وقوله :
} وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ {
تأكيد للأمر بالصبر، وإخبار بأن ذلك إنما ينال بمشيئةالله وإعانته ،
وحوله وقوته .
ثم قال تعالى :
} وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ {
أي : على من خالفك ، لا تحزن عليهم ؛ فإن الله قدر ذلك ،
} وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ { أي : غم
} مِمَّا يَمْكُرُونَ {أي : مما يجهدون [ أنفسهم ] في عداوتك
وإيصال الشر إليك ، فإن الله كافيك وناصرك ، ومؤيدك ،
ومظهرك ومظفرك بهم .
وقوله :
} إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ {
أي : معهم بتأييده ونصره ومعونته وهذه معية خاصة ،
كقوله :
} إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا {
[ الأنفال : 12 ]
وقوله لموسى وهارون :
} لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى {
[ طه : 46]
وقول النبي صلى الله عليه وسلم للصديق وهما في الغار :
} لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا {
[ التوبة : 40 ]
وأما المعية العامة فبالسمع والبصر والعلم ،
كقوله تعالى :
} وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {
[ الحديد : 4 ]
وكقوله تعالى :
} أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ
وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا {
[ المجادلة : 7 ]
وكما قال تعالى :
} وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍإِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا
إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ
وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ {
[ يونس : 61 ]
ومعنى :
} الَّذِينَ اتَّقَوْا{ أي : تركوا المحرمات ،
} وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ { أي : فعلوا الطاعات ،
فهؤلاء الله يحفظهم ويكلؤهم ، وينصرهم ويؤيدهم،
ويظفرهم على أعدائهم ومخالفيهم .
-----------
للفايدة