[عذبة الاوصاف]

نحبها ونسيء إليها، كيف يكمن الحب في الإساءة وكيف يقترن العشق بالإهانة؟ من يحب، يهتم ويحترم ويقدر ويحافظ على عهود المحبة . هذه قوانين المحبين لا تغيرها السنون، ولا تبدلها القرون . لا ينكر العالم أن الكون كله أصبح قرية صغيرة تهاوت الحدود بين الدول إثر تيار العولمة والتطور التكنولوجي فتداخلت الثقافات من كل الجهات بتدفق مملوء بلغات شتى وأفكار مختلفة فيأخذ العرب هذا التغير عذراً بأن يخطئوا في حق لغتنا الأم تحت ظروف أن اللغات شتى ويجب أن نتعلم لغات العصر كالإنجليزية والصينية وغيرها، وما منع الإسلام بل وجه ونصح بتعلم لغة الأعداء واللغات الدخيلة على المجتمع ولكن ليس على حساب لغة أهل الجنة . كيف نسيء للغتنا الأم واللغة هي عنصر من عناصر نهضة الأمة وبقائها وخصائصها بها تخلد الأمم وبها يكتب التاريخ العربي . كيف يمكن لنا أن نهدم عنصر من عناصر بقاء أمتنا؟ كيف سيكتب أبناؤنا تاريخ الأمة، بأي لغة سيؤرخون التاريخ . وعلى أي وجه حق يتركون اللغة العربية مهمشة في ظل العولمة والتطور . أجد أننا نعيق أنفسنا، ونسيء إلى لغتنا، ونهدم قوة فعالة في تطور مجتمعنا بأن نهمش اللغة العربية ونسيء استعمال مفرداتها ولا يفطن أبناء هذا الجيل إلى جمال لغة أهل الجنة وحلو معانيها المرهفة . وإذا نظرنا إلى ما يفعل أصحاب اللغات الأخرى لخدمة لغاتهم فإننا نجد أنفسنا مقصرين كثيراً . فالإنجليز مثلاً يفعلون العجب في تعميم لغتهم، ويبتكرون الحيل الطريفة لتحبيبها إلى النفوس حتى أصبحت الإنجليزية لغة العالم، ولغة العلم معاً .

وقد حفظ لنا تاريخنا جهود رواد بذلوا ما بوسعهم لخدمة هذه اللغة . فمثلاً لما تولى سعد زغلول وزارة المعارف في مصر كان التعليم في المراحل الأولى باللغة الإنجليزية، كان كتاب الحساب المقرر على الصف الابتدائي تأليف “مستر تويدي” وكذلك سائر العلوم، فألغى سعد هذا كله، وأمر أن تدرس المقررات كلها باللغة العربية، وأن توضع مؤلفات جديدة باللغة القومية . وبذلك المسلك الناضج حفظ على مصر عروبتها . وهذا الصنيع دفع أحد المفكرين المصريين إلى القول: “إن سعداً أحسن إلى جيلنا كله بجعلنا عرباً” فكم سعداً نحتاج إليه حتى نحافظ على لغتنا الأم؟

ليلى الظاهري - طالبة جامعية