أولى درجات الهوية العبودية لله
أول منازل الهوية أن يعلم المسلم أنه عبد لله تعالى
وأن تعلم أنك عبد لله «كفى العبد عزا أن يكون عبدا لله تعالى
وأن يكون الله ربه»، مشيراً إلى قصة الأعرابي الذي مر بالحجاج
ودعاه إلى الطعام فقال دعاني من هو خير منك فقال من؟
قال الله إني صائم، فقال الحجاج للأعرابي أفطر اليوم وصم غدا
فقال الأعرابي: لو ضمن الأمير لي أن أعيش إلى غد فعلت،
وكذلك موقف سعيد بن جبير لما قال له الحجاج لأبدلنك من دنياك نارا تلظى.
فقال له سعيد: لو أعلم أن ذلك لك لاتخذتك إلها من دون الله؛
لذلك فهوية الإنسان الأساسية هو أنه عبد لله.
ولذلك فأول أمر أن يستشعر المسلم أنه عبد لله،
ولذلك عليه أن يسير وفق ما أعده له خالقه وأمره أن يسير عليه لكي يصلح حاله،
ولتعلم أن الله وهب لكل إنسان ما يصلحه ولذا ورد في الحديث القدسي
: (إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لفسد حاله،
وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لفسد حاله،
وإن من عبادي من لو أصححته لفسد حاله،
وإن من عبادي من لو أمرضته لفسد حاله،
وإن من عبادي من يطلب بابا من أبواب الدنيا فأكفه عنه حتى لا يصيبه العجب،
إني أدبر أمر عبادي بعلمي بهم، إني بهم عليم خبير).
من رزق الفهم في المنع عاد المنع عين العطاء
من رزقه الله الفهم في المنع فسيعود هذا الفهم عليه بالعلم
أن ما منع منه هو عين العطاء من الله؛ ولذلك قال الله تعالى
{يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور* أو يزوجهم ذكرانا وإناثا
ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير} يخبر تعالى أنه يعطي من يشاء،
ويمنع من يشاء، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع،
وأنه يخلق ما يشاء، فمن رضي وعلم أن هذا اختيار الله له سعد وصلح حاله.
ولذلك لما رضيت أُم الكليم موسى -عليه السلام-
بأمر الله وسلمت له بأن تلقي وليدها في اليم عاد إليها وتربى في حجرها
سالما معافى، ولما سلم يعقوب بأمر الله تعالى وترك يوسف عليه السلام
مع إخوته بعد أن قال لهم {إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب}
فلما سلم لأمر الله وقدم شرع ربنا على هواه عاد إليه يوسف
وزيرا فكانت المنحة بعد المحنة، فاعلم أنك لو رزقت الفهم في المنع
عاد المنع عين العطاء.
هويتنا الثانية لغتنا
ثاني درجات هويتنا: فما أعظم لغتنا العربية
وإن من العجب أن يتحدث إنسان وهو عربي وزوجته عربية وأبناؤه
وإذا به في بيته يتحدث بغير لغته، وهذا الذي يتنازل عن هويته،
ولذلك فلا يتكلم بغير العربية إلا لضرورة،
فإن ما ضيع قوم لغتهم إلا ضاعت هويتهم. ومن هوية المسلم التي كان يحرص عليها
النبي صلى الله عليه وسلم التواضع والخفاء في العمل،
لذلك فإن هذا التواضع يقود المسلم إلى الهوية الثالثة وهي الإخلاص.
فإذا كان العبد متواضعا قاده ذلك إلى الإخلاص ولهذا الإخلاص أمور مهمة
لا يعلمها إلا الله أولها: أن الملائكة لا تكتب الإخلاص لأنه بينك وبين ربك،
والثانية أن الشيطان لا يستطيع أن يعلم إخلاصك أو يصل إليه فيفسده عليك،
الثالثة أن الله عز وجل يقبل إخلاصك فيعينك عليه،
قال تعالى حكاية عن الشيطان {إلا عبادك منهم المخلصين}
ولكي تصل إلى الإخلاص عليك بتجديد النية فإذا أتيت إلى الصلاة
فأت بقلبك لذكر الله ولتكثير سواد المسلمين،
فجدد نيتك في كل أعمالك في طعامك وفي نومك وفي كل أمرك.
ودعا الشيخ الأزواج إلى تقوية هوية المؤمن في بيته
والتي تقوم على أمور أربعة: بالصبر والفضل
والتغافل والتغافر فكن في بيتك بساما ضاحكاً يسعد أهلك بك
وبرؤيتك وبوجودك معهم وفيما بينهم، ف
لاطف الصغير وداعبه واجعل ظهرك لهم مطية.
هوية الأوطان
فلا ينبهر الشباب بما يرونه في الغرب بل سماعك للقرآن نعمة كبيرة
وسماعك للأذان خمس مرات يوميا ولكن تذكر قول محمد عبده
حينما رجع من فرنسا
وقال: ذهبت إلى هذه البلاد فرأيت مئة أسطول في بلد يقول لهم كتابهم
«من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر»
وعدت إلى قومي فرأيت فيهم مئة مسطول وكتابهم يقول لهم
{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}،
ولذلك فهوية الأوطان ليست بالأغاني والمسلسلات ولكن بالعمل والاجتهاد.
أمة اقرأ لا تقرأ
وذكر الشيخ لأمة اقرأ والتي سبقت كل الفرائض
فأول ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء اقرأ،
مشيراً إلى إحصائية أن العرب لا يقرؤون إلا القليل
بما متوسطه 6 صفحات في العام؛ فأمة اقرأ لا تقرأ.
ودعا الشيخ في ختام المحاضرة إلى مجموعة من الآداب الإسلامية
التي تساهم في تأكيد الهوية الإسلامية الحقة التي يظهر بها أدب المسلم،
مشيراً إلى التعامل بالمال الحلال والحرص على عمل الخير،
ادعوا إلى التوقير في حياة الشباب فيوقر الصغير الكبير
ويعطف الكبير على الصغير،
وعليك أن ترد المظالم فيما بينك وبين الناس وفيما بينك وبين أهلك
وابدأ من اليوم برد هذه المظالم فلا تدري متى المنية.
------------
مشاركة /زهرة السوسن بلخزمر