، ولكنَّ الخاصيةَ التى فى الألية من الإنضاج والتَّلْيِين لا تُوجد فى اللَّبن " انتهى.
"زاد المعاد" (4/72-73) ، وقد علق الشيخ ابن جبرين حفظه الله على كلام ابن القيم هذا بقوله :
" ويفهم من كلامه أن هذا العلاج خاص بأهل البلاد الحارة ، وبالأعراب ، كأهل الحجاز ونحوهم ، فعلى هذا يعالج أهل كل بلد بما يناسبهم من الأدهان والعقاقير والأدوية المركبة ، وكذا بالرقية والقراءة المأثورة ، والله الشافي " انتهى. "الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية" (2/120). نقلا عن موقعه >
ويقول الطبيب الجراح عبد الرزاق الكيلاني :
" عرق النسا : هو ألم يحدث في العصب الوركي الكبير ، الذي تبدأ جذوره بين الفقرات القطنية ، ثم ينزل على الوجه الخلفي للطرف السفلي...حتى ينتهي في القدم ، وأكثر أنواع عرق النسا تحدث بسبب انضغاط جذور العصب ، بفتق نواة القرص الغضروفي بين الفقرات ( الديسك ) ، وأقلها يحدث بسبب الرثية ( الروماتيزم ) أو البرد ، أو النقرس ، أو السكري ، أو الإنتانات ، أو غيرها ...أما عرق النسا الناشئ عن فتق النواة ( الديسك ) فإذا كان الفتق خفيفا...يمكن علاجه بالراحة ، والعلاج الطبيعي ، والنوم على فراش قاس ، ولبس حزام خاص ، وأما إذا كان الفتق كبيرا..فلا يشفى إلا بعملية جراحية خاصة ، أو بحقن مادة خاصة في القرص الغضروفي لإذابة النواة ثم مصها بعد ذلك بممص خاص ، أو مصها بدون إذابة ، أما عرق النسا الناشئ عن الأسباب الأخرى - غير فتق النواة - فيمكن معالجة بعضها - وبخاصة الرثوية والبردية منها - بشرب ألية شاة أعرابية ، تقسم ثلاثة أجزاء...تذاب ، ويشرب كل يوم جزء منها .
وألية الشاة الأعرابية صغيرة عادة ؛ لأنها تعيش على أعشاب البرية...وهي قليلة في الصحراء العربية ، والشاة الأعرابية تأكل الشيح والقيصوم اللذين يكثران في بلاد العرب ، ولا بد أن يتمثل شيء من خصائص هذه النباتات في لحمها ودهنها ، وقد قال ابن سينا عن الشيح : " ينفع من عسر النفس ، يخرج الديدان وحب القرع ، ويقتلها ، ويدر الطمث والبول ، دهنه ينفع من برد النافض ، ينفع من لسع العقارب ، والرتيلاء ..ومن السموم "
أما القيصوم ، فيقول عنه الدكتور أمين رويحة في كتابه : ( التداوي بالأعشاب ) : " فيه زيت ومادة الإينولين ، ويستعمل مرهمه - الذي يصنع من مسحوق الأغصان المزهرة والشحم الحيواني - للتثليج واللطخ الحمراء ، ويشرب 3- 4 نقط من صبغته - ثلاث مرات يوميا - لتقوية الدم ، وفتح الشهية ، وطرد الديدان "
هذا عدا أن الدهن إذا ذوب وشرب فإنه يحدث إسهالا يكنس الأمعاء وينظفها من الإنتانات والفضلات ، فيفيد بذلك في عرق النسا الناجم عن الإنتانات ، والدهن يولد حرارة وطاقة زائدة في الجسم ، فكل (1) غ منه يولد (9) سعرات في الجسم ، بينما (1) غ من كل من البروتين أو السكر لا يولد إلا (4) سعرات فقط ، وقد يفيد الدهن - من هذه الناحية - في طرد الرطوبة والبرد من الجسم ، وشفاء عرق النسا الناجم عنهما ، والله تعالى أعلم .
ولا يزال حتى الآن يذهب أناس من دولة الإمارات العربية - مصابون بعرق النسا - إلى الهند للمعالجة ، فيعالجونهم بالدهن المذاهب شربا ، ويشفى أكثرهم " انتهى كلام الطبيب الكيلاني. "الحقائق الطبية في الإسلام" (348-349)
ويقول الدكتور الطبيب محمود ناظم النسيمي :
" ولقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم لعرق النسا ألية شاة أعرابية بمناسبة إصابة أحدهم به. وربما كانت إصابته نتيجة الإنتان بالعصيات الكولونية ، فيحدث الإسهال بالدهن ، فتطرد تلك الجراثيم من الأمعاء التي تعد موئلا لها . هذا إلى جانب حكم أخرى الله أعلم بها لم يتوصل إليها العلم بعد " انتهى.
" الطب النبوي والعلم الحديث " (ص/289)
والله أعلم .
" منقول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|