عرض مشاركة واحدة
قديم 16-09-2013, 09:07 PM   #3945
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

البركة بين مؤمن و مشكك
اعتدت أن أجالس الآباء والأجداد وأسامرهم وأنادمهم وأبحر في أعماقهم وأقلب معهم صفحات من الذكريات الجميلة التي طالما استلهمت منها دروساً جميلة وعبراً كثيرة وأكاد أجزم أن واحدة من القضايا المشتركة التي يتكرر تناولها من لدن من جالستهم من ذلك الجيل العصامي تكمن في الحديث عن نقص
البركة خصوصاً في الأموال والأوقات والطعام والشراب.
ما أكثر ما سمعت الشكوى من فقدان
البركة في كميات الماء الكبيرة المستهلكة بصفة يومية مقارنة بزمن كانت تفي فيه قربة واحدة أو بضع قرب معدودة بحاجة منزل واحد من الاستهلاك اليومي للماء الشامل للطهي والغسيل و الوضوء والاستحمام وسقي الحديقة المنزلية الصغيرة بالفائض في نهاية المطاف .
طالما تحدثوا عن المفارقة الكبرى في الدخول المادية المتواضعة لدى معظم الأسر آنذاك والتي كانت كافية للإنفاق على أسر ممتدة لم تسمع بمصطلح الانفجار السكاني ولم تصلها أصوات المنادين بتنظيم النسل ولم تتاح لها برامج التمويل وقروض التورق ومع ذلك تمكنت من توظيف دخلها المحدود جداً لتأمين الحياة الكريمة والمسكن المناسب حسب المتاح في وقته وفي المقابل كثرت الدخول والموارد المالية لعدد من أفراد الأسرة الواحدة ولا تكاد تجد أسرة إلا وتعاني من تراكم الديون وكثرة الأقساط مع العجز عن تحقيق الطموحات .
أما عن ذهاب
البركة في الأوقات والأعمار دون فائدة ولا نتاج فحدث ولا حرج فكم هي المهام التي كانت تنجز بنجاح في يوم كالأيام التي نعيشها الآن بينما أصبحنا حالياً لا ننجز فيها إلا مهمة واحدة أو مهمتين على الأكثر
ولا تسأل عن بركة الوقت بين الظهر والعصر وما كان يمكن أن يجدول من مهام خلال هذه الفترة من عمل ثم غداء وقيلولة واستيقاظ قبيل صلاة العصر في غاية النشاط والحيوية وفي المقابل ما أكثر ما نسمع من أغلب الناس كلمة ( مشغول ) بصفة شبه دائمة و لا نتيجة ملموسة ولا حقيقة محسوسة تعد مخرجاً نافعاً لهذا الشغل المفتعل الذي لا يعدو عن كونه شكلاً من أشكال انتزاع البركة.
سمعتهم يتساءلون عن السر في مائدة غداء عبارة عن طبق من الأرز تتصدره دجاجة واحدة تجتمع عليها أسرة كاملة يقومون كلهم وقد شبعوا شاكرين حامدين بينما قد لا تكفي الدجاجة نفسها لشابين يتناولان وجبة الغداء في أحد المطاعم العادية .
شخصياً لست متشائماً جداً لكني في الوقت الذي أؤمن فيه بتأثير
البركة في الأعمار والأشخاص والأوقات والبلدان والأموال كما هو ثابت بصريح النصوص الصحيحة والوقائع الثابتة والتجارب الملموسة إلا أني أتفق كثيراً وليس مطلقاً مع الذي يتحدثون عن قلة البركة وفقدانها في أحايين كثيرة. مما استفدته من تلك المجالسات الماتعة هذه القصة الطريفة المترعة بالحكمة والدهاء والطرافة والتي تأتي في نفس سياق الموضوع والتي أسوقها إليكم بتصرف يسير.
ذات مساء جاء الحديث عن هذا الموضوع المعتاد وما لبث أن تحول الحديث إلى مناظرة طرفها الأول ثمانيني مخضرم عاش زمني
البركة الموجود والمفقود وطرفها الآخر شاب حاصل على مؤهل عال في علوم الاقتصاد وما يتصل بها من الإدارة و المحاسبة من بلد متقدم لم يسلم المعين الذي نهل منه من دخن ولوثة في ظل البعد عن الله.
تحدث الثمانيني المخضرم عن فقدان
البركة واستطرد واستشهد وتألم وتأسف وندب حظه على ذهاب زمنها الجميل فعارضه الشاب بحجة أنه درس وتعلم في أرقى الجامعات وحصل على أعلى المؤهلات ولم يجد فيما درسه شيئاً عن البركة الوهم الذي نعيشه حسب رؤيته أو كما يصفها بالشماعة التي نعلق عليها فشلنا في إدارة الأوقات والأموال فلم يتعلم في دراساته وحساباته الاقتصادية والمالية سوى الإيرادات والمصروفات والفائض والعجز وغير ذلك من المصطلحات والمفاهيم كـ ( التضخم ) و ( القوة الشرائية ) و ( الذكاء المالي ) و ( إدارة الدخل ) و ( الادخار ) و ( الناتج القومي ) ونفى أي وجود للبركة المزعومة كحد حسابي في أية معادلة أو علاقة رياضية ذات معنى ودلالة اقتصادية وبهذا توقع أنه نسف قناعات الثمانيني المتوهم كما يظن.
أمضى الثمانيني وقتاً طويلاً من النقاش والمناظرة لم يصل خلالها لنقاط التقاء مع الطرف الآخر بعدها استوقف الثمانيني الشاب وطلبه أن يجيب عن بضعة أسئلة بأجوبة محددة فقط فوافق الشاب وبدأت الأسئلة على النحو التالي :
سأل الثمانيني : كم تنجب أنثى الضأن من المواليد غالباً.
أجاب الشاب : واحد أو أثنين على الأكثر.
سأل الثمانيني: كم تنجب أنثى الكلب من المواليد غالباً.
أجاب الشاب : ستة أو سبعة على الأقل.
سأل الثمانيني: منطقياً ورياضياً أيهما نتوقع أن يكون الأكثر عدد الكلاب أم عدد الضأن.
أجاب الشاب : عدد الكلاب طبعاً طبقاً للمعادلات والحسابات.
سأل الثمانيني: إذا سافرت براً ومررت عبر الصحاري والأرياف أيهما ترى قطعان الضأن أم الكلاب.
أجاب الشاب : قطعان الضأن طبعاً.
سأل الثمانيني: بالرغم من قلة عدد مواليد الضأن مقارنة بالكلاب ومع اعتماد الناس في غذائهم على لحوم الضأن واستهلاكهم الدائم للحومها بصفة مستمرة خاصة في مواسم الولائم والأضاحي وغيرها فما بالها تظل الأكثر والأظهر وأخبرني أين ذهبت قطعان الكلاب الكثيرة التي لا نراها إلا نادراً وبأعداد فردية.
عندها بهت الشاب وأخفق عن الجواب وأسقط في يده واكتفى الثمانيني بالتعليق بقوله ( إنها
البركة التي أعني وجدت في الحلال وفقدت في الكلاب ).
-----------

كتب / م.عطية الدوسي الزهراني


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس