مــــــــاء مــــــن نــــــــور
سألني صاحبي وهو يحاورني : كيــفَ تتوضأ ؟
قلتُ ببرودٍ : كما يتوضأ الناسُ ..!!فأخذته موجةٌ من الضحكِ حتى اغرورقتْ عيناهُ بالدموعِ
ثمَ قالَ مبتسماً :وكيفَ يتوضأُ الناسُ ..؟!ابتسمتُ ابتسامةً باهتةً وقلتُ : كما تتوضأُ أنتَ.. …
!قالَ في نبرةٍ جادةٍ :
أما هذه فلا .. لأني أحسبُ أن وضوئيَ على شاكلةٍ أخرى
غير شاكلةِ ( أكثر ) الناس ..
قلتُ على الفور : فصلاتكَ باطلةٌ يا حبيبي .. !!فعاد إلى ضحكهِ ، ولم أشاركهُ هذه المرة حتى الابتسام ..ثم سكت وقال : يبدو أنك ذهبتَ بعيداً بعيدا ..إنا أعني ، أنني أتوضأ وأنا في حالة روحية شفافة _ علمني إياها شيخي _
فأجدُ للوضوءِ متعةً ، ومع المتعةِ حلاوةٌ ، وفي الحلاوةِ جمالٌ ،
وخلال الجمالِ سموٌ ورفعةٌ ومعانٍ كثيرة لا أستطيع التعبير عنها ..!!وارتسمت علامات استفهام كثيرة على وجهي
,, فلم يمهلني حتى أسأل وواصل :أسوق بين يديك حديثاً شريفاً فتأمل كلمات النبوة الراقية السامية جيداً :- يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا توضأ العبد المسلم ( أو المؤمن ) فغسل وجهه ، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء ( أو مع آخر قطر الماء ) فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء ( أو مع آخر قطر الماء ) فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء ( أو مع آخر قطر الماء ) حتى يخرج نقيا من الذنوب . .."صحيح
-- وسكت صاحبي لحظات وأخذَ يسحبُ نفساً من الهواء العليل
منتشيا بما كان يذكره من كلمات النبوة .. ثم حدق في وجهي وقال :لو أنك تأملت هذا الحديث جيداً ،
فإنك ستجد للوضوء حلاوة ومتعة وأنت تستشعر أن هذا الماء
الذي تغسل به أعضاءك ، ليس سوى نور تغسل به قلبك في الحقيقة !!
قلت : ......قلت :ياااااه !! كيف فاتني هذا المعنى ..!؟والله أنني أتوضأ منذ سنوات طويلة غير أني لم أستشعر هذا المعنى
.. إنما هي أعضاء أغسلها بالماء ثم أنصرف ،
ولم أخرج من لحظات الوضوء بشيء من هذه المعاني الراقية …!- قال صاحبي وقد تهلل وجهه بالنور ..:وعلى هذا حين تجمع قلبك وأنت في لحظات الوضوء ،
تجد أنك تشحن هذا القلب بمعانٍ سماوية كثيرة ،
تصقل بها قلبك عجيباً ، وكل ذلك ليس سوى تهيئة للصلاة ..!!المهم أن عليك أن تجمع قلبك أثناء عملية الوضوء وأنت تغسل أعضاءك .. قلت : هذا إذن مدعاة لي للوضوء مع كل صلاة ..
أجدد الوضوء حتى لو كنت على وضوء ..نور على نور ..
ومعانٍ تتولد من معانٍٍ ..!!-
قال وهو يبتسم :
بل هذا مدعاة لك أن تتوضأ كلما خرجت من بيتك
لتواجه الحياة وأحداثها
بقلب مملوء بهذه المعاني السماوية !!-
قلت وأنا أشعر أن قلبي أصبح يرف ويشف ويسمو:أتعرف يا صاحبي ..أنك بهذه الكلمات
تكون قد رسمت لي طريقا جديداً في الحياة ،
ما كان يخطر لي على بال ، وفتحت أمام عيني آفاقاً رائعة
كانت محجوبة أمام بصري .. فجزاك الله عني خير الجزاء .- منذ ذلك اليوم .. كلما هممت أن أتوضأ
سرعان ما أستحضر كلمات صاحبي ،
فأجدني في حالة روحية رائعة وأنا أغسل أعضائي بالنور لا بالماء ..!!يا لله كم من سنوات ضاعت من حياتي ،
وأنا بعيد عن هذه المعاني السماوية الخالصة ..
يا حسرة على العباد …!!لو وجد الناس دفقة من هذه المعاني السماوية تنصب في قلوبهم ،
لوجدوا أنسا ومتعة وجمالا وصقلا واضحا لقلوبهم
أثناء عملية غسل أعضائهم بهذا النور الخالص . اللهم جاز عني صاحبي خير ما جازيت داعية عن جموع من دعاهم إليك
---------
للفايدة