عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-05-2013, 09:20 AM
الصورة الرمزية عذبة الاوصاف
عذبة الاوصاف عذبة الاوصاف غير متواجد حالياً
مشرفة مجلس الامارات
مشرفة القسم الرياضي
 






عذبة الاوصاف is on a distinguished road
افتراضي تصويب لمفاهيم شرعية حول المرأة


تعاني المرأة المسلمة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة انتقاصاً لحقوقها ومكانتها في مخالفة صريحة لتعاليم الإسلام وتوجيهاته، ومرد ذلك إلى الفهم الخاطئ لهذه التعاليم،
وأرى لزاماً علي تصويب بعض المفاهيم والمصطلحات وتجلية مقصودها الشرعي، ووضع الأمور في نصابها،
وأول هذه المفاهيم مفهوم القوامة التي نص عليها القرآن الكريم، وهي حق واجب للزوجة على زوجها، يشعرها بأنها محل التكريم والعناية، بدليل لجوئها إلى القضاء لطلب التفريق لو قصر فيها،
فالقوامة تعني التدبير والإصلاح والحفظ ورعاية المصالح، وليست استبداداً بالرأي أو استئساداً على الضعيف،
أما من يجعلها سبيلاً لبث الرعب في نفس أهله أو لتعميق الخنوع والعبودية فيهم، فهذا من قصر النظر وضيق الأفق ومخالفة روح الشرع ومقاصده،
فالرجل يكون قواماً في بيته، حريصاً على مصالح أفراد أسرته، حليماً عطوفاً، وفي الوقت ذاته يكون مَهيباً وديعاً مداعباً .



ويرتبط بالقوامة مفهوم الطاعة الزوجية، فقد حد لها الشرع حدوداً تمنع البغي والاستعباد أو الكيْد، وتمنع التحكم المطلق بالزوجة، بل تقتصر على ما يتعلق بالحياة الزوجية وحقوق الزوج، إذ لا ولاية له عليها في غير ذلك، فليس له التدخل في شؤونها أو فرض رأيه عليها، ولكنه لا يستحق طاعتها حال تقصيره في حقوقها،
فالتساوي بينهما يُمْلي عليه أن يُسارع في إيفائها مالها أولاً ليتمكن من استيفاء ما له منها .
ومحل الطاعة بيت الزوجية، ومع أن الزوج هو الذي يعده إلا أنه يخصها لأن حق السكنى فيه لها وحدها،
قال تعالى: “أَسْكِنُوهُن مِنْ حَيْثُ سَكَنتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ”، (الطلاق: 6) .



أما عند الاختلاف والتقاضي بين الزوجين فقد يُسمى بيت الطاعة، وهو مرتبط في أذهان الناس وتصوراتهم غير الصحيحة بالرهبة والخوف والحبس، ويُنْظَرُ إليه كسجن يُغْلق على الزوجة فلا تَرَى فيه أحداً ولا تُرَى، ولا تغادره إلا بأمر سجانها،
وهذا أبعد ما يكون عن المفهوم الشرعي له، فبيت الطاعة هو ذاته بيت الزوجية لا فرق، حيث يشترط لهذا ما يشترط لذاك، ويهدف هذا إلى ما يهدف إليه ذاك .



والمفهوم الثالث ضرب الزوجة، وهو محرم إلا عند النشوز وإظهار التعالي على الزوج بغير حق، وعندها لا يُقدم عليه من ابتغى شرف التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنوان الضعف والحَيْف وتزعزع الرجولة، ويُفْهَم من عبارات الفقهاء أن تركه أولى، فإن صدر عن الزوج غضباً وتسرعاً فلْيُبادر إلى مصالحتها واسترضائها والاعتذار،
أما من أراده أسلوباً للحفاظ على كيان الأسرة، فتلزمه معرفة القيود التي يُشترط توفرها جميعاً لضمان عدم استخدامه إلا عند الضرورة الملجئة، منها مثلاً ألا يبدأ به الزوج بل يتبع الترتيب المنصوص عليه في قوله تعالى: “وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُن فَعِظُوهُن وَاهْجُرُوهُن فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُن فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِن سَبِيلا إِن اللهَ كَانَ عَلِيا كَبِيرًا”، (النساء: 34) .
ويجب أن يكون الضرب غير مبرح ولا مدمٍ، وأن يُتقَى فيه الوجه والأماكن المخيفة قال صلى الله عليه وسلم مبيناً حقوق الزوجة “ولا تقبح الوجه ولا تضرب” (رواه أبو داود)،
وألا يكون القصد منه الإرهاب النفسي أو الإيلام الجسدي، بل الأدبي، ولا يتعين إلا إذا كان فعّالاً وعلى أمل إصلاح الحال ومعالجة النشوز، فإن لم يكن مجدياً فلا مبرر له إلا إرواء الغليل وإذهاب الغيظ وهذا مرض لا بد له من علاجه .



ومفهوم آخر هو المهر، وهو ليس ثمناً للمرأة أو مقابل تملكها والتمتع بجسدها، وإلا لما استحقت منه شيئاً بالطلاق أو الوفاة قبل الدخول،
ويضاف إلى ذلك أن الاستمتاع حق مشترك للزوجين، وهل تدفع الزوجة شيئاً مقابله؟
فالمهر لا مقابل له، بل هو هدية لازمة وعطية مقررة من الله سبحانه وتعالى، إظهاراً لشرف عقد الزواج وبياناً لعظيم مكانته .
وهو ملك خالص للزوجة تتصرف فيه كما شاءت وبكامل حريتها، فقد أضافه الله تعالى إليها إضافة تمليك حيث قال تعالى “وَآتُوا النسَاءَ صَدُقَاتِهِن نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا”، (النساء:4) .



بقلم * قاضي قضاة فلسطين / سابقاا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة محمد الساهر ; 07-05-2013 الساعة 11:41 AM.