عرض مشاركة واحدة
قديم 15-05-2013, 09:37 PM   #2509
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

فارقتمونا فلم ننسى مودتكم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
لمّا كان الإسلام مدني بطبع كما قال ابن خلدون في مقدمته , والقلوب جنود مجندة تتآلف وتختلف , ولأن المؤمن ضعيف بنفسه قوي بإخوانه , ولأن الدنيا لا تهنى لأحد في الغالب إلا برفقة درب وأصدقاء حياة , كان للصديق في حياة صديقه شأن كبير ومكانة عظيمة , وكان لهذه العلاقة من الحقوق والواجبات الشي الكبير والمهم والذي يجب أن يقف عنده كل مؤمن .
وبالنظر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجد المؤمن في تعاليمهما توجيهات ربانية بوجوب الوفاء بالصديق واحترام قدره ومكانته ومنحه الثقة التي يستحقها , وكما وضحت أيضاً الحقوق والواجبات التي على الصديق لصديقه وعلى الأخ لأخيه قال تعالى " إنما المؤمنون إخوة " الحجرات 10 وقال تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ...الآية " آل عمران 103 وفي بيان ما امتن الله به على عباده من تأليفه للقلوب بين المؤمنين قال تعالى " وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الارض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألّف بينهم إنه عزيز حكيم " الأنفال 63 وقَال رسول اللّه ، صلى الّه عليه وسلّم : " المؤمن أَخو المؤمنِ , لا يخذله ولا يظلمه , لا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تَقاطعوا , وكونوا عباد اللَّه إِخْوانًا" رواه مسلم , وقال " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة فخيارهم في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا , والأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تنكر منها اختلف " رواه مسلم .
وأقف وإياكم مع بعض من تلك الحقوق التي لابد لكل صديق أن يفي بها مع صديقه , وأسوقها اليوم للتذكير فقط لأننا مع حياة المصالح ولغة الأنا وانتشار الحسد والبغضاء بين القلوب صار الكثير منا – إلا من رحم الله – ينسى أو يتناسى حقوق إخوانه عليه , والله المستعان .
أنتم سروري وأنتم مُشتكى حَزَني
وأنتم في سَواد الليل سُمَّاري
أنتم وإن بَعُدت عنَّا منازلكم
نوازلٌ بين أسراري وتذكاري
فإن تكلمتُ لم أَلْفِظْ بغيركُمُ
وإن سكتُّ فأنتم عَقْدُ إضماري

الله جــــارُكُم مما أحـــــــــاذرُه فيــكــم
وحــــبي لـــكـــم من هجــركم جاري

أما الحق الأول الذي لصديقك أخي المؤمن فهو محبته في الله , وبناء علاقة الصداقة في الله يجعلها مباركة وحيّة عند اللقاء والفراق , ولما كانت المحبة في الله سادها الحميمية الصادقة , والإيثار المتبادل , وطول الفترة , وعجائب التضحيات , قال عليه الصلاة والسلام في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظّله يوم لا ظل إلا ظله " .. ورجلان تحابا في الله اجتمعا في الله وتفرقا عليه " رواه البخاري ومسلم , وقال عليه الصلاة والسلام " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان .. ذكر منها , وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله " رواه البخاري , وقال عليه الصلاة والسلام " إنّ لله عباداً ما هم بأنبياء ولا شهداء، يَغبِطُهُم الأنبياءُ والشهداء.. لا يخافون إذا خافَ الناسُ، ولا يحزنون إذا حزنَ الناسُ، لباسُهُم نورٌ، ووجوهُهُم نورٌ، وإنهم لعلى نور!.. قالوا: صِفْهُم لنا يا رسول الله، قال: هم المتحابّون في الله، والمتجالسون في الله، والمتزاوِرون في الله " رواه أحمد .
فإذا تعاملت مع صديق فاجعل منبع ذلك التعامل هو الحب في الله .
فارقتمونا فلم ننسى مودتكم
فحبكم عن جميع الناس يغنينا
آخيتمونا على حب الإله وما
كان الحطام شريكاً في تآخينا
فكيف يسلو رفيق الليل عن قبس
قد كان دوماً بتقوى الله يوصينا
ومن حقوق الصديق على صديقه حسن الظن به على الدوام , وجعله في أحسن المحامل , والتماس له الأعذار متى ما حصل منه خطأ مقصود أو غير مقصود , والوقوف ضد تحريش الشيطان بين القلوب , وتلكم الصفات من صفات المؤمنين الأنقياء , فإن قلوب الأصدقاء إذا ابيضّ بعضها على بعض لم يدخله الحسد ولا الكراهية ولا التنافر , قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم .. الآية " الحجرات 12 وقد كان عليه الصلاة والسلام يدعو ربه بأن يرزقه قلباً سليماً , وقال عمر في باب حسن الظن بالصديق " لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً " وفي باب التماس العذر قال ابن سيرين رحمه الله " إذا بلغك عن أخيك شيئاً فالتمس له عذراً , فإن لم تجد فقل : له عذر .. لكن لا أعرفه .
تأنّ ولا تعجل بلومك صاحباً
لعل له عذراً وأنت تلوم
ومن حقوق الصديق على صديقه سوقهُ إلى الخير ودعوته إلى الفضيلة وحثّ على المسارعة في الخيرات , وهذا الأسلوب مؤشر صدق يحمل قلب الصديق الناصح إلى قلب الصديق المنصوح . وكم والله تزعجنا تلك الصداقات التي كانت مبنية على مصالح الدنيا أو دعاوي الشيطان أو حفظ النفس أو إتباع الهوى .
أيها الصديق .. إذا لم تكن للخير دالاً , وللمعروف محرضاً فلا خير في صداقتك ولا أجر لك في خطواتها لأنك لم تفعّل ما هو مطلوب منك لأصدقائك وهو السمو بهم عن كل زلل أو خطأ أو جريمة , وهذا ما لا ترضاه أنت أن يفعّله أصدقائك بك , قال أبو النفيس لصديق له " ليس ينبغي -أبقاكَ الله- أن تغضب على صديقك إذا نصح لك في جليلِك ودقيقِك؛ بل الأقمن بك، والأخلق لك أن تتقبَل ما يقوله، وتبدي البشاشةَ في وجهِه، وتشكره عليه؛ حتى يزيدك في كل حالٍ ما يجملك، ويكبِت عدوك، والصديق قليل، والنُّصح أقلُّ، ولن يرتبطَ الصديق إذا وجد بِمثلِ الثقة به، والأخذ بهديِه، والمصير إلى رأيِه، والكونِ معه في سرَّائه وضرَّائه، فمتى ظفرت بهذا الموصوف؛ فاعلم بأنَّ جدَّك قد سعد، ونجمك قد صعد، وعدوَّك قد بعد " أ.هـ .
أيها الصديق المؤمن .. الإسلام يأمرك بأن تكون باذلاً من معروفك للجميع فما بالك بالصديق الوفي القريب إلى قلبك . أين معروفك له ؟ أين قضاءك لحاجاته ؟ أين دعوتك ونصحك له ؟ وهذا كلّه من الإحسان قال تعالى " وأحسنوا إن الله يحب المحسنين
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
وخير الناس أنفعهم للناس وأكثرهم تودداً ورحمة ومن يرجى منه الخير والصلاح والإيجابية بين أصدقاءه ومحبيه قال حبيبكم رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا أخبركم بخيركم من شركم " قال : فسكتوا ، فقال ذلك ثلاث مرات ، فقال رجل : بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا
قال خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره " رواه الترمذي وأحمد , ومن انتشر إحسانه كثر أعوانه , وعليك – يا رعاك الله – بالكلمة الطيبة والمشاعر الصادقة , والعبارات الأخّاذة التي تسلب الأفئدة , وتأخذ بالألباب , وتأسر القلوب , ولنتذكر جميعاً أن من متع الحياة الدنيا الصديق الصالح الوفي .
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها
صديق صدوق صادق الوعد منصفا
اللهم هيأ لنا من عبادك إخوة صالحين مصلحين , واجعل محبتنا في ما يرضيك عنا يا رب العالمين , والله أعلم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .
------------

للفايدة


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس