رواية ( تكنف )
(1)
في سفح ذلك الجبل , فتاة بلغت من العمر مبلغه , لم تتزوج , لم يتقدم لها أحد لخطبتها , كانت تعيش وتسرح في خيالاتها المعهودة .. تمضي اليوم كله بين النوم في خدرها وبين ملاعبة الأطفال الذين حرمت منهم.. تنظر الى الجبل وصدقوني ان قلت لكم أنها أحصت حجارة ذلك السفح عددا.. هالة سوداء كبيرة تحت عينيها.. من السهر الذي أرق نومها .. تقول بأنها سوف تتزوج من شاب كبير , ولكن القدر معها على موعد.. اذ في يوم من الأيام رأت شابا يكبرها ببضعه أيام ووقع في نفسها ما وقع بأنه فارس أحلامها.. كانت ذا قدر كبير من الجمال , لم تخرج من تلك القرية الا لماما , من المطبخ الى غرفة النوم , كانت تجيد الطبخ بصورة عالية . أما أهلها فإنهم ساهون لاهون في غيهم يعمهون , لم يشعرون يوماً أنها تميل الى الستر والعفاف وتريد أن تنجب أطفالاً كسائر النساء وكما جرت العادة , تهرع الى غرفتها المتواضعة ثم تصلي صلاة الخائف المذعور.. تقول في نفسها : رباه كم كبرت وأنت ملجئي ! أما من أمر الشاب فلقد باغته الشعور بالحسرة على تلك الفتاة التي كانت تسمى ( نهى ) , لم تكن تقرب له بصلة لكنهم كانوا جيرانهم في يوم من الأيام لمدة أربع سنوات.. كانت تأتيهم البيت وتطلب من أخيه الأكبر أشرطة غنائية ثم لا تلبث أن ترحل غير آبهة بما يعتمل في قرارة نفسه.. شيء ما حدث في القرية , جائت قبيلة أخرى لتستوطن الديرة ! كانوا من الخضيريين التي تعلو سيماهم خضرة قانية.. لا يعرف لهم أصل وفصل , وكانوا ذا دخل محدود يقتاتون على جز الشجر وبيعه في السوق السوداء , يبيعون الفحم وقليل منهم يسرقون لكي يعيشون يومهم..
يتبع ..
|