عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-2013, 07:06 AM   #3878
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

فتنَهَّد صفوان بن أمية وقال:

واللهِ ليس في العيش خير بعدهم، ما هذه الحياة؟

فقال عمير :

صدقت واللهِ

ثم سكت عميرقليلاً، وقال:

وربِّ الكعبة لولا ديون عليّ ليس عندي ما أقضيها، ولولا عيال أخشى

عليهم الضياع من بعدي، لمضيتُ إلى محمد وقتلتُه، وحسمت أمره،

وكففتُ شرَّه، وأرحتُكم منه

ثم أَتْبَعَ يقول بصوت خافت:

وإن وجود ابني وهب لديهم ما يجعل ذهابي إلى يثرب أمراً لا يثير الشبهات

قال تعالى:

{ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ

وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ{

( سورة الزمر الآية: 36 )

اغتنم صفوان بن أمية كلام عمير بن وهب، -ولم يشأ أن يفوِّت هذه الفرصة

فالكافر أحيانًا يكون ذكيًّا، وليس الذكاء قيمة مطلقة، الذكاء نعمة

إذا وظفته في الحق، وبلاء كبير إذا وظفته في الباطل، الذكاء شأنه كشأن

أيٍّ مِن حظوظ الدنيا، سُلَّمٌ ترقى به إلى أعلى عليين، أو دركات تهوي بها

إلى أسفل سافلين، هؤلاء الذين اخترعوا هذه الأسلحة الفتاكة،

مرة يقولون لك: القنبلة الذكية، ومرة يقولون: قنبلة عنقودية،

صواريخ موجّهة بأشعة الليزر، هذا الصاروخ ركب على أشعة الليزر،

ودخل في مدخنة المصنع، والقنبلة تُسَيَّر من قبل الطيّار على شاشة أمامه

هؤلاء الذين اخترعوا هذه الأسلحة الفتاكة أهم جهلاء؟ لا والله،

إنهم أذكياء، هذا الذي أمر بإلقاء قنبلة على هيروشيما فأفنت ثمانمئة ألف

في ثلاث ثوانٍ أهو إنسان غبيّ؟ لا واللهِ، ذكي، فهل للذكاء حينئذٍ قيمة مطلقة؟

لا والله، قيمة متعلقة بتوظيفه، فإذا وظفت الذكاء في معرفة الله،

وفي الدعوة إليه، وفي العمل الصالح فهذا الذكاء نعمة من الله

أما إذا وظفته في شيء آخر فهو نقمة، ولحكمة أرادها الله لا ندري

أبعادَها أكثرُ الحيوانات التي تشمئزون منها، والتي إذا ذكر اسمُها،

أو رآها الإنسان يكاد يخرج من جلده، هذه الحيوانات تتمتع بأعلى قدر

من الذكاء من بين الحيوانات ، ومع ذلك لا يحمَّل الإنسان رؤيتها،

لماذا فعل الله ذلك؟ لبيان أنّ الذكاء وحده لا يكفي

قال الشاعر:

جمال الوجه مع قبح النفوس
كقنديـل علـى قبـر المـجـوسِ

لذلك كلّ المجرمين في العالم الغربي يتمتعون بأعلى درجة من الذكاء،

ويستخدمون الذكاء لسلب أموال الناس، ولقتلهم، وابتزاز ما عندهم،

لذلك إذا آتى اللَّهُ عبدًا ذكاء فلا ينبغي أن يعدّه نعمة إلا إذا وظفه

في الحق، أما إذا وظّفه في الباطل فهو نقمة ما بعدها نقمة،

ويزداد وقوعًا في النار بسبب ذكائه

قال تعالى:

{ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ *

ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ *

إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ *

لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَر َ}

( سورة المدثر الآية: 18-30 )

كان صفوان ذكيًّا، ووجدها فرصة لا تعوض، ومناسبة لا تفوت-

فقال له:

يا عمير اجعل دَيْنَك كلَّه عليَّ، بالغاً ما بلغ، فأنا أقضيه عنك،

هذه أول مشكلة حللناها، وسأضمُّ عيالك إلى عيالي ما امتدت بي الحياة،

أولادك أولادي، وإنّ في مالي من الكثرة ما يسعهم جميعاً، ويكفل لهم العيش الرغيد

ثم قال لعمير:

فامضِ لما أردتَ، وأنا معك، اذهب واقتله، وأرِحْنا منه

فقال عمير:

إذاً: اكتمْ حديثنا هذا، ولا تطلع عليه أحداً

قال صفوان:

لك ذلك,

إنّه حديث تمَّ بين اثنين، ولا يعلم أحد فحواه إذا أرادوا أن يعقدوا اجتماعًا،

ولا يتسرب خبرُه أبداً يقعدون في الصحراء تحت خيمة

فالمفروض أنّ هذا الاجتماع لا يتسرب منه شيء أبداً .

إليكم قصة إسلام عمير بن وهب :

أيها الأخوة

قام عمير من المسجد، ونيران الحقد تتأجّج في فؤاده على محمد صلى الله عليه وسلم

وطفِق يعُدُّ العدة لإنفاذ ما عزم عليه، فما كان يخشى ارتيابَ أحد

في سفره فابنُه أسيرٌ لدى المسلمين بالمدينة, وهو ذاهب ليفكَّ أسْرَه،

أَمَرَ عميرُ بن وهب بسيفه فشحذ، وسقي سمًّا، ودعا براحلته فأعدت،

وقدمت له فامتطى متنها، ويمّم وجهه شطر المدينة و ملء ردائه الضغينةُ والشرُّ .

بلغ عمير المدينة، ومضى نحو المسجد يريد النبي عليه الصلاة والسلام،

فلما غدا قريباً من بابه أناخ راحلته، ونزل عنها, وبدأت العقدة,

وصل عمير إلى المدينة ليفُكَّ أسر ابنه، فالأمر مُغطًّى بحُجة واضحة .

كان سيدنا عمر بن الخطاب عملاقُ الإسلام، وأحد أركان هذا الدين جالساً

مع بعض الصحابة قريباً من باب المسجد، يتذاكرون بدراً، وما خلفته

وراءها من أسرى قريش وقتلاهم، و يستعيدون صور البطولة التي قدّمها

المسلمون من المهاجرين والأنصار، ويذكرون ما أكرمهم الله به من النصر

وما أراهم في عدوهم من النكاية والخذلان, فحانت منه الْتِفاتَةٌ فرأى

عمير بن وهب ألدَّ أعداء رسول الله ينزل عن راحلته، ويمضي نحو

المسجد متوشحاً سيفه، فَهَبَّ عمر مذعوراً،

وقال:

هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب, واللهِ ما جاء إلا لشر

فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

( اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ )

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ {

[أخرجه الترمذي في سننه عن أبي سعيد الخدري]

إنّ المؤمنَ مسدَّدٌ رشيد, ولقد أَلَّبَ المشركين علينا في مكة، وكان عينًا

علينا قبيل بدر

ثم قال لجلسائه:

امضوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وكونوا حوله،

واحذروا أن يغدر به هذا الخبيث الماكر .

وفي رواية أخرى أنه انطلق إليه، وقال له:

ما الذي جاء بك إلينا؟ ولِمَ هذا السيف على عاتقك؟

ثم قيّده في حمالته، وساقه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، دخل

سيدنا عمر وعمير بن وهب على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام،

وقال عمر:

يا رسول الله, هذا عدو الله عمير بن وهب، قد جاء متوشحاً سيفه،

وما أظنه إلا يريد شراً

فقال عليه الصلاة والسلام:

( أدخِلْه عليّ )

فأقبل الفاروق على عمير، وأخذ بتلابيبه، وطوّق عنقه بحمّالة سيفه،

ومضى به نحو النبي عليه الصلاة والسلام، والنبي رقيق، نور يشعّ،

إنه نفس إنسانية تفيض رحمة، والإنسان يمتحن، فأن ترحم مَن تحب

هذا أمرٌ طبيعي جداً، وأهل الدنيا الكفار يرحمون مَن حولهم، مَن يلوذ بهم،

ولكن عظمة الإيمان أن المؤمن يحب الناس جميعاً، فيرحم أعداءه قبل خصومه

فقال عليه الصلاة والسلام:

( يا عمر, أطلقه وفكَّ عنه هذا القيد )

فأطْلَقه, ثم قال:

( يا عمر استأخر عنه, فتأخر عنه )

ثم توجّه النبي عليه الصلاة و السلام إلى عمير بن وهب،

وقال:

( ادنُ يا عمير )

فدنا

وقال:

أَنْعِمْ صباحاً يا محمد

وهذه تحية العرب في الجاهلية

فقال عليه الصلاة و السلام:

( يا عمير, لقد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك هذه

لقد أكرمنا الله بالسلام، وهي تحية أهل الجنة )

فقال عمير بفظاظة ما بعدها فظاظة وغلظة ما بعدها غلظة:

واللهِ ما أنت ببعيد عن تحيتنا، وإنك بها لحديث عهد .
-------
يتبــــــــع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس