عرض مشاركة واحدة
قديم 20-10-2013, 01:19 PM   #4367
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

رسالة مفتوحة
ومن خلال تجربتي في الحياة ..أقول لك :
أني عرفت أناسا كانوا ابعد الناس عن الله سبحانه ، وانجرفوا في صور من الملذات والشهوات ، ثم عادوا إلى باب مولاهم الذي لا غنى لهم عنه .. واصطلحوا معه ، وحسنت توبتهم ، وصدقوا في طاعتهم .. فتجدهم يقولون لك : والله إنا لنشعر اليوم بحلاوة في قلوبنا ما كنا نذوق عُشرها ، لا والله ولا دون العُشر منها !!

وقد يقول لك بعضهم وهو يقسم لك بالله : إني اشعر كأنما ولدت من جديد !
بل ربما سمعت بعضهم يقول : والله إني حين أتفكر في حياتي السابقة ، أبكي حسرة على ضياع ذلك العمر ، بعيدا عن ربي سبحانه .. ثم أبكي مرة أخرى فرحا وحمدا وشكرا ، حيث لم يقبضني على تلك الحالة السابقة !!
والقصص كثيرة جدا في هذا ، تجدها تحت كل سماء ، وفي كل أرض ..!
فكل صادق مع الله سبحانه يجد مثل هذه المشاعر أو قريب منها ..
يحس معها أنه في جنة معجلة ، كرما من الله ورحمة ..!
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )
لاحظ كلمة ( يحييكم ) .. نعم إن الإقبال على الله حياة ، ونعم الحياة !
وكأنما المعنى : أن البعد عن الله والإعراض عنه : موت قبل الموت !
وثق أنك لن تجد سعادة القلب ، إلا بقدر إقبالك على ربك سبحانه .. على قدر ما تجتهد في الإقبال عليه ، يذيق قلبك ألواناً من كرمه ، تجعلك تطرب أي طرب وتردد في انتشاء قول القائل :
ومما زادني فخراً وتيها

وكدتُ بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي

وأن صيرت أحمد لي نبيا
أما المعرضون عن ربهم ، المنغمسون في وحول شهواتهم الصغيرة ، فهم أضل من الأنعام كما قرر الله سبحانه ، وهو الذي خلقنا وخلقهم حيث قال :
( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل !! ) أتعس حالاً من هذه البهائم !!
فلا يغرنك ما تراه عليهم من مظاهر الأبهة والبهجة ،
إنما هي أشبه بالورم ،
وليس من صحة أن يكبر الورم !!؟
( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل )
لاحظ أنه جعل حياتهم هي هي حياة البهائم ..
أكل وشرب وتمتع بشهوات البطن والفرج ثم لا شيء !!
فإذا فارقوا هذه الحياة سيعضون بنان الندم ، ويقرعون سن الحسرات ويصيحون:
( رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت !!! )
أما المؤمنون الصادقون فإنهم في جنة قبل دخول الجنة !
يقول أحدهم : إنه لتمر علي ساعات من فرح القلب ، حتى أني أقول : لو كان أهل الجنة يشعرون بما اشعر به الآن ، إنهم لفي عيش طيب !!!!
ويقول آخر : لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من لذة ، لقاتلونا عليها !!
ويختصر لك كل هذه المعاني والأقوال ، قول الله سبحانه :
( إن الأبرار لفي نعيم ) في الدنيا ، وفي البرزخ ، وفي القيامة
( وإن الفجار لفي جحيم ) في الدنيا ، وفي البرزخ ، وفي القيامة !!
فلا يستخفنك الذين لا يوقنون حين تراهم يظهرون منتفشين كالديك ..!
أخي الحبيب ..
مرة أخرى أعود فأقول لك .. الحديث ذو شجون ... لأنه حديث عن الحبيب ، وما يقرب من الحبيب .. ولذا فإني أؤكد لك أنني لا زلت حتى الآن في مقدمة رسالتي ..!! ويبدو لي أني سأكتفي هذه المرة بالمقدمة ..!!
على كل حال .. لن يخفى عليك سر هذه المقدمة ، وسبب هذا الاسترسال في هذه المعاني ، فلقد فرحت والله أيما فرح حين بلغني أنك اصطلحت مع مولاك سبحانه، وعدت إليه ، وأقبلت بقوة عليه ، وصرت مرابطا على بوابات الطاعة ، تنافس فيها المتنافسين ، وخلعت نفسك مما كنت فيه مما كان يصرفك عن باب الله سبحانه ، ويشغلك بملهيات كثيرة تشدك بعيدا عن باب السماء ، ولكم كنت أدعو الله لي ولك ، أن يأخذ بأيدينا إليه أخذ الكرام عليه ..
لقد جربت _ كما جربت أنت _ حياة البعد عن الله ، فلم نذق منها إلا كدر القلب ، وعذاب النفس ، وغربة الروح ، رغم ما كان الواحد منا يتوهم أنه سعيد ، لكن تكشفه ساعات الخلوة بينه وبين نفسه ، حتى ليكاد يضيق بالأرض كلها ، وتضيق به الأرض وما عليها ..!
فلما أكرمنا الله سبحانه بالعودة إليه ، والعيش معه ، والمبادرة إلى رحابه ، سكنت النفس ، واطمأن القلب ، ورفرفت الروح ، وطابت والله الحياة ، رغم شدائدها !!

إنها الجنة يا أخي .. ورضوان من الله أكبر ..
الجنة ورب الكعبة ، يذوق شيئا من طيباتها قبل الموت
بشرط أن يجهد جهده أن يعيش في موكب الأنبياء عليهم السلام
مقتفيا سيدهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ..
فإذا صدق الله ، وأحسن التشمير ، وجعل شعاره الدائم : وعجلت إليك رب لترضى ..ذاق بقلبه ما عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا حتى خطر على بال بشر !!
يا ابن الكرامِ ألا تدنو فتُبصر ما

قد حدثوك فما رآءٍ كمن سمعا

يعني : ليس من رأى كمن سمع !
فامض في طريقك ولا تلتفت إلى السذج من السفهاء واجعل غبارك في أنوفهم !!

وأخيراً أوصيك :
بأن تكثر من ذكر الله سبحانه في كل أوقاتك ، وحيثما كنت ..
ولله در القائل :
والذكرُ أعظمُ بابٍ أنت داخلهُ
لله ، فاجعل له الأنفاس حراسا
وكما قال بعض العارفين : كما يرزقك مع الأنفاس ، فاذكره مع الأنفاس ..!
وقبل هذا ومعه وبعده أوصيك بأن تعض على الفرائض بكل أسنانك ، تبادر إلى الصلاة في أول وقتها ، وات تجهد أن تجمع قلبك فيها ومعها ،

وأن تستغل وقت انتظار الصلاة وبعد الفراغ منها ولو لدقائق ، في تلاوة القرآن الكريم ، تعطر به روحك ، وتغذي به قلبك .. فإنك إذا حرصت على ذلك ستجد أنك تقرأ كل يوم ما لا يقل عن ثلاثة أجزاء من الكتاب الكريم .. فإذا شمرت بعد ذلك ستجد نفسك تقرأ كل يوم خمسة أجزاء ويزيد .. ولا تنس أن كل حرف من القرآن لك به عشر حسنات ..
فبالله عليك لو قيل لك : ستعطي بكل كلمة منه _ وليس كل حرف _ عشرة دراهم ، ألن تجد نفسك مشمراً في الإقبال عليه بكل همة ، تحاول أن تقرأ منه أكبر قدر في كل يوم ، فاعلم أن الحسنة الواحدة خير لك من ألف درهم !!!
ثم أوصيك بالصحبة الصالحة ، لأنها ستشكل لك بيئة طيبة ، تجد فيها ومعها ما يغذي قلبك ، ويزكي نفسك ، ويحول بينك وبين الرعونة ..
وأخيرا .. حين تجد نفسك تعثرت ، واستطاع الشيطان أن يقتنص منك فرصة ليوقعك فيما لا يحبه الله _ وكلنا ذلك الرجل _ فلا تيأس ، ولا تستسلم ، بل اجعل من كل عثرة ، عامل عزيمة جديدة ، وهمة جديدة ، وتشمير جديد أقوى .. وهكذا
وإن أنسى فلا أنسى أن أوصيك بأن تجاهد نفسك على أن تضبط لسانك ، فكم في النار من صريع لسانه !!
فاحرص على أن لا يدور إلا بذكر وتذكير ، ومناصحة ، وكلام طيب معطر .. مع عدا ذلك فصم عنه صيامك عن الطعام والشراب في نهار رمضان !
وقبل وبعد .. لا تغفل ساعة عن الدعاء والتضرع لله أن يحفظك ويكرمك ويزيدك من كرمه ، وأن لا يتخلى عنك ، وأن يجعلك مباركا أينما كنت ..
في الختام ..
كثف اهتمامك بكل ما يجذر ويعمق ويعزز قضية الإيمان في قلبك ، فإن الإيمان الحق شجرة ظليلة ، تثمر أعمالاً صالحة تراها عيون الدنيا ، وتهلل لها الملائكة ، ويفرح بها الكون .. !
أخي ، مرة أخرى أقول لك محذراً :لا يستحفنك الذين لا يوقنون ، ممن أداروا ظهورهم لربهم سبحانه وهو يرزقهم ليل نهار ، احذرهم على دينك أشد مما تحذرهم على مالك وعرضك !
انفض عنك غبار ذلك النوم الطويل ، نوم الغفلة عن الله لترى ثم ترى نعيما وملكا كبيرا !!
أفق فالنومُ للقلب الخلي
وكيف ينام ذو القلب الشجي ؟
أفق فاللهو للعاصي هلاك

وكيف يهيم ذو النفس الأبي ؟
أفق فالدين للدنيا ضياء

وكيف يحار ذو الروح النجي ؟
وحلّقْ في سماء الحب واسمع

لتاريخٍ من النور الوضي

اعذرني أخي الحبيب على هذه الإطالة ، ولكن ما باليد حيلة ، والله لقد وددت أن أكتب إليك أضعاف مضاعفة مما كتبت ، ولكن أحسب أن في هذه الكلمات ما أتمنى أن ينفعك الله به ، فإذا كان الأمر كذلك فإني أطلب منك أمرين :
أولاهما : أن تدعو لي بظهر الغيب ، فإني والله محتاج لدعواتك الطيبة
ثانيهما : أن تتشرب هذه المعاني ، وتسعى لتنفع بها آخرين وآخرين .. لعلي أشاركك في الأجر ، فإن الدال على الخير كفاعله ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
--------------

للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس