عرض مشاركة واحدة
قديم 03-05-2013, 03:35 AM   #2303
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


الخطة الثالثة
1
ذهبت إلى بيت صديقي سعد لأطلب منه أن نذهب سوياً إلى البحر , وعند الباب سلمت عليه وقلت له :
- كيف حالك يا سعد .
- بخير ولله الحمد والمنة .
- هل ستأتي معي إلى البحر ؟
- نعم ولكن عندي مشوار صغير انتظرني هنا وسآتي إليك .
- حسناً ولكن لا تتأخر .
ذهب وتركني عند الباب , لم يقل لي تفضل وانتظرني في البيت , يبدو أنه لا يعرف كيف يكرم ضيوفه , في الحقيقة أنا لا أعتبر ضيفاً فأنا أزوره في اليوم ثلاث مرات أو أكثر , المهم أني جلست تحت شجرة قريبة من بيته , وانتظرته مدة أربعة عشرة دقيقة ( دقيق جدا أنا ) , جاء وعلى وجهه ابتسامة غامضة لم أعرف سببها رغم أني طلبت منه مراراً أن يخبرني عن المشوار الذي قضاه وجعله يبتسم , ولكنه أبى أن يخبرني .
وعند شاطئ البحر تمددت على الرمل ورحت أرمق السماء الصافية , في حين بقي سعد واقفاً وهو يقول :
- قصي , ما رأيك بالجو اليوم ؟
فقلت له :
- الجو اليوم هادئ , وجميل , ورمانسي , ويستحق أن أكتب فيه قصيدة .
- قل لي بصراحة هل أنت شاعر أم روائي أم قاص أم نصاب !!
ضحكت من أعماق قلبي وقلت له :
- أنا شاعر نصاب وأكتب روايات وقصص .
- إذن أنت تقر بأنك تنصب على أهل القرية حين تقول بيتاً لشاعر مجهول وتنسبه لنفسك .
- أنا لا أنسب البيت لي ولكن أهل القرية يحسبون أن كل بيت أقوله من شعري , ماذا أفعل لهم ؟ أغلبهم أميون والآخرون لا يعرفون شيئاً عن هذه الدنيا , أظن أن قريتنا تعيش في العصر الجاهلي .
قال بفخر :
- أنا أعرف الكتابة والقراءة وأحفظ قليلاً من الشعر .
- حسناً قل لي بيتاً عن البحر .
تفاجاً من سؤالي وقال :
- الحقيقة أن ....... البحر ....... يعني .... أنا ...
قلت له في خبث :
- ما بك أنت تتلعثم ؟
صمت قليلاً ثم قال :
- لقد تذكرت بيتاً عن البحر وهو
البحر مدرسة ان اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق
ضحكت باستهزاء وبصوت عالٍ وقلت :
- من أين جئت بهذا البيت .
- لقد سمعته منك قبل فترة طويلة .
وقفت بجانبه وقلت له :
- الأم مدرسة إن اعددتها , وليس البحر يا فهيم .
تنبه إلى خطئه وقال :
- يبدو أنني أنسى بسرعة .
2
رجعنا إلى بيتينا بعد أن قضينا وقتاً ممتعاً عند البحر , وطول الطريق أنا أضحك على سعد من بيته عن البحر , ويبدو أنه غضب مني وقال :
- إن لم تكف يا قصي عن الاستهزاء بي فلن أقول لك .
ضحكت من تهديده وقلت له :
- لن تقول لي ماذا ؟
- لن أقول لك الخطة الجديدة التي وضعتها أنا وصديقي أحمد و أيوب .
نظرت إليه وقد دق قلبي دقات سريعة :
- أية خطة .
- لن أقول لك .
- أنا آسف يا سعد لقد أخطأت بحقك , ولكن قل لي بالله عليك ماهي هذه الخطة ؟
- لن أقول .
ورحت أترجاه وأستسمح منه حتى سامحني , وقال لي الخطة الجديدة .
3
قلت لمليكتي وأنا واقف تحت نافذتها :
- لقد وجدت خطة جديدة ولكنها هذه المرة محكمة ومدروسة .
- لا تزعل مني يا حبيبي ولكن جميع خططك فـ........ .
لم تكمل جملتها احتراماً لمشاعري , ولكني فهمت قصدها فقلت لها :
- أعلم أني خططي فاشلة ولكن هذه المرة لن تفشل بإذن الله .
ابتسمت وقال لي :
- لقد اشتقت لحديثك يا قصي , متى سوف نلتقي ونتكلم دون أن يزعجنا أحد .
- قريباً إن شاء الله
وهنا سمعنا صوت خالتي وهي تحذرنا بأن العم صالح سوف يخرج إلى الدكان , فوعدتها بأن الليلة سوف تكون ليلة مصيرية , وودعتها وكلي أمل بأن هذه هي المرة الأخيرة التي نتكلم مع بعض تحت نافذة غرفتها .
4
كان العم صالح في دكانها منهمكاً في تدوين بعض الحسابات , فاقتحم عليه رجلان ملثمان وأشارا عليه بأن يلزم السكوت , وقف العم صالح مبهوتاً وسقط القلم من يده وهو يرى السكين الذي يلوح به أحدهما في وجهه , في حين انهمك الآخر في تفتيش الدكان وسرقة الأموال والأشياء الثمينة منها .
رأيت كل هذا إلى أن ركل أحدهما الباب برجله , وكانت هذه العلامة بيننا , خرجت من مخبيء وتسللت على أطراف أصابعي ثم هويت بقبضتي على رأس الرجل الأول الذي كان يهدد عمي بالسكين ووقع فاقد الوعي , أما الآخر فإنه رمى الكيس الذي بيده وخرج من الدكان وأسرع بالهرب قبل أن أتمكن من فعل شيء .
فرح عمي لتدخلي المفاجئ وأرتمى يحتضنني ويقبل رأسي ثم قال :
- شكرا لك يا قصي , لقد أنقذتني وأنقذت دكاني .
- لا شكر على واجب يا عمي .
- قل لي ماذا تريد مني وأنا ألبيه لك ؟
فرحت جداً بعرضه , وقلت له :
- أريد الزواج من ابنتك .
5
رمقني بعين حادة ثم ابتسم وقال :
- تستاهل الزواج بابنتي فلقد أثبت لي شجاعتك .
سعدت جدا لهذا القول , وأحسست بأني سوف أقع على الأرض وأفقد الوعي من الفرح ولكن في هذه اللحظة دخل الرائد سالم الدكان وألقى القبض على الرجل الملثم الذي استعاد وعيه , وما أن رأى الشرطة ألقت القبض عليه حتى صاح :
- ماهذا يا قصي , لماذا أفقدتني الوعي وجعلتهم يلقون القبض علي؟ لم نتفق على هذا .
يا إلهي إنه يفسد الخطة ويحطم أملي بهذه السهولة , وهنا ألتفت إلي العم صالح ورمقني بعيونه النارية وقال :
- لقد فهمت كل شي , تريد أن تخدعني , أذهب من هنا .... لن أزوجك ابنتي .... لن أزوجك ابنتي .
وقعت على الأرض , وصعقت لكلامه الذي كرهته من كثر ما سمعته منه , ونزلت دمعة من عيني على حظي التعس .
6
بقيت في داري ممداً على الفراش مدة أسبوع , ورأسي يكاد ينفجر من شدة حرارته , وبجانبي صديقي سعد وهو يضع قطعة قماش بعد أن بللها بالماء البارد على جبيني , وهو يقول :
- لم أر إنساناً في هذا الوجود أقل حظاً منك يا قصي يا مسكين .
لم أستطع أن أرد عليه وإنما أشرت له بأن يفتح النافذة لكي أشم بعض الهواء النقي , وبعد أن فتح النافذة
وقف بجانبها وقال لي :
- لا تيأس يا قصي , فكر في خطة أخرى , عليك بالأمل ولا شيء سوى الأمل .
ولكن هذه المرة بقيت في فراشي ولم أستطع أن أنهض وأقول :
- حسناً يا عم صالح , سوف أتزوج ابنتك , والأيام قادمة .

الخطة الرابعة
1
في ليلة مقمرة كنت في بيتي أقرأ رواية من روايات الأديب المصري نجيب الكيلاني , فأنا أحب رواياته كثيراً , وفجأة سمعت صوت باب الغرفة يغلق علي , التفت إلى الباب في استغراب ثم نهضت وفتحته ووضعت شيئاً ثقيلاً أمامه لكي لا ينغلق مرة أخرى , ثم عدت لكي أكمل الرواية , وبعد قليل خيل إلي بأني أسمع صوتاً يشبه فحيح الأفاعي , التفت مجدداً ورائي , ورحت أتابع بنظري أرجاء الغرفة , فنهضت من مكاني ثم خرجت إلى الصالة لكي أشرب الماء ولكن خيل لي بأني رأيت ظل رجل يختبئ في الغرفة الأخرى , فذهب ببطء إلى تلك الغرفة وأما أن أصبحت بداخلها حتى أغلق الباب علي , فصرخت بأعلى صوتي وركضت أحاول فتح الباب ففتحته , وخرجت منها وأنا ألهث والعرق يتصبب من جبيني بغزارة شديدة ورحت أبسمل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وأحوقل ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) وأقرأ آية الكرسي بصوت عالٍ .
وأنا على هذه الحالة وإذ بصورة أبي المعلقة على الجدار تهتز بعنف , نظرت إليها في هلعٍ وفي نفس الوقت فتح باب الغرفة ببطء شديد محدثاً صوتاً مفزعاً ومخيفاً , وقع قلبي في رجلي ولم أحتمل الوقوف من الخوف وجلست وأنا أرمق شبحاً يخرج من الغرفة , وما أن أصبح قريباً مني حتى سمعت صوت دقات عنيفة على الباب الرئيسي وهنا فقدت الوعي من شدة الخوف الرعب .
2
فتحت عيني في بطء وإذ بي ممدداً على سرير فاخر وبجانبي صديقي سعد , وكان نائماً , حاولت أن أوقظه ولكني لم أستطع من شدة الصدمة التي تعرضت لها , تلفت حولي وإذ أنا في المستوصف الطبي , وبعد دقائق قليلة استيقظ سعد , وعندما رآني قال :
- الحمد لله على سلامتك يا قصي .
لم أستطع أن أجاوبه , ثم استطرد :
- لا عليك يا صديقي , لا تتعب نفسك بالكلام , المهم أنك بخير .
وراح يثرثر لي ويفتح مواضيعاً وينتقل منها إلى مواضيع أخرى ثم يعود لها , مما زادت من تعبي وضيق نفسي , ورحت أغمض عيني محاولاً التخلص من ثرثرته .
3
وبعد ثلاثة أيام تحسنت حالتي كثيراً وصار أهل القرية يزورونني ويقدمون لي الهداية البسيطة التي تعبر عن مدى حبهم وتقديرهم لي .
كنت ممداً على سريري وإذ بالباب يفتح ويطل منهم أجمل وجه على الأرض , إنها حبيبة القلب ( هدى ) , لقد جاءت لتطمئن علي , كم هي حنونة ومخلصة , حاولت أن اجلس ولكنها أوقفتني قائلة :
- لا تتعب نفسك يا قصي , فلقد جئت أطمئن عليك .
- لا تخافي أنا بخير ولله الحمد .
- قل لي ماذا حدث لك ؟
- لا لم يحدث شيء وإنما مجرد تعب وإرهاق .
- ولكن سعد قال بأنه فتح باب منزلك عنوة وإنك كنت ممداً على أرضية الصالة , وكان وجهك شاحباً وكأنك شاهدت فلما مرعباً من أفلام سواي . ( تقصد أفلام سو saw)
ترددت قليلاً ثم قلت :
- الحقيقة إني رأيت شبح .........
وقفت ولم أستطع أن أكمل , تغير وجهها وصاحت :
- شبح ....... ماذا تقصد ؟
- شبح والدكِ .... أقصد أني تذكرت كيف أن والدك يرفض أن يزوجنا في كل مرة أطرح عليه موضوع زواجنا .
تبسمت وقالت :
- المهم دعنا من هذا الكلام , وقل لي أما اشتقتي إلي .
- بلى يا حبيبتي فقد اشتقت لحديثك ونظراتك وتورد خديك و كل شيء فيك .
احمرت وجنتاها لكلامي وتبسمت وأنزلت رأسها خجلاً , فقلت لها :
- كيف استطعت المجيء .
فتحت فمها لتجيب ولكن صوت طرقات على الباب منعتها , ثم دخلت خالتي الغرفة وقالت :
- حمداً لله على سلامتك يا بني , اعذرني أنا مستعجلة فعمك صالح يسأل عن هدى , هيا يا هدى فلنذهب .
خرجت وقد تركت وردة حمراء في يدي فظللت أشمها طيلة اليوم .
4
جاء صديقي سعد إلي وقال :
- إلى متى سوف تبقى هنا يا قصي .
- لا أريد أن أخرج من المستوصف , فالحياة أصبحت لا تطاق أبداً .
- ولكنك يا قصي , تريد أن تحـ.........
وصمت فجأة واتسعت عيناه حتى كادتا أن تخرجا من محجريهما وقال :
- قصي ما رأيك بخطة جديدة .
دق قلبي دقات عنيفة لقوله وصحت بوجهه :
- خطة ......... قل ..... كيف ؟
- حسناً سوف أقولها لك .
5
خرج سعد من المستوصف إلى ساحة القرية وهو يصرخ بأعلى صوته :
- يا نااااااااااااااس ........ يا عااااااااااالم ...... يا هوووووووو .
فتجمع حوله أهالي القرية وصاحوا بأعلى أصواتهم :
- ما بك ؟
نزلت دموعه بغزارة وهو يلهث ثم قال :
- قصي في حالة خطرة جدا جدا جدا ,
كأنهم أصابتهم الصاعقة لهذه الجملة , فمنهم من غطى وجهه بكفيه , ومنهم من جلس على الأرض , ومنهم من هرع إلى المستوصف ليطمئن علي .
كنت على السرير متظاهراً بأن حالتي خطرة , وباتفاق مع الطبيب الذي راح يزيد أصوات الأجهزة بشكل يوحي بأني قريب من الموت , ورشّ سائلاً أصفر اللون على وجهي لتكتمل الخطة .
وهنا دخل العم صالح الغرفة ومعها دخلت هدى , لم أتوقع أنها سوف تأتي , وفيما بعد عرفت بأنها كانت تولول وتصرخ بأعلى صوتها وتلطم خدها وتتهم والدها بأنه السبب في وصولي إلى هذه الحالة , امتقع وجه العم صالح وراح يصرخ بصوت عالٍ :
- لا تمت يا قصي , أرجوك لا تمت , سوف أزوجك ابنتي , لا تمت ...... لا تمت .
وهنا فتحت عيني بسرعة مفسداً كل شيء وقلت :
- حقاً يا عماه سوف تزوجني هدى .
6
صرخت هدى فرحاً لأنني فتحت عيني وارتمت تحتضن أمها , ولم يصدق العم صالح عندما عدت للحياة بل احتضنني وهو يقول :
- الحمد لله على سلامتك ....... الشكر لله
فرحت جدا ودق قلبي دقات سريعة , فلقد نجحت الخطة قبل أن تكتمل ولكن ابعدني عمي عنه وقال للطبيب مستفسراً :
- لقد عاد قصي للحياة ولكن لماذا الأجهزة مستمرة في صدور أصواتها وتعلن بحالة الخطر برغم أنه شفي ؟
ارتبك الطبيب ولم يقدر على الإجابة , فتلفت إلي عمي وقد بدت عيونه النارية وقال :
- إذاً هي خطة جديدة منك يا قصي ....... تريد أن تتظاهر بالموت لتخدعني .... فلتمت ... لن أزوجك ابنتي ... لن أزوجك ابنتي .
صحت بصوت عالٍ :
- لا لا لا ياعم لالالالالا
وأظلمت الدنيا من حولي .
7
وقفت على سطح منزلي , وتجمع الناس حولي فصحت فيهم بصوت عالٍ :
- لقد سئمت هذه الحياة , سوف أقفز , لم أعد أحتمل , لم أعد أحتمل .
اقتحم العم صالح جموع الأهالي حتى اقترب مني وقال :
- اهبط يا مجنون ...... اهبط
- لا لن أهبط سوف اقفز ........... سوف اقفز .
صاح سعد بخبث :
- إن قصي يريد أن يقفز قفزة أجرأ من قفزة فيليسك ( فيليكس!!! ) ....... تحية كبيرة للكابتن قصي .
وإذ بجميع أهالي القرية يصفقون لي وهم يهتفون :
- يعيش قصي ..... يعيش قصي ....... يعيش قصي .
قلت في نفسي :
- يالك من خبيث يا قصي , لقد حولت بقولك هذا يأسي إلى أمل .
فقلت قبل أن أقفز فيهم :
- حسناً يا عم صالح , سوف أتزوج ابنتك , والأيام قادمة .
-----------------------
يتبـــــــــــــــع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس