رد: (( ذكريات وطرائف وأساطير من الذاكرة الشعبية في الإمارات ))
الفيمتو
هكذا كان حالنا في الإمارات عندما بدأنا التعامل مع الأشياء لأول مرة ، وهذه حكاية طريفة بل وحقيقة لبدايات تعاملنا مع الأشياء هنا في الإمارات ، حكايتنا تدور حول الاكتشاف الأول للمشروب الشعبي جدا في الإمارات وخاصة في شهر رمضان وهو مشروب الــ ( فيمتو ) ، والفيمتو يكاد يكون الشراب الأول على موائد رمضان ، وفي يوم من الأيام كان تقديم هذا الشراب مدعاة للفخر .
حدثتنا إحدى الجدات قائلة إنني أتذكر أن أحد أبنائي كان عائدا من عمله في المحطة ، محطة الأريف وهي قاعدة القوات الجوية الملكية البريطانية إبان الإحتلال ( r a f ) وكان قد جلب لي معه ( غرشة شربت ) أي زجاجة عصير وكان لون ذلك العصير مثل الدم ، هكذا قالت ، وقد كنت أسمع عن العصير فقط ولم أره في حياتي ، فنحن كما تعلمون لم نكن نتعامل إلا مع الشاي والقهوة ، ولكنني وجدتها فرصة أن أقدم هذا المشروب المستورد الجديد لأول زائر كي يذاع بين الناس بأن فلانة تقدم لضيوفها شرابا جديدا لا يملكه سواها ، وبالفعل زارني في عصر ذلك اليوم مجموعة من النسوة وتصادف بأن فيهن بعض ممن اشتهرن ( بالفشر والخقة ) أي التباهي ، فقمت من فوري لأحضر الشراب الجديد ، فسكبت محتويات الزجاجة كلها في دلة القهوة الفارغة دون أن أضيف أي شيء آخر مع ( الفيمتو ) وأغلقت الدلة جيدا وحضرت الفناجين الكبيرة وأخذت أقوم بواجب الضيافة وأدور عليهن بالفناجين المملوءة بالفيمتو ، ولكنني لاحظت بأن عيونهن تكاد تخرج من محاجرها من شدة الاحمرار ، وأصواتهن تكاد تنطمس في الحناجر من شدة الحرقان الذي أصابهن بعد شراب الفيمتو .
وانتهت الزيارة ومرت الأيام وشاع استعمال هذا الشراب في البلاد وخاصة في شهر رمضان والأعياد والأفراح ولكنني اكتشفت وبعد مضي سنيين سبب جحوظ أعين زائراتي واختناقهن ، فقد علمت مؤخرا بأن ذلك ( الشربت ) يوضع قليل منه في وعاء زجاجي أو بلاستيكي كبير مع كثير من الماء وبعض السكر حتى يكون جاهزا للشرب ، أما الطريقة التي أعددتها فقد كانت الطريقة الانتحارية البحتة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|