وتمضي السنين ويبدا في مرحلة كبر الشيخوخة وتبدا الالام الام ركبتيه التى لطالما اتعب مفاصلها في الركوع والسجود الى ان تاكلت ويحتمل الالم ويقاوم ويذهب للمسجد ويزيد الالم فيمسك بالعصا لتعينه على تلبية النداء في المسجد وتزيد الالام ليتنحى عن الامامه في الصلاة
لانه أصبح يصلي قاعدا على الكرسي وكم هو الالم في قلبه لكنه يخفيه ويواسيه في ذلك انه مايزال في المسجد فلا فرق ان كان اماما او ماموما فاااان للفارس ان يترجل فكم من سنوات قضاها اماما يصلي بالناس يدعو في التراويح فيهز قلوب المصلين ويجري مدامعهم وتنطلق دعواتهم له احبه الأطفال قبل الكبار فيه تواضع عجيب وبساطه ولا تفارق محياه البشاشه .
يوم ان كان يرى إهمالي في الصلاة كان ينصحني
ويقول لي ان الصلاة مفتاح الرزق ويحكي لي عن ايام عاشها في فقر وتعب وشقاء وماان وسع الله عليه ورزقه من فضله واخوته لما كبروا في السن وتقدم بهم العمر ماكان ذلك الا بعد فضل الله ثم حفاظهم على الصلاة في الجماعة وقد قالها ربي جل وعلا في كتابه ورتلها لي والدي مرارا وتكرارا ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )
كان اكسل واحد من العائلة يدرك الركعة الأخيرة وهذا في نظرنا اكسل واحد ومهمل سبحان الله اذن في زماننا ماذا يسمى من لا يصلي اصلا ؟؟؟ ويضعف ذاك الجسد ويجري عمليه في ركبتيه لا لشئء سوى ان يرجع يصلي قائما كما كان فكم وكم يشعر بالحزن لانه لا يستطيع ان يقف على قدميه راضيا بقضاء ربه متمسكا بالامل ويقول لي غدا باذن الله ارجع أصلي بكم الصلوات والتراويح فتنهمر دموعي حبا وحنانا على ذاك الوالد
الذي مافتئ يسقيني من كاس الحب لهذا الدين وللصلاة لم يضربني في يوم من الأيام برغم شقاوتي بل كان يحميني من قسوة أمي واهرب اليه لم يضربني سوى لأجل الصلاة أتذكر أول (كف ) أخذته على وجهي يوم ان ايقظني لصلاة الفجر كعادته وكنت من صاحبات الأعذار سقطت عني الصلاة لكن خجلي وحيائي منعاني من مصارحة والدي فما كان مني سوى ان استيقظت وذهبت اغسل وجهي ثم ذهبت للمطبخ في محاولة لتمضية الوقت حتى يذهب ابي للنوم
ولم اكن اعلم انه يتابعني سبحان الله كلما تذكرت الموقف تعجبت وكأنه استاذا في التربية لم يكتفي ان يوقظني بل يتابعني عن بعد فيكتشف امري بفراسته وذكائه ليعرف اني كذبت عليه ولم أصلي فيغضب ويثور ويضربني على وجهي فاحس بالظلم الذي أنساني الم الضربة فاصرخ لأوضح له عذري واجري لغرفتي باكية اخذني الدلال الذي غمرني فيه لاجهش في البكاء لافاجا ظهر ذلك اليوم باعتذاره ونحن على الغداء ؟؟؟؟
معقول اب يعتذر ويطلب السماح من ابنته المراهقة ؟؟؟ نعم والله ليس بمستغرب على اب رحيم حنون يحمل في جنباته قلبا ينبض حبا ورحمة قالها (سامحيني يابنيتي ولا حياء في الدين لو اخبرتيني بعذرك ماكنت ضربتك ظننتك تكذبين وانا اسامح في كل شئ الا الصلاة ) الله اكبر علمني بضربه قيمة هذا الدين وكيف اني لا اقبل اي مساومة عليه ولا ابيع ديني ولا بكنوز الدنيا وفرضا واحدا من صلاتي يسوى الدنيا باسرها
وعلمني باعتذاره درسا في الاعتراف بالخطا وعدم المكابرة مع انه اب ويحق له ان يكابر ويكتفي بالاعتذار لكنه والله ماتركني الا وانا اضحك وما فتئ يستمر بطلب السماح وانا أماطل في دلال الطفولة وقلبي يقفز فرحا بودي ان اقبل قدميه قبل رأسه .
كنا في رمضان نعيش أجمل أيامنا كان لا يجلس على الطعام الا ويده ممسكه بي وانا التي كنت أماطل وأتأخر بالمطبخ حتى أضيع الوقت لكن اين المفر من اب ذكي متابع لا تنطلي عليه مشاغباتي فيمسكني مع يدي لنجلس ندعو عند الإفطار فاللصائم دعوة مستجابة عند فطره كما ورد في الحديث ... علمني ان أتذوق روحانية هذا الشهر كما أتذوق ألذ الطعام او الشراب
كان يقول لنا نحن ناكل لنتقوى على الصيام والعبادة ولسنا نصوم لناكل فكان كثيرا ما ينبه على أمي بعدم الإكثار من أصناف الطعام حتى لا تضيع وقتها في المطبخ سبحان الله اذهب معه للمسجد لايفتا لسانه من ذكر الله عزوجل كان يوبخني لو راني أصلي وأقوم بدون قراءة اذكار او تسبيح ....
ااااااااااااااه ما أجملها من أيام ليتها تعود انظر اليوم اليه يجلس على كرسيه المتحرك لا يقوى على الوقوف او الحركة خارت قواه وضعفت عظامه ووهنت لايسال عن طعام او شراب لا يسال سوى عن الصلاة ضعف عقله وذاكرته يصلي لا يعي ما يقول لكن عقله وقلبه متيقظ لشي واحد فقط الصلاة لا غير يسألني ويسال السائق ويسال الوالدة هل صليت العصر هل صلينا المغرب هل وهل وهل يالهذا الرجل وقد أصبح من أهل الأعذار بل سقطت عنه الصلاة لانه لا يدرك
لكنه لم يسقطها عن نفسه يحمله السائق كطفل صغير الى السيارة ليذهب ويصلي بالمسجد المغرب والعشاء والجمعة اما بقية الصلوات فاما يصليها في البيت واما لا يصليها اصلا لذهاب عقله انظر اليه والى ذلك النور في وجهه والى عينيه وكانه يقول لي بنيتي اما وقد ضعف جسدي عن صلاة الجماعة فكوني كما ربيتك حافظي انتي عليها
وانشئي ابنائك على حبها بنيتي كم اشتاق للمسجد كم اود ان أذهب لأصلي بنيتي انتي في شبابك وقوتك وصحتك فاستثمري تلك النعم في كثرة الصلاة والعبادة حتى تنالي خير الدنيا والاخره ... لله درك ابتاه ربيتني وأحسنت تربيتي وعلمتني حب هذا الدين والتفاني لخدمته .. لله درك يامن جمعت بين صفتين لتفوز بظل العرش باذن الله فنشات في طاعة الله وتعلق قلبك بالمساجد فهنيئا لك ابتاه فنيت شبابك وقوتك في طاعة ربك وستبقى باذن الله يطيل الله عمرك لتزيد وتزيد من الطاعات والقربات وسأكون باذن الله كما ربيتني لن اضيع تربيتك .....)
وبعد أحبتي في الله قالت لي ابنة بطل القصة انها ما اذنت لي ان اذكر قصة والدها لمجرد الافتخار فقط او التأسي فهناك الكثير والكثير من الصالحين بعد نبينا عليه السلام وصحابته والسلف الصالح نقتدي بهم لكن الهدف من القصة هي رسالة منها على لسان والدها موجهه الى ذلك الشاب الذي انعم الله عليه بالصحة والعافيه فسمع النداء للصلاة واعرض اهمالا وتكاسلا بينما لا يكسل ويمل ان يجوب الشوارع طولا وعرضا ...
سمع النداء لصلاة الفجر وهو من كان يسهر ليلة كاملة وتكاسل عن ربع ساعة او نصف ساعه في صلاة الفجر ... من كان بري ابنائه وبناته مابخل عليهم بشئ لكنه بدافع الحب تنازل وغض الطرف عن المطالبة بالصلاة وحفاظهم عليها حرص ان يلبي طلباتهم واحتياجاتهم وحرص ان يكونوا في احسن حال من ماكل ومشرب وتعليم وفاته ان يحرص على حمايتهم من النار ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) غفل هو وغفلت تلك الام ان يحرصوا ان يكونوا مجتمعين في الجنة كحرصهم على اجتماعهم في الدنيا بحفاظهم على الصلاة والصبر عليها وعلى الطاعات بل غفلوا عن قوله تعالى ( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ )
رسالة إلى كل فتاة وشاب وأم وأب ان يحافظوا على الصلاة قبل ان تمر بهم السنين وتضعف أجسادهم وقواهم ...
------------
للفايدة