ثم إنه أصبح لا يرد لي طلباً ..
بل والله إني لا أذكر له رغباتي إلا إذا كانت ضرورية خشية أن يكون تبذيراً أو يسخر منه أبناءه ..
تولى بخله إلى غير رجعة ..
أشعر أني إذا تكدرت أو غضبت على أولادي يجحف بهم انتصارا لي ..
مما يدفعني أن أظهر البشر دائماً .. ليأنس ..
بالمختصر المفيد عاشق بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ..
ومع ذلك هي أعظم معين له على دينه والدعوة إليه..
أتدرون بعد كم حصل هذا..؟
بعد أكثر من عشر سنين .. من الجفاف والتصحر ..
الآن لهما أكثر من عشرين سنة زواج ..
وكأنهما في سنتهما الأولى ..
والله أني أشعر حين أراهما بالغبطة ..
وأقول لئن كانت الزوجية هكذا فهي جنة الدنيا ...
لكن الحق يقال إنها تستحق ذلك ..
فمع كونها لديها ثمانية أبناء وقد قاربت الأربعين..
إلا أنها تبدو لمن يراها وكأنها في العشرينات من عمرها ..
لاهتمامها بنفسها وهندامها ..
وفوق ذلك علم وخلق ودعوة ..
فبلغها الرحمن سعادة الدارين ..
وحشرها مع المتقين ..
وألبسها حلل السندس والإستبرق وجعلها على الأرائك من المتكئين..
وأصلح لها بنيها وبناتها وأقر عينها بهم ..
وجعلهم من الشهداء يا رب العالمين..
ووالديها ومن تحب يا رب العالمين..
حين نذكر الحب بين الزوجين فنحن نعني حب الأنس والإخلاص والتضحية والرحمة والاحتواء والرفق..
وليس الحب الذي الأناني الذي يسعى فيه الحبيب لتملك حبيبه..
فالحب لا يعني التملك والعبودية وإلا لكان حب ذلة ومهانة ..
مما ألقي في روعي نتيجة النشأة الأسرية أن المرأة غالباً لا تحصل عليه( الحب) حتى تحتوي الرجل تماماً وتملأ قلبه..
وبالذات في مجتمعاتنا المحافظة..
نصائح :
أولاً ـ الزوج ـ
1-تذكر أنك أولى من المرأة وأعظم قدرة على العطاء.
2-أنك ملكت زمام مخلوق لطيف تؤثر فيه الكلمة الرقيقة واللمسة الحانية والابتسامة العذبة .أعظم من تأثير نقيضها..
3-تذكر أن الأنثى عندنا معشر أبناء الصحراء تعيش غالباً حرماناً عاطفياً ..
بسبب العادات الاجتماعية والتربية الأسرية..وأنها تحلم بأن تجد كلما حرمت منه عند من ستشاركه حياته وهمه وفرحه ...
فلا تكن سبباً في تعاستها وإحباطها..
4-لا يغب عنك وصفها بالقارورة من الرسول صلى الله عليه وسلم..
فلها منها الرقة والصفاء العاطفي والبريق وسهولة الكسر..
5-أغمرها بعطف الأب وحنان الأخ وتذلل الابن .. فسوف تملك زمام قلبها..
6-أشعرها بأنها أعظم كنز ملكته ..فالأنثى يسبيها الثناء..
7-أمتدحها وأثن على ما تقوم به من أعمال ..لتشعرها بقيمتها ..
8-أبذل ما تستطيع لرسم الابتسامة على محياها .. طالباً المثوبة من الله عز وجل..
ثانياً_ للزوجة :
1-تذكري أن الحب الصادق يعني العطاء بغير حدود وعدم تملك الحبيب .. ومحبة من يحب ..فأحبيه وكل ما يحب..
ولا تجعلي الغيرة تفسد ذلك الحب وبالذات من أمه وأهله.. فحبه لك ليس كحبه لأمه...
2-ليكن هدفك من رضاه وراحته ..رضى الرحمن عنك وحبه لكِ فأنت تتقربين له بطاعتكِ لزوجكِ ..
( ما تقرب الي عبدي بأحب مما افترضته عليه..) حديث قدسي ..( طاعتك لزوجكِ فريضة )..
3-تذكري أن السعادة والحب فعل انعكاسي ..
( بقدر ما تسعدين من حولكِ تنعكس سعادتهم عليكِ فتشعرين بسعادة غامرة..)
4-حتى يكون حبك صادقاً لا بد من التضحية من أجل ذلك الحب .. وقد تختلف التضحيات ودرجاتها ..
فضحي من أجله بأي شيء مهما غلا لتثبتي له حبك ..
ألم تري أن التي تحب محبة شيطانية تضحي بشرفها وسمعة أهلها من أجل ذلك الحب البائس الخسيس ..
أوليس حبك زوجك أغلى وأعلى..
مــــع الأبنـــاء...
في مملكة صغيرة ترفرف عليها طيور السعد ..وتشقشق فيها عصافير الحب .. ويسودها جو الأنس والوئام..
يولد الطفل الصغير بين حبيبين ..ازداد حبهما بمولده ..وقويت الرابطة بينهما بسببه..
جمع الاثنين في واحد .. يريان نفسيهما في سنحات وجهه .. وعذب ضحكته .. فيغمرانه بما يغمرهما من حب ومودة..
يرضع لبانها منهما .. وتنمو مع الأيام مترافقة مع نموه ..
يريان فيه منة عظيمة من الله عليهما .. وعمراً جديداً لهما وهبا إياه بمولده . .
ومسؤولية ألقيت على عاتقهما..وامتحانا لما يحملانه من قيم ومفاهيم .. بل وتجديداً لروتين حياتهما السابقة..
فينمو وهو يسبح في ينبوع من السعادة ..والحب..
مترافق مع شكر لمن وهبهما هذه النسمة المؤمنة ..
ليغرساها في تربة صالحة .. لتنمو على سوقها .. وتزداد رسوخاً وثباتاً .. بما يسقيانها من ماء الشرع .. وعناية الأخلاق والآداب ..
فتصبح مع الأيام ثابتة راسخة الأصل.. وفروعها سامقة في السماء.
فكيف ياترى يتم ذلك..؟
وهل للحب دور مهم في تربية الأبناء..
هناك قواعد كثيرة حددها الوحي قد ننتبه إليها وقد لا ننتبه ...
فنحن نعلم أن الناس جميعاً لديهم جملة من الحاجات العضوية كالحاجة إلى الطعام و الشراب و النوم و الراحة و الحاجة الجنسية،،
ولهم أيضاً جملة من الحاجات النفسية : منها .. الحاجة إلى الحب .
وكِلا النوعين من الحاجات لابد من إشباعها حتى يشعر الفرد منا بالتوازن ..
ذلك أن عدم إشباعها يجعلنا نحس بفقدان التوازن أو اختلالها .
ولكن مع فرق واضح بين الحاجتين..
فعدم إشباع معظم الحاجات العضوية يؤدي إلى الموت ..
في حين إن عدم إشباع الحاجات النفسية لا يؤدي إلى الموت ولكنه يترك أثراً خطيراً على الشخصية ..
يبدو هذا الأثر في سلوك الفرد ومقدار سعادته ، كما يبدو أثناء تعامله مع غيره ..
يقول الدكتور ميسرة في محاضرة له بعنوان التربية بالحب ..
وسائل التربية بالحب أو لغة الحب أو أبجديات الحب هي ثمانية ...
1- كلمة الحب 2- نظرة الحب 3- لقمة الحب
4- لمسة الحب 5- دثار الحب 6- ضمة الحب
7- قبلة الحب 8- بسمة الحب
الأولى : كلمة الحب .
كم كلمة حب نقولها لأبنائنا ( في دراسة تقول أن الفرد إلى أن يصل إلى عمر المراهقة يكون قد سمع مالا يقل عن ستة عشر ألف كلمة سيئة ولكنه لا يسمع إلاّ بضع مئات من الكلمات الحسنة ) .
إن الصور التي يرسمها الطفل في ذهنه عن نفسه هي أحد نتائج الكلام الذي يسمعه ..
وكأن الكلمة هي ريشة رسّام إمّا أن يرسمها بالأسود أو يرسمها بألوان جميلة ..فالكلمات التي نريد أن نقولها لأطفالنا إمّا أن تكون خيّرة وإلاّ فلا .
بعض الآباء يكون كلامه لأبنائه ( حط من القيمة ، تشنيع ، استهزاء بخلقة الله )ونتج عن هذا لدى الأبناء [ انطواء ، عدولنية ، مخاوف ، عدم ثقة بالنفس .
الثانية : نظرة الحب .
اجعل عينيك في عين طفلك مع ابتسامة خفيفة وتمتم بصوت غير مسموع بكلمة ( أحبك يا فلان ) 3 أو 5 أو 10 مرات ،
فإذا وجدت استهجان واستغراب من ابنك وقال ماذا تفعل يا أبي فليكن جوابك { اشتقت لك يا فلان }
فالنظرة بهذه الطريقة لها أثر ونتائج غير عادية ...
الثالثة : لقمة الحب .
لا تتم هذه الوسيلة إلاّ والأسرة مجتمعون على سفرة واحدة [ نصيحة ..
على الأسرة ألاّ يضعوا وجبات الطعام في غرفة التلفاز ]
حتى يحصل بين أفراد الأسرة نوع من التفاعل وتبادل وجهات النظر .
وأثناء تناول الطعام ليحرص الآباء على وضع بعض اللقيمات في أفواه أطفالهم ..
[ مع ملاحظة أن المراهقين ومن هم في سن الخامس والسادس الابتدائي فما فوق سيشعرون أن هذا الأمر غير مقبول]
فإذا أبى الابن أن تضع اللقمة في فمه فلتضعها في ملعقته أو في صحنه أمامه ..
وينبغي أن يضعها وينظر إليه نظرة حب مع ابتسامة وكلمة جميلة وصوت منخفض (ولدي والله اشتهي أن أضع لك هذه اللقمة ، هذا عربون حب يا حبيبي) بعد هذا سيقبلها ..
وقد ورد هذا في هدي النبي صلى الله عليه وسلم : مع أزواجه رضي الله عنهن .. ومع أبناء بناته ..
بل ولأعجب أخذه العرق من يد عائشة رضي الله عنها .
وسؤالها من أين أكلت منه ثم وضعه فمه الشريف في موضع فمها مما يشعرها بعظم بحبه لها..
وقوله : (واللقمة تضعها في في امرأتك لك صدقة..)
وكذلك وضعها في فم والدتك.. وهكذا...
الرابعة : لمسة الحب .
يقول د. ميسرة : أنصح الآباء و الأمهات أن يكثروا من قضايا اللمس . .. ليس من الحكمة إذا أتى الأب ليحدث ابنه أن يكون وهو على كرسيين متقابلين ، يُفضل أن يكون بجانبه وأن تكون يد الأب
على كتف ابنه (اليد اليمنى على الكتف الأيمن) .
ثم ذكر الدكتور طريقة استقبال النبي لمحدثه فيقول :
{ كان النبي صلى الله عليه وسلم يلصق ركبتيه بركبة محدثه وكان يضع يديه على فخذيْ محدثه ويقبل عليه بكله } .
وقد ثبت الآن أن مجرد اللمس يجعل الإحساس بالود وبدفء العلاقة يرتفع إلى أعلى الدرجات ..
فإذا أردتُ أن أحدث ابني أو أنصحه فلا نجلس في مكانين متباعدين ..
لأنه إذا جلستُ في مكان بعيد عنه فإني سأضطر لرفع صوتي [ ورفعة الصوت ستنفره مني ]
وأربتُ على المنطقة التي فوق الركبة مباشرة إذا كان الولد ذكراً أمّا إذا كانت أنثى فأربتُ على كتفها ..
وأمسك يدها بحنان .
ويضع الأب رأس ابنه على كتفه ليحس بالقرب و الأمن والرحمة ،ويقول الأب أنا معك أنا سأغفر لك ما أخطأتَ فيه.
الخامسة : دثار الحب .
ليفعل هذا الأب أو الأم كل ليلة ... إذا نام الابن فتعال إليه أيها الأب وقبله وسيحس هو بك بسبب لحيتك التي داعبت وجهه فإذا فتح عين وأبقى الأخرى مغمضة وقال مثلاً : ( أنت جيت يا بابا ) ؟؟
فقل له ( إيه جيت ياحبيبي ) وغطيه بلحافه .
في هذا المشهد سيكون الابن في مرحلة اللاوعي أي بين اليقظة والمنام .. وسيترسخ هذا المشهد في عقله وعندما يصحو من الغد سيتذكر أن أباه أتاه بالأمس وفعل وفعل .
بهذا الفعل ستقرب المسافة بين الآباء و الأبناء .. يجب أن نكون قريبين منهم بأجسادنا وقلوبنا .
-------------
للفايدة