[امرؤ القيس ♡]

( 25 )
تلك القريتين آتت نصيبها من الدنيا .. في كل يوم ولادة جديدة .. وفي كل يوم هناك وفاة .. دخلت القريتين مواريثها من المزارع ومن سقيا تفيأت ظلالها الأشجار حتى احدودبت خجلاٌ .. يتعارض الجديدان في صك الغفران .. وأحدهما يخاصم الآخر ’ كيف تتدخل في شأني ؟ كيف تدعو الناس الى استباحة حرمتي ؟ الناس هم الناس لكن ذبحهم السهر .. يرقدون وتحسبهم أيقاظاٌ ويعون وتحسبهم نياماٌ .. الديرة موطن الشموس .. تفشى فيها الجهل لكن !! لا شك أن هناك من هم أصحاب علم ومعرفة .. ان الأمم لا تموت ولكن تهرم .. قبيلة ابراهيم بن جميع هي قبيلة ذات علم رحلت الى المغرب لطلب العلم .. والى الشام والعراق والسودان .. وفي كل مكان لهم بصمة .. استفحلت قضية شغلت ( علي ) .. ألا وهي الزواج من أجنبي .. ألم نقل لكم أن ( علي ) لم يعد مؤمناٌ كعادته ؟
( علي ) منشق عن القبيلة , ويريد النأي بها الى مصاف الصعلكة ! يقول : " كيف للشذوذ أن يصل الى هذه القبيلة ومن فتح الباب على مصراعيه لخروج أبناء القبيلة وبناتها الى الغريب والأجنبي ؟ " كما جرت العادة أن قبيلة ال السني والتي تنتسب الى جدها الأكبر ( ابراهيم بن جميع ) لم تكن تزوج بناتها من غير القبيلة ! ومن العادة التي فهمها البعض أن الصدقة لا تحل لهم ! بل لهم حق في الخمس من الدولة كما يفعل بالأشراف ؟ يقول ( علي ) : " هل آل السني من قبيلة زهران العظيمة أم أنها قبيلة أحلاف تحالفت مع زهران أيام الجوع والحروب ؟ " كل تلك الأسئلة لم تكن ذات مغزى الى قلب ( علي ) ! بل لم تكن تشغل باله ولم تأخذ حيزاٌ كبيراٌ في باله ! كل ما كان يشغل باله هو ( وجد ) وأين هي الآن ؟ هل هي في الداخل أم في الخارج ؟ وماذا تفعل بوقتها الكئيب ؟ رباب ربة البيت تصب الخل في الزيت ! قينة تعمل لدى أهل ( وجد ) ثم يحاسبونها بالشهر ! ويرتاح البال من عنفوان الأخوة الحائرين في تواطئ مع ( عبدالله ) ! يفترعها سفاداٌ ثم يمتطي صهوة الجمس الى أقاصي الدنيا !