عرض مشاركة واحدة
قديم 19-10-2013, 12:16 AM   #3
محمد الساهر
عضو مميز
 
الصورة الرمزية محمد الساهر
 







 
محمد الساهر is on a distinguished road
افتراضي رد: الزواج في الإسلام : حكمه – أهميته ، ودعوته إليه - لفضيلة الأستاذ محمد راتب النابل

نهي الإسلام عن الإعراض عن النكاح والأدلة على ذلك

شيءٌ آخر ، من لوازم هذا البحث أن الإسلام نهى عن الإعراض عن النكاح ، حتى لو كان بغرض الاشتغال بنوافل العبادات ، فأنت كونك مؤمنًا ينبغي لك أن تعبد الله لا على مِزاجك ، ولا على رؤيتك القاصرة ، لأن الله سبحانه وتعالى لا يُعبَد إلا وفق ما أمر ، فأي اجتهادٍ في عبادته مخالفٍ لنص القرآن الكريم وللسنة المطهرة هو اجتهادٌ مرفوض ، فينبغي لك أن تعبد الله وفق ما أمر ، وقد أمرك بالزواج ، أما أن تتوهم أن عبادة الله من دون زواج تكون أقرب ، أو أكثر قبولاً ، فلا ، والنبي عليه الصلاة والسلام قمة البشر في تقواه قال :

(( أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ـ ومع ذلك ـ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )) .

[متفق عليه]
فالاقتران بامرأة لا يعني أنك أقل مرتبة عند الله مِن الذي لم يقترن ، بالعكس فالزواج يستكمل به الدين فليتق الله في النصف الآخر ، قال الله تعالى :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
( سورة المائدة )

يقول الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية : << قال علي بن أبي طلحة : عن ابن عباس رضي الله عنهما نزلت هذه الآية ، في رهطٍ من أصحاب النبي e ، قالوا : نقطع مذاكرنا ، ونترك شهوات الدنيا ، ونسيح في الأرض ، كما يفعل الرهبان ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلَّم ، فأرسل إليهم ، فذكر لهم ذلك ، قالوا : نعم ، فقال عليه الصلاة والسلام :

(( لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأنام ، وأنكح النساء ، فمن أخذ بسنتي فهو مني ، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني )) .

هذه الآية نزلت بهذه المناسبة :




يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ

ينبغي أن تعبد الله وفق المنهج الذي أراده لك ، وفي حديثٍ آخر رواه الإمام البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال :

(( جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ـ أي رأوا أن عبادتهم قليلة أمام عبادة النبي e ـ فَقَالُوا : وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ أَحَدُهُم : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي )) .

( صحيح البخاري)

وأرقد : رقد ، وركض ، وركد .. ركد أي سكن ، ماءٌ راكد ، رقد نام ، ركض عدا .

وروى الإمام البخاري عن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلَّم رد على عثمان بن مظعون التبتل ، أي رفض منه التبتل ، كلكم يعلم أن أمر النبي سنة ، وأن نهيه سنة ، وأن سكوته إقرار وهو سنة ، وأن صفته سنة أقواله وأفعاله وإقراره وصفاته ، كلها من السنن .

فما دام هذا الصحابي الجليل أراد التبتل ، وابتعد عن امرأته ، وقالت عنه بذكاءٍ بالغ : إنه صوّامٌ قَوّام ، أي شكت زوجها للنبي e ، بهذه العبارة ، إنه صوّامٌ قوَّام ، فالنبي عليه الصلاة والسلام استدعى عثمان بن مظعون وقال : يا عثمان ، أليست لك بي أسوة ؟ أي أن هذا الذي تفعله لا يرضي الله عزَّ وجل ، تروي كتب السيرة أنه بعد حينٍ دخلت امرأة عثمان بن مظعون على السيدة عائشة ، وقد رأتها نضرةً عطرة ، فقالت : << كيف حالك ؟ قالت : أصابنا ما أصاب الناس >> .

أي أن عثمان بن مظعون التفت إليها بعد أن تركها ، إذن حينما ردَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم على عثمان ابن مظعون التبتُّل ، هذا الرد كأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى به عن التبتل .

وروى الإمام أحمد عن أنسٍ رضي الله عنه قال :

(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِالْبَاءَةِ ، وَيَنْهَى عَنِ التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا ، وَيَقُولُ : تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) .

( مسند أحمد : رقم " 13080 " )

نهى e نهياً شديداً ، وقال : (( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) .

يقول أحد العلماء تعقيباً على هذا الحديث : " هذا حثٌ على النكاح شديد ، ووعيدٌ على تركه يقرِّبه إلى الوجوب ( النكاح ) والتخلِّي عنه ، يقربه إلى التحريم " .

وذكر سعيد بن هشام بن عامر أنه سأل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن التبتل فقالت : << لا تفعل ، أما سمعت قول الله تعالى :

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً
( سورة الرعد : آية " 38 " )

فلا تتبتل >> .

وروى الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة عن شداد بن أوس رضي الله عنه ، وكان قد ذهب بصره ، قال : << زوِّجوني ، فإن رسول الله e أوصاني ألا ألقى الله أعزبَ >> .

صار الزواج نوعًا من الطاعة لله عزَّ وجل .

وعن سيدنا معاذ رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه قال : << زوجوني ، إني أكره أن ألقى الله أعزبَ >> .

وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنه قال : << لو لم أعش ، أو لم أكن في الدنيا إلا عشراً لأحببت أن يكون عندي فيهن امرأة >> ، ولو لعشرة أيام .

وسيدنا عمر له قول مؤثر جداً ، يبدو أنه قد رأى رجل عزف عن الزواج ، ويبدو أنه في مكنته أن يتزوج ، فقال رضي الله عنه : << ما يمنعك من النكاح إلا عجزٌ أو فجور >> .

أي أن الذي ينصرف عن النكاح إما يفسَّر هذا بعجزه أو مرضه ، أو يفسر بفجوره .

آخر قول للإمام أحمد بن حنبل ، يقول : " من دعاك إلى غير التزويج ، فقد دعاك إلى غير الإسلام " .

وبالطبع أنا لم أضف إلى معلوماتكم شيئاً جديداً ، كلكم يعلم علم اليقين أن الإسلام دعا إلى الزواج ، وأن الزواج من سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، وأن الإنسان بالزواج يستكمل دينه ، إلا أن الموضوع الذي أردت أن أخوضه في هذه الدروس ليس تقرير هذه الآيات والأحاديث ، فهذه تعرفونها جميعاً ، وما زدت على ثقافتكم شيئاً بتلاوتها على أسماعكم ، إلا أنني أريد ، أو نريد في هذه الدروس أن نضع اليد على الجروح والعقبات ، ما الذي يحول بين الشباب وبين الزواج ؟ هناك أسباب مادية ، وهناك أسباب اجتماعية ، وهناك فقر حقيقي ، وهناك فقر مصطنع.

أسباب العزوف عن الزواج




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



MOHAMMED ALSAHER





أتمنى متابعتي ومشاركتي عبر تويتر والفيس بوك

@m5mmm
أخر مواضيعي
محمد الساهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس